هذه تواريخ خروج حزب الله عن الإجماع الوطني

في خطاب الرئيس سعد الحريري الأخير ردّ على الإتهامات. قطع آمال البعض بجرّه وجمهوره الى الشارع. ولحزب الله قال: «تحمل الرقم القياسي بالخروج على الإجماع الوطني، منذ قيام دولة لبنان». فماذا قصد الحريري من قوله هذا، ومتى خرج حزب الله عن الإجماع الوطني؟

«نحن لسنا في مواجهة طائفية مع أحد. إذا كان هناك من يريد فتح هكذا مواجهة سيجد نفسه في مواجهة مع نفسه، ومن هو متحمّس ليؤكد ويصرّ على أن كل المشكلة هي بين التيار الوطني والمستقبل، فهو، كما سمعتم قبل يومين، حزب الله. الحزب لا يزال يطلق الوعظ والنصائح بأن تيار المستقبل يتعمد سياسة التفرد والتهميش. والله إنه لشيء عجَب: كلام صادر عن الجهة المتخصصة بالتفرّد والتهميش، والتي تحمل الرقم القياسي بالخروج على الإجماع الوطني، منذ قيام دولة لبنان»، والكلام لرئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس سعد الحريري خلال الإفطار المركزي الذي نظمه تيار المستقبل في مختلف المناطق اللبنانية.

نقطتان أساسيتان قالهما الرئيس سعد الحريري في خطابه. فهو أكدّ بحزم للنائب ميشال عون أنه سيبقى وحيداً في خيار اللعب على الوتر الطائفي، فتيار المستقبل لن ينجرّ إلى أي مواجهة طائفية. ولحزب الله قال الحريري لن نحقق آمالكم وتمنياتكم بأن تحوّلوا الصراع في لبنان من خلاف سياسي الى صراع سني – مسيحي.

وضع الحريري أمس النقاط على الحروف، وأغلق الأبواب على أبواق الفتنة المتعطشين لخلق صراعات طائفية بين أبناء الوطن الواحد

هكذا أغلق الأبواب على أبواق الفتنة والمتعطشين لخلق صراعات طائفية بين أبناء الوطن الواحد، من أجل تحويل الأنظار عن ممارساتهم المرتهنة لمشروع خارجي، ضرب وحدة البلد والإطاحة بصيغة العيش المشترك. وفي كلام الرئيس الحريري ردّ على ما أسماه «وعظ» أمين عام حزب الله لتيار المستقبل وحثّ الأخير للإبتعاد عن سياسة التفرّد والتهميش. فردّ الحريري «والله إنه لشيء عجَب: كلام صادر عن الجهة المتخصصة بالتفرد والتهميش».

اتهام المستقبل باتباع سياسة التفرد، لم يقتصر على كلام نصر الله بل سبقه هجوم ممنهج من قبل سياسيين ووسائل إعلامية وصحف تابعة لخط 8 آذار، اتهمت تيار المستقبل والرئيس الحريري بالذات، أنّه و”بإيعاز من السعودية يعمل على إقصاء المكوّن المسيحي والتعدي على حقوقه، والتفرد بقرارات مجلس الوزراء”.

الحريري ردّ التهمة لأصحابها، وإذا عدنا بالزمن إلى الوراء وتحديدًا على أبرز الأحداث المفصلية منذ العام 2005 الى اليوم نجد أنّ كثيرا من الأحداث المؤسفة التي حذّر منها الحريري بفعل تجاوز حزب الله لسلطة الدولة وخروجه عن الإجماع الوطني قد وقعت فعلا.

الحريري ردّ التهمة لأصحابها، وإذا عدنا بالزمن إلى الوراء وتحديدًا منذ الأحداث المفصلية عام 2005 الى اليوم نجد أنّ كثيرا من الأحداث المؤسفة التي حذّر منها الحريري قد وقعت فعلا

ففي العام 2006 خاض حزب الله حربًا مع اسرائيل دون العودة إلى شركائه بالوطن، ودون الإلتزام بقواعد الدستور الذي يؤكد أنّ قرار السلم والحرب بيد مجلس الوزراء. وبعد انتهاء حرب تموز وتدمير لبنان واستشهاد آلاف الأبرياء ظهر أمين عام حزب الله أمام اللبنانيين ليقول «لو كنت أعلم…».

في عام 2008 وتحديدًا في السابع من أيار، استفاق أهالي بيروت والجبل على احتلال مدينتهم وبلداتهم من قبل عناصر حزب الله وحلفائه الذين جابوا شوارع بيروت والجبل بأسلحتهم، فروّعوا الأهالي وقتلوا الأبرياء وهجروا الناس من بيوتها . ليطلّ أمين عام حزب الله بعد مدّة ويقول للّبنانيين «7 أيار هو يوم مجيد» ضاربًا بذلك عرض الحائط بصيغة العيش المشترك وابمرجعيّة الدولة وقانونها ومؤسّساتها.

سعد الحريري

في كانون الثاني 2011 قرّر حزب الله إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، فحثّ وزراءه وحلفاءه وطلب من وزيره الوديعة عدنان السيد حسين الإستقالة من الحكومة في خروج على التزام قطعه حين تشكّلت الحكومة. فقد قرر حزب الله حينها بإقصاء المكوّن الذي يمثل غالبية الطائفة السنية في لبنان. وظهر نصرالله على اللبنانيين وبدا كأنّه المرشد الأعلى لجمهورية لبنان، سمّى رئيس الحكومة السني المكلف الذي لا يمثّل سنّة لبنان بل قلة منهم.

وأخيرا، وليس آخرا أبرز ما قام به حزب الله من خلال اتباعه سياسة التفرّد، والخروج عن الإجماع الوطني هو قراره بالدخول في أتون الحرب السورية، وكان أعلن كل الشركاء في الوطن والحكومة اللبنانية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان اتباع سياسة «النأي بالنفس» عن ما يحدث في سوريا.

غير أنّ حزب الله هو دائما غير معني بالقرارات اللبنانية، فـقد قررت إيران حماية النظام السوري وبشار الأسد حفاظًا على مصالحها، وحزب الله يبفى أداة من أدوات إيران ينفذ مخططاتها وقراراتها ولو على حساب أمن لبنان ومصلحته الحيوية في أن يبقى بعيدا عن الفتنة التي يمكن أن يسببها تدخّله العسكري الذي بدأ قبل عامين في سوريا لمصلحة النظام، خارجا فيه عن الاجماع الوطني أيضا.

السابق
أوباما يطمئن حلفائه العرب: سنحدّ نفوذ إيران الضارّ
التالي
الامين يستقبل المهنئين بالعيد في صيدا