لماذا خاف حزب الله من تحرك «17 حزيران »؟

تحرّك رياض الصلح
سؤال يطرح نفسه لماذا أفرد حزب الله جيشه الالكتروني تهشيما وسبابا قبل وبعد تحرك "رفض الفتنة والعمل للوحدة الوطنية". فلا الاعداد كانت كبيرة ولا ادعى المنظمون للحظة انهم قادرون على التحشيد بحيث تنافس الاعداد التي يحشدها الحزب، ولا الإمكانيات المتوفرة عند المنظمين يمكن أن تقاس بما عند الحزب من إمكانيات مادية او إعلامية او بشرية.

حتى ومن قبل اليوم المحدد، اشتعلت صفحات “الشبيبة” الممانعة بأقذع العبارات وأساليب التهجم والنقد الساذج، إضافةُ إلى “الاعداد” والافتراء على هذا التحرك المزمع قيامه، ولم تتوقف هذه الحملات حتى لحظة كتابة هذه السطور، حتى لغة التخوين لم تتوقف والقدح والذم من قبلُ ومن بعد.

هذا كله إن دلّ على شيء، فإنما يدل على النجاح الباهر الذي حققه هذا الحراك وعن مدى فاعليته وعن حالة الرعب التي أصابت الطرف الآخر. على الرغم من أنّ المنظمون حاولوا بأقصى جهدهم أن لا يستعملوا لغة الضدّية، وأن يبتعدوا قدر الإمكان عن لهجة التحدي فضلا عن عبارات العداوة والاحتفاظ بلغة النقد الاخوي، والنصح والدعوة إلى لغة الحوار والتلاقي في المساحة المشتركة الممكن إيجادها.

إن شياع فكرة سوء تقدير قيادة الحزب وخطأ خياراتها هي فقط ما يرعب حزب الله

وهذا ما بدا جليا منذ اللحظة الأولى، فالدعوة كانت شخصية والشعار كان “رفض الفتنة والعمل للوحدة الوطنية”. مع التأكيد المستمر من قبل الداعين على رمزية التجمع كونه لا يعدو أكثر من حق طبيعي لهم بما يروه من ضرورة رفع صوت أعلى من صوت المعركة، وإسماع من لا يسمع بأن هنالك رأي آخر لا يوافق على الخيارات المأخوذة، لا أكثر ولا أقل.

ولا أذيع هنا سرا إن قلت بأن المأمول من الاخوة في “حزب الله” كان تقبّل هذه الأصوات برحابة صدر، هذا إن لم أقل بوجوب اعتبارها دعوة للحوار والتحاور خاصة أن الموضوع يعني الجميع، وأن لا أحد منا معصوما عن الخطأ وبالتالي فإن البلد للجميع ومن حق الجميع إبداء رأيه بكل هدوء.

يبقى السؤال البديهي هو لماذا تعاطى حزب الله مع هذا الحدث بهذه الصورة، وأفرد لها جيشه الالكتروني تهشيما وسبابا مما يوحي بحالة من الخوف الشديد والرعب غير المبرر.

بات الجميع “الا الحزب” مقتنع تماما بأن لا مستقبل لنظام بشار الأسد

ببساطة، وقبل الإجابة عن هذا التساؤل يجب الإشارة ان هذا الخوف لا ينم بالضرورة عن قوة ذاتية عند المجتمعين، فلا الاعداد كانت كبيرة ولا ادعى المنظمون للحظة انهم قادرون على التحشيد بحيث تنافس الاعداد التي يحشدها الحزب، ولا الإمكانيات المتوفرة عند المنظمين يمكن أن تقاس بما عند الحزب من إمكانيات مادية او إعلامية او بشرية.

يبقى في هذا السياق القول أن حالة الرعب التي انتابت حزب الله إنما مبعثها قوة الفكرة أولا وجرأة المجتمعين على قول كلمتهم ثانيا.

تحرّك رياض الصلح

وهذا أكثر ما يخشاه حزب الله، بالخصوص إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأحوال الميدانية التي صارت اليها الاحداث في سوريا، وظهور خطأ التقديرات والخيارات المأخوذة من قبل الحزب. فلا الانتصار الموعود قد تحقق، ولا الإرهاب التكفيري قضي عليه بل إنه يزداد قوة وتأثيرا على الساحة السورية وعلى المنطقة يوميا، وبات الجميع “الا الحزب” مقتنع تماما بأن لا مستقبل لنظام بشار الأسد.

الدعوة إلى لغة الحوار والتلاقي في المساحة المشتركة الممكن إيجادها

مع ملاحظة لا بد منها، أن المجتمعين بمعظمهم كانوا قد حذروا مرارا وتكرارا ومنذ البدايات من هذه النتيجة وما وصلنا إليه ومقالاتهم ومواقفهم موثقة وموجودة، مما يعني صحة خياراتهم في مقابل خطأ خيارات الحزب.. وهذه الحالة التي لا يريد أن يقّر بها حزب الله. ويخاف حتى من الإقرار بها باعتبار أن الثقافة الحزبية هي ثقافة غيبية مرتبطة بالسماء فلا يجب ان تخطأ حتى وان ذهب ثلاث أرباعنا…. فإن شياع فكرة سوء تقدير قيادة الحزب وخطأ خياراتها هي فقط ما يرعب حزب الله.

السابق
امتحان على وقع الرصاص
التالي
«أبو غريب» اللبناني يستدعي الحرب السورية