شاهد الجوع السوري على أرصفة الفقر البيروتي

مشاهد حزينة نلتقطها في أقلّ من ربع ساعة على رصيف الفقراء، وقصص مخيفة لأطفال فقدوا أبسط مقومات الطفولة في منطقة تتآكلها الحروب وتحكمها جوقة من الفاسقين. رصيف الفقراء تحت جسر الكولا في بيروت تقطنه عشرات العائلات السورية، أفرادها، من أطفال ونساء وبعض الرجال، يفترشون الأرصفة تحت حرّ الصيف وبرد الشتاء، لطلب التسوّل وطلب المساعدات من المارة لتأمين أبسط حاجاتهم، أي المأكل والمشرب.

في ظل الأزمة السورية المستمرة، لم تعد بيوت بيروت وجوارها تكفي لاحتواء أعداد اللاجئين السوريين المتزايدة، ولم يعد لبنان قادراً على استيعاب أعداد أخرى من العاملين في أيّ من قطاعاته، ما اضطرّ قسما كبيرا منهم الى المبيت على الطرق هربًا من الموت المحتّم في بلدهم.

تعيش عشرات العائلات السورية على الأرصفة والمستديرات، يبيتون على ألواح من الكرتون أو فراش قديم، يفترشون تلك الأرصفة بالشراشف ويضعون الأقمشة البالية والرقع وسجادات الصلاة وأي شيء فوقهم من شأنه أن يقيهم من حرارة الشمس.

IMG-20150715-WA0042

أطفال ونساء ورجال يقيمون على الرصيف المجاور لجسر الكولا في منتصف بيروت. يجلسون قرب حائط موقف الجامعة العربية، وفي أي مكان حيث هناك رصيف يستوعبهم، غير آبهين بشيء. كل يوم أمرّ في ذاك المكان خلال طريقي إلى العمل. وكل من يمرّ يوميًا يكتشف أنّ عددهم يتزايد على الرغم من دوريات الشرطة التي تمر باستمرار من ذاك المكان وتبعدهم عنه. إلاّ أنّ مأساتهم لا يمكن إلا أن تزيد بطردهم. فيعودون الى ملجئهم الوحيد، أي الرصيف، عند المغيب.

على رصيف الفقر هناك أطفال يلعبون، وآخرون يقتربون من سيارات المارة يطلبون الطعام أو أيّ مساعدة ممكنة، وغيرهم يدفنون براءتهم ويتحولون الى وحوش جاهزة للانقضاض على أي شخص يقترب من أمه أو أخته.

هناك أيضاَ أم تحمي طفلها ذا الاشهر القليلة، من الشمس بجسدها، وأخرى متّشحة بالسواد من رأسها الى أسفل قدميها، لا يُرى منها سوى أطراف أصابعها لتربت بها على كتف طفلها الرضيع، وتسعى إلى إغلاق أذنه علّها تحجب عنه ضجيج السيارات لربما يغفو قليلاً.

في ذاك المكان شابة عشرينية بثيابها الأنيقة ترضع طفلها بخجل أمام المارة، ومعها زوجها جالس على الشرشف نفسه يسعى إلى تغطية عورة زوجته تارة بمنديلها الأزرق وتارة أخرى بسجادة الصلاة.

ينتظر هؤلاء السوريون بعض المساعدات من المارة، فترى امرأة في أواخر الثلاثينيات تسقط منديلها الاسود فتظهر غرّتها أثناء التدافع لتحصل على رغيف خبز، لتقوم بعدها بتقسيمه على أولادها الاربعة، أكبرهم لا يتعدى الـ 8 سنوات، ومن ثم تعدّل منديلها وتجلس لتستريح.

مشاهد حزينة نلتقطها خلال أقل من ربع ساعة على رصيف الفقراء، وقصص مخيفة لأطفال فقدوا أبسط مقومات الطفولة في منطقة تتآلكها الحروب وتحكمها جوقة من الفاسدين.

السابق
ثورة صحافية: شباب يطلقون «انتفاضة» ضدّ «سلطة» نقابة المحرّرين
التالي
يا جمهور حزب الله بعد اتفاق ايران وأميركا: أوقفوا نهر دمائكم