النفايات: وقائع تهديد المشنوق بالاستقالة.. وماذا قال جنبلاط؟

أشارت “المستقبل” إلى انه لا تنفك أزمة النفايات المستفحلة في العاصمة تتلمّس بصيص حل يتيح رفع هذا الكابوس الموبوء عن صدور المواطنين حتى تعود لتصطدم بعراقيل مفتعلة تسعى إلى إعادة عقارب الساعة نحو مؤشر التأزيم والنكء بالعواطف الأهلية والمناطقية لغاية في نفوس ممتهني النفخ بالأزمات والارتزاق سياسياً وشعبوياً منها.
وبدأ جمع النفايات وفق “النهار” من مواقع عدة في العاصمة ومحيطها، وهي تنقل الى اماكن تجميع ريثما تستكمل اللجنة المكلفة معالجة ملف النفايات مناقشاتها بعد ظهر اليوم وتقرر امكنة الطمر او نقلها الى اماكن خارج البلاد في الاشهر الستة المقبلة، كما أبلغت مصادر وزارية “النهار”، مؤكدة أن لا حلول قريبة والسبب أن من يطرح الحلول هو من يحرّض عليها. وبدت أزمة النفايات أمس وفق “الجمهورية” وكأنّها تسير على خطّين:
– خط رسمي يَعمل على استنباط الحلول.
– خط شعبي يَرفض التسويات المطروحة، ويُعبّر عن غضبِه في الشارع.
وأشارت “السفير” إلى ان بيروت وضواحيها تحت حصار النفايات لليوم الحادي عشر، ولا حلول فعلية بعد، مع اخفاق الدولة حتى الآن في العثور على مطامر مرحلية، خارج العاصمة، بفعل تدحرج الممانعة الأهلية والشعبية من منطقة الى أخرى، وسط عجز القوى الأساسية عن ابتكار مخارج مقبولة، حتى ليل أمس، ما دفع البعض الى التساؤل عما إذا كان مطلوباً التفتيش عن مطمر علماني.. لنفايات الطوائف! وفي اليوم الحادي عشر للأزمة لم يتم جمع سوى 1800 طن من النفايات المتراكمة في شوارع بيروت والضاحية من أصل ما يقارب 40000 طن، تهدد بمخاطر بيئية وصحية.. وايضا سياسية وأمنية. ولئن كانت اللجنة الوزارية الفرعية قد أوحت خلال اجتماعها أمس بمنحى إيجابي، إلا ان شوارع العاصمة والضواحي المزدحمة بآلاف الأطنان من النفايات كذّبتها سريعا، في وقت كانت عشرات الشاحنات المحمّلة بالقمامة تنتظر تحديد وجهة سيرها. وأكد مصدر وزاري أن أي معالجة لأزمة النفايات لن تحصل، ما لم تكن مرفقة بشرطين:
– الاول، تغطية سياسية حقيقية.
– الثاني، مواكبة ميدانية من الجيش والقوى الأمنية.
وبينما لا تزال الحلول الموقّتة وفق “المستقبل” التي أقرتها اللجنة الوزارية المعنية بمعالجة الملف، التي تعود للاجتماع بعد ظهر اليوم، تسابق الزمن في مواجهة مطبات التعطيل والعرقلة، أكدت إثر اجتماعها أمس في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام على لسان وزير البيئة محمد المشنوق على القرارات التي اتخذت ليل الاثنين ومراحل التنفيذ، مبديةً “ارتياحها إلى سير العمل الذي سيُستكمل بإجراءات إضافية أعطيت التعليمات بشأنها لغرفة العمليات في مجلس الإنماء والإعمار”.
وأوضحت مصادر اللجنة لـ”المستقبل” أنّ ما تقرّر من حلول خلال الساعات الماضية “لم يُنفذ منه سوى اليسير عملياً على الأرض تحت وطأة الاعتراضات والتعقيدات الميدانية وغير الميدانية”، مشيرةً إلى أنّ كمية النفايات التي رفعت من العاصمة حتى الساعة لم تتجاوز الألف طن من أصل ثلاثة آلاف وخمسمئة طن كانت قد تراكمت في الشوارع على مدى أيام الأزمة. وفي معرض التحذير من أنّ عدم المسارعة إلى تذليل العقبات التي تعترض الخطوات التنفيذية للحل الموضوع من قبل اللجنة الوزارية، سيؤدي إلى العودة بالأزمة إلى مربّعها الأول،
وفي إطار الهروب الى الامام وفق “السفير” ومحاولة شراء الوقت، أرجأت اللجنة حسم خياراتها الى اليوم، لاستكمال درس المواقع المقترحة للطمر، بعدما واجهت مقترحات الأمس باعتماد نقاط في ضهر البيدر والمتن وكسروان اعتراضات سياسية وشعبية، خصوصا ان الوزير الياس بو صعب اكد انه لم يتم العثور في المتن وكسروان على أي مطمر صالح، من ضمن المواقع التي عرضتها وزارة البيئة. وعُلم ان اللجنة تنتظر ردا من احدى الجهات السياسية على امكانية استخدام موقع كسارة في منطقة تقع في الاطراف، لطمر النفايات.
ولم تتوقف المفاوضات وفق “السفير” طيلة نهار امس لاختيار مواقع للمعالجة، فيما تراوحت الخيارات المتداول بها بين اختيار مقالع وكسارات في الجبال، او اختيار مواقع على الشاطئ (الخطة ب)، بعدما يتم وضع سنسول للحيلولة دون تسرب النفايات الى البحر. ويلحظ هذا السيناريو الذي يتحمس بعض الوزراء لاعتماده، إذا لم تُقر المواقع المقترحة من وزارة البيئة، نقل النفايات الى “المنطقة المحروقة” على شاطئ الاوزاعي قرب “الكوستا برافا” حيث رميت ردميات حرب تموز ويصب الصرف الصحي للضاحية الجنوبية هناك، والى “المنطقة المحروقة” في الكرنتينا حيث يصب الصرف الصحي للمتن الشمالي وجزء من المتن الجنوبي وتُرمى مخلفات المسالخ. لكن هذا الطرح يواجه اعتراضا من الرئيس نبيه بري والنائب طلال ارسلان وحزب الطاشناق، إضافة الى الرفض القاطع من الجمعيات البيئية التي ترفض الطمر في البر والردم في البحر، بسبب مخاطرهما البيئية والصحية، داعية الى اعتماد استراتيجية الفرز من المصدر.
الكرّ والفرّ
وفي انتظار تكشّف القطب المخفية، تروي أوساط سياسية مقرّبة من أحد الأقطاب الوسطيين، لـ”السفير” بعض وقائع “الكرّ والفرّ”، بدءا من صباح السبت الماضي حين اتصل وزير البيئة محمد المشنوق بالوزير أكرم شهيب وابلغه انه بصدد تقديم استقالته، وانه يستعد للاعلان عنها من السرايا. كان شهيب والوزير وائل ابو فاعور في المختارة آنذاك، فسارعا الى ابلاغ جنبلاط بالامر، فيما كانت اتصالات تجري في الوقت ذاته من المختارة مع الوزير علي حسن خليل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا لتدارك الموقف. في هذه الاثناء، كان الرئيس سعد الحريري يتصل بجنبلاط الذي قال له: “شيخ سعد.. لقد تحملت الكثير في ما خص ملف النفايات نيابة عن كل لبنان على مدى 18سنة، من خلال مطمر الناعمة، ودفعت ثمنا لذلك في منطقتي.. الآن برمتْ وبرمتْ ثم عادت الازمة لتحط عندي.. انا لم أعد قادرا على تحمل أعباء هذا الملف..”. وامام ضغط الحريري لاقناع جنبلاط بالمضي مؤقتا بخيار سبلين، وافق رئيس “التقدمي” على مضض باعتبار انه يوجد مكب قديم في المنطقة. لكن حسابات “حقلي” الحريري وجنبلاط لم تنطبق مع “بيدر” الواقع، إذ سرعان ما انتفض أهالي الاقليم على اختيار سبلين موقعا لرمي النفايات، وقطعوا طريق الجنوب. شعر جنبلاط بأن مجموعة من الاعتبارات اختلطت على أوتوستراد الجنوب، وتلمّس نوعاً من تصفية حسابات بين “الجماعة الاسلامية” والحريري، مستغربا دور رئيس بلدية برجا الذي ساهم في التحرك الاحتجاجي، في حين انه محسوب على احمد الحريري. وسقط حل سبلين تحت ضغط الشارع، وبدأ البحث عن مخرج آخر.

السابق
الجيش : تفجير ذخائر في محيط بلدات جنوبية عدة
التالي
هل نحن شعب فاشل؟