لمصلحة من يستهدف الاعتدال الشيعي في الكويت؟

في أوّل ضربة إرهابية تتلقاها الكويت من تنظيم داعش الارهابي، فجّر انتحاري نفسه في مسجد الصادق الشيعي بالكويت اليوم اثناء صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط 200 إصابة بين شهيد وجريح.

قال أبوخطاب البغدادي، أحد مسؤولي “داعش”، إن جنود الخلافة شنوا غزوة جديدة ضد الرافضة في الكويت، في إشارة إلى الشيعة، بعد أن فجروا إحدى معابدهم، في إشارة إلى مسجد الصادق، بمنطقة في منطقة الصوابر.

وتوعد البغدادي، عبر مواقع التنظيم الجهادية، بمواصلة استهداف الشيعية بالدولة العربية سواء كانوا في الكويت أو السعودية أو غيرها من بقاع الجزيرة العربية بحجة انهم كفار على حدّ زعمه.

ولقد كانت الكويت تحسب نفسها حتى تاريخ اليوم انها بمنأى عما يحدث في المنطقة من نزاعات وصراعات دموية وحروب أهلية كما هو حال جارها الأكبر العراق وجارته سوريا، غير أن هذا الهجوم الارهابي الطائفي الذي استهدف الأقلية الشيعية الوافرة (30 بالمئة من عدد السكان الاصليين)، لا شكّ بأنه سوف تكون له ارتدادات قويّة على الساحة الداخلية الكويتية واذا لم يتدارك المسؤولون السياسيون وعلى رأسهم أمير البلاد التأثيرات السلبية لتلك الإرتدادات فانه يخشى أن تكون بداية لتصدّع الوحدة الوطنيّة وللاهتزاز الأمني، فلطالما تفاخر أبناء هذه الإمارة الخليجية الغنيّة بالنفط بانها محسودة بأمنها واستقرارها ورخائها، وهي منذ ان قدمت جيوش التحالف الغربي وخلصتها من احتلال جيش صدام حسين العراقي عام 1991، فانها تنعم بازدهار وتسير بثبات في ركب التقدّم الإقتصادي والتطوّر السياسي إسوة بباقي دول مجلس التعاون الخليجي .

الشيعة في الكويت معتدلون على المستوى السياسي ويؤمنون بالتعايش، وان كان بعضهم متشدّد من الناحية العقائدية العبادية، فيؤخذ عليهم مثلا مغالاتهم في مراسم عاشوراء، ولكن من دون دعوتهم للانفصال عن الكيان الكويتي أو مطالبتهم بنظام خاص بعيد عن حكم أمير البلاد.

ومغالاة الشيعة الكويتيين في العقيدة تعود بسبب اتباع معظمهم للطريقة الشيرازية (المهدوية المرجئة)، التي أسسها المرجع الايراني الراحل اية الله محمد الشيرازي وخلفه أخوه السيد صادق بعد وفاته، أما تساهلهم وتسامحهم السياسي فيعود لأن الشيرازي المؤسّس نزيل مدينة قم الايرانية كان قد دخل في خلاف حاد مع المرشد القائد الامام الخميني في ثمانينات القرن الفائت بسبب عدم اعتقاد الشيرازي بولاية الفقيه ومحاربته لها فقها وتعبئة واعلاما، و انتشرت الشيرازية في الكويت على يد نجل المرجع، السيد مرتضى الذي هاجر اليها في الثمانينات تاركا والده واتباعه في ايران عرضة للاعتقالات والتنكيل مرات عديدة من قبل السلطات.

ولقد نجح الشيرازيون في مسعاهم حتى الآن، فقد ظلّ تأثير إيران السياسي والديني على شيعة الكويت ضعيفا، رغم محاولات طهران المتكررة لاستقطابهم من أجل تأطيرهم بأحزاب شيعية موالية لها على نسق لبنان والعراق واليمن، ولكن باءت جميع محاولاتها بالفشل، وظلّ منسوب الوطنيّة في أداء زعماء شيعة الكويتيين الروحيين والزمنيين عال جدا، فشاركوا في البرلمانات والحكومات الكويتية المتعاقبة، ولم تفلح تفشي السلفيّة في الشارع السني الكويتي مؤخرا ووصول العديد من هؤلاء المتطرفين الى الندوة النيابية في جعل الشيعة ينحازون الى التطرّف والتكفير بالمقابل، فلقد بقي الاعتدال الشيعي هو الطاغي والمهيمن على الساحة السياسية في الكويت.

اليوم ضرب الارهاب الجهادي السني شيعة الكويت، ويبدو أن طموح هؤلاء الذين يقتلون باسم الله ومصلحتهم ان يجعلوا من الكويت جزءا من ساحة الصراع الدموي الطائفي الذي يجتاح المنطقة، داعش يطمح ان يجنّد عدد من شبان السنة لنقل معركته المقدسة ضد الروافض من العراق الى الكويت، بالمقابل ايران مستعدة لتلقف هذه المبادرة الدموية من داعش كي تعرض على الشيعة الحماية والسلاح كما تفعل مع الشيعة العرب بشكل عام.

ولكن السؤال هو هل ينجح أمير الكويت صباح الأحمد الجابر وحكومته في امتحان الجدارة فيعمد الى الضرب بقوّة لتحطيم خلايا الارهاب السلفي النائمة منها والمتحركة، ويعتقل الداعمين والممولين والمحرضين كي يستعيد المواطنون بجميع فئاتهم ثقتهم بالدولة، أم أنها ستتهاون في ذلك بحجّة المحافظة على الهدوء وعدم استفزاز المتطرفين السلفيين ، فتكون الفتنة الكبرى؟

الأيام المقبلة كفيلة بالإفصاح عن المشهد الكويتي القادم…ونسأل الله أن يلهم الصبر والسلوان أهالي الشهداء الأبرياء المصلين الذين تخطى عددهم 25 شهيدا، وأن يلهم المسؤولين في الكويت الحكمة والشجاعة للخروج من شرك الفتنة الطائفية الخبيثة التي يرسمها داعش ومن وراء ارهاب داعش…

السابق
#الساكت_عن_الحق_أسماء_الأخرس
التالي
اندبندنت: «داعش» أقوى مما كان