تدمر من زنوبيا إلى آل الأسد وسجونهم واليوم.. داعش

تدمر السورية
وقعت اليوم "تدمر" المدينة التي تجمع في معالمها وجهين تاريخي أثري وآخر مركزي إستراتيجي عسكري بيد تنظيم الدولة الإسلامية. فما هي رمزية مدينة "تدمر" التاريخية؟ وما هي أهميتها الإستراتيجية بالنسبة للنظام السوري؟

هي مدينة “تدمر”، مدينة الحضارة والتاريخ، ينبهر العالم بتاريخ هذه المدينة وصروحها المعمارية وملكتها “زنوبيا”، إلّا أن رمزية تدمر في سوريا ولبنان نفسها تختلف. فيتراءى للسوريين واللبنانيين عند سماع إسمها سجن تدمر مدينة رعب، مدينة تعذيب وتنكيل.

تحمل تدمر قصّة امرأة حكمت سوريا قبل الميلاد مدة 35 عاما من الترف والإزدهار، وبأقل من حكم الأسد وابنه بعقد كامل شوّها فيه معالم هذه المدينة ورمزيتها، وعلى بقايا صرح عظيم بنته زنوبيا بنى آل الأسد صرحاً من جثث وأشلاء معتقلين في تدمر سجنوا ظلمًا وعدوانًا.

تحتل تدمر أهمية استراتيجية بالنسبة للتنظيم لأنها منفذ على الصحراء السورية الكبرى المحاذية لمحافظة الأنبار في العراق

واليوم، تدمر أمام مصير مجهول بعدما وقعت بشكل شبه كامل بيد تنظيم الدولة الاسلامية التي لا تقل بطشا واجرامًا من النظام السوري بعد انسحاب كثيف لعناصر القوات النظامية من مختلف انحاء المدينة.

وكانت قد أعربت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) اليوم عن “قلقها الشديد” إزاء سيطرة داعش على أجزاء من تدمر. ودعت المجتمع الدولي للتدخل من أجل حماية المدنيين وحماية تراث تدمر الثقافي الفريد، خاصة أن لداعش مؤخراً تجربة سابقة مع الأثار، حيث قاموا في العراق بتدمير المعالم الآشورية.

تحمل تدمر قصّة امرأة حكمت سوريا قبل الميلاد مدة 35 عاما من الترف والإزدهار، وبأقل من حكم الأسد وابنه بعقد كامل

وينتظر اللبنانيون اليوم كما السوريون معرفة أسماء المساجين الأحياء الذين حرر منهم 27 مسجونا بينهم 5 مسيحيين مسجونين منذ أكثر من 35 سنة في سجن تدمر الذي يصنّف من قبل العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية على أنه من أسوأ 10 سجون في العالم، حيث يعاني المعتقلون في داخله من ظروف صعبة نتيجة الانتهاكات التي يتعرضون لها والتي قد ترقى إلى جرائم حرب.

ويشكّل سجن تدمر البعيد عن العاصمة السورية دمشق نحو 200 كيلومتر أن يكون أبرز معالم المدينة الأثرية على الرغم من أنه بني في ظل الانتداب الفرنسي، ليعاد افتتاحه عام 1966 كمعتقل عسكري، سجلت جدرانه بعد سنوات مجازر قل مثيلها في التاريخ.

سجن تدمر السورية
سجن تدمر

تدمر أمام مصير مجهول بعدما وقعت بشكل شبه كامل بيد تنظيم الدولة الاسلامية الذي لا يقل بطشا واجرامًا من النظام السوري

ففي 27 يونيو/حزيران من العام 1980، شهد السجن أكبر مجزرة راح ضحيتها مئات السجناء معظمهم من تنظيم “الإخوان المسلمين”. لا أرقام دقيقة لعدد الضحايا لكن أقل التقديرات تتحدث عن 600 معتقل وهناك من يقول 1200 معتقل، لتتكرر عمليات القتل الجماعي في الأعوام الثلاثة التالية، في حين يستمر قتل المعتقلين إلى اليوم.

مجزرة تدمر ليست الوحيدة في عهد حافظ الأسد، بل وثقت منظمات حقوقية سبع مجازر جماعية في سجن تدمر وقعت خلال الأعوام 1980 و1981 و1982 وراح ضحيتها مئات السوريين.

ونقلت المنظمات عن سجين سياسي سوري سابق لم تسمه، تأكيده أن عمليات إعدام جماعية أخرى وقعت بين عامي 1981 و1983، موضحا أن عمليات الإعدام كانت تتم مرتين في الأسبوع وتحيق بالعشرات في كل مرة.

وتحتل تدمر أهمية استراتيجية بالنسبة للتنظيم لأنها منفذ على الصحراء السورية الكبرى المحاذية لمحافظة الأنبار في العراق التي يسيطر داعش على معظم أراضيها.

وتضم تدمر التي تعود إلى أكثر من ألفي عام آثارا لمدينة كبيرة كانت أهم مركز ثقافي في العالم القديم. وتجمع هندستها المعمارية بين العمارة اليونانية الرومانية للقرنين الأول والثاني والتقاليد المحلية والتأثيرات الفارسية.

ومن لا يذكر مسرحية زنوبيا لمنصور الرحباني عام 2007 التي تحكي قصة زنوبيا ملكة تدمر ونضالها للتحرر من حكم الامبراطورية الرومانية.

السابق
الحريري: عرسال ليست مكسرا لعصيان “حزب الله” على الاجماع الوطني
التالي
العميد عثمان مديرا لقوى الامن قبل 4 حزيران.. وبلا صفقة روكز