الشارع يصعّد بوجه السلطة.. بين السلمي والعنفي

بدنا نحاسب
في غمرة المحاولات الحثيثة لنقل الملفات الخلافية والأزمة من الشارع إلى طاولة الحوار التي حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري التاسع من أيلول الجاري موعداً لجلستها الأولى في مجلس النواب، بدأ الحراك الشعبي نمطاً جديداً من التصعيد لتحقيق مطالبه لتتخذ منحى تصعيدياً ينذر بخطر يؤثر على الاستقرار العام في البلاد

المنحى التصعيدي بدا أنّه يسابق انطلاقَ طاولة الحوار الجديدة، وذلك بحسب إعلان لجنة المتابعة لـ”تحرّك 29 آب” التي دعت إلى “اعتصام حاشد في بيروت يوم 9 أيلول سنعلن عن مكانه وزمانه لاحقاً، احتجاجاً على انعقاد طاولة الحوار، حوار المحاصَصة والفساد والتسويف والمماطلة”، وذلك قبل ساعات من نفاد مهلة الـ 72 ساعة التي كانت حدّدتها هيئات منظمات المجتمع المدني للحكومة لتلبيةِ مطالبها.

إقرأ أيضاً: 29 آب: خوف وخيبة من 2005.. حيرة وحلم 2015

التصعيد أمس بدأ بخطوة مفاجئة إذ اقتحم المتظاهرون وزارة البيئة في مبنى اللعازرية في وسط بيروت، وبلغوا مكتب الوزير محمد المشنوق الذي حوصر ساعات قبل أن تتدخّل القوى الامنية فتخرج المعتصمين بالقوة. ولم ينته الاعتصام

إلا بالمواجهة مع القوى الامنية ورشق عناصرها بالحجارة وعبوات المياه وبعض المفرقعات. وزارة الداخلية تدرجت بخطواتها من التفاوض الى استقدام قوة من مكافحة الشغب الى قطع البث التلفزيوني قبل اخراج معتصمين من الوزارة بأقل قدر ممكن من العنف.

ورأت جريدة “المستقبل” أنه بمعزل عن المد والجزر الذي طغى على الضفتين السياسية والشعبية حول تداعيات دخول ناشطي حملة “طلعت ريحتكم” أمس إلى مبنى وزارة البيئة ، وبغض النظر عما أثير من تساؤلات حول مدى تأثير هذه الاستقالة على حل أزمة النفايات، لا بد من الإقرار بكون هذه الحملة استطاعت بخطوتها التصعيدية هذه أن تثبت قدرتها على اجتراح خطوات سلمية مبتكرة لإيصال صوتها وفرض أجندتها على شريط الأحداث من خلال التكتيك المباغت الذي اعتمدته أمس واحتلت على أثره شاشات التلفزة التي تناوبت على تغطية الخبر مباشرةً عبر الأثير في عرض تشويقي متواصل استمر من منتصف النهار حتى ما قبل انتصاف الليل بقليل.

اعتصام وزارة البيئة

ولفتت جريدة “السفير” إلى أنّه أبعد من النقاش حول صوابية مبدأ الاعتصام في داخل الوزارة او عدمها، فإنّ أهم ما كشف عنه تحرك الأمس هو أنّ الانتفاضة ليست مجرد زوبعة، أو”هواية” يمارسها المتحمسون، بل هي تعبير عن مسار مستمر ومتجدد، لن تنفع محاولات احتوائه او تشويهه، من دون أن ينفي ذلك ان هناك ملاحظات مشروعة على بعض آليات الحراك، يُفترض بالقيمين عليه ان يأخذوا بها، حرصاً عليه ومنعاً لحرْفه عن وجهته الأصلية.. ما جرى أمس في وزارة البيئة ابعد من مسؤولية الوزير محمد المشنوق او قيادة الحراك المدني. انه نتاج طبيعي لـ”الفساد المستدام” في الدولة.

الأولوية للتفاوض والتهدئة

وأشارت جريدة “اللواء” إلى الجهود الحثيثة التي كان يبذلها كل من الرئيس تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق، اللذين تواصلا طوال النهار وحتى ساعات المساء، لنزع اللغم الذي كان زرع في ليل، منذراً بتهيئة الأرض لانفجار واسع أو انفجارات متكررة، من خلال اقتحام مبنى وزارة البيئة ومحاصرة الوزير محمد المشنوق في مكتبه والمطالبة باستقالته.

وأكدت مصادر السراي الكبير لـ”اللواء” أن التعليمات التي أعطيت للقوى الأمنية شددت على إعطاء الأولوية للتفاوض والتهدئة واستنفاد كل الوسائل المتاحة لإخراج المعتصمين.

وقالت “اللواء” إن ثمّة هدفاً آخر صوّب عليه المعتصمون وهو وزير الداخلية نهاد المشنوق، بقصد إحراجه لإخراجه أيضاً، لكن الرجل، بالتنسيق مع رئيس الحكومة كان واضحاً منذ بدء الاعتصام قرابة الأولى من بعد الظهر، وهو التعامل مع المعتصمين بهدوء ومن خلال التفاوض بشكل سلمي لكنهم إذا أصرّوا على رفض إخلاء الوزارة فلكل حادث حديث، وبقي على هذا الموقف حتى ساعات المساء الأولى، أي قرابة السادسة مساءً، عندما وجد أنه لا بدّ من اللجوء إلى القوة لإخراج المعتصمين ولكن من دون إفراط في استعمال هذه القوة .

السابق
الهاربون السوريون إلى أوروبا: قتلهم وإغراقهم للإتجار بإعضائهم
التالي
مقتل سوري في عيترون.. حزبيون هدّدوا المحقّقين: إقفال القضية أو الرصاص!