السيّد الأمين لوفد طلّابي فرنسي: لا نمانع بإقامة دولة علمانية في لبنان

زار وفد من الطلاب الفرنسيين التابعين للجمعية الكاثوليكية في جامعة HEC في باريس منزل سماحة العلامة السيّد محمد حسن الأمين، وكان لقاء تعارفيا شاملا سئل فيه السيّد عن مستقبل تعايش المسلمين والمسيحيين في لبنان واستفسروا عن فحوى المذهب الاسلامي الشيعي وعن نظرته أيضا لمستقبل النظام السياسي في لبنان.

مساء الأربعاء الفائت، زار وفد من الطلاب الفرنسيين التابعين للجمعية الكاثوليكية في جامعة HEC في باريس منزل سماحة العلامة السيّد محمد حسن الأمين، وقد شرح الوفد الزائر لسماحة السيّد أنّهم قدموا إلى لبنان كطلّاب جامعيين فرنسيين يبحثون في الأديان ويرسون حال المجتمعات في بلادنا، وأنهم جالوا على عدد من رؤساء الطوائف والمذاهب في لبنان، وطلبوا اللقاء بسماحة السيّد الأمين بسبب ما اشتهر به كونه عالما اسلاميا شيعيا ومفكرا غير تقليدي يعمل على الحوار بين الأديان والتقارب بين أبنائها في لبنان.

بداية اللقاء، رحب السيد محمد حسن الامين بالحضور وبهذا اللقاء وعرف عن نفسه للمجموعة كرجل دين وأديب وشاعر على المستوى الشخصي، ومستشار وقاض متقاعد، عمل إلى جانب مسؤوليته الرسمية ، بالبحث والتأليف القاء المحاضرات في الندوات التي تعنى بمواضيع عربية اسلامية شتى، وعبّر للحضور عن اعجابه بالنتاج الثقافي الفرنسي الفكري والأدبي والذي اطلع عليه مترجما للغة العربية.
وكان السؤال الأول من أحد المشاركين في اللقاء حول علاقته كرجل دين شيعي بالمسيحية، فاجاب سماحة السيّد: علاقتي ممتازة وادعى الى محاضرات حول الاديان المسيحية والمسلمة، بما يهم ما أؤمن به من نهج حرّ لخدمة العدالة الانسانية التي يوفرها علاقتنا بالله، كما اني ادعى واتردد الى الكنائس باستمرار.

السيد الامين و الوفد الطلابي الفرنسي
السيد الامين و الوفد الطلابي الفرنسي

وعن الاختلاف بين المذهبين الشيعي والسني في الاسلام، أجاب انه خلاف سياسي يتعلق بالخلافة وأحقيتها، واذا كان الشيعة يرونها للإمام علي بن أبي طالب، فان جوهر جوهر الدين واحد، الخلافات ليست جسيمة، تحتوي الاديان على اشكال وقيم متماثلة، حتى الاديان غير السماوية نجد انها تحتوي على قيم، ويجب توفير علاقات متينة بين رجال الدين المسلمين والمسيحيين وتوجد قيم مشتركة بين الاثنين.

وسأل أحد الطلاب الفرنسيين المشاركين في اللقاء: هل الحوار الاسلامي المسيحي الذي يجري في بلادكم شكلي أم جاد؟

فاجاب السيد الأمين: “انا مع الحوار الاكثر عمقا الذي يتناول جوهر الدين، وهناك حوارات لاهوتية تتعلّق بالعلاقة الدينية نفسها، الهدف هو الانتفاع الفكري والثقافي وليس ان نجعل المسلم مسيحيا أو المسيحي مسلما.
النظرة الاسلامية للمسيحية، المسلمون يؤمنون بالسيد المسيح ويعتبرونه من اقدس الانبياء، في بلدنا يشترك المسلمون والمسيحيون في احياء عيد الميلاد، حتى ان عدد من الروايات لدينا تقول ان النبي محمد نفسه كان مسيحيا قبل نزول الوحي عليه، لذلك فالعلاقة مع المسيحية هي وثيقة جدا، الاختلاف في التفسير هو الذي أنشأ الأديان، وكذلك المذاهب.

في لبنان نطمح ان يكون لدينا نظام غير طائفي، وبالتالي نطمح لقيام دولة مدنيّة. الاختلاف بين السنة والشيعة أصله خلاف سياسي، حتى عمليات القتل الحالية هي سياسية وليست دينية، فالدين هو دعوة للسلام وليس دعوة للحرب، والصراع الحالي في المنطقة هو صراع سياسي وليس ديني.

وفي سؤال انه يشتهر عن السيّد الأمين أنه يدعو الى دولة مدنيّة، فكيف يمكن أن يتم ذلك من خلال نظام طائفي؟ فأجاب: أنا أدعو في لبنان ليس إلى دولة مدنيّة فحسب، بل حتى إلى دولة علمانية تفصل الدين عن الدولة، ونحن لا نعتقد أن الدولة العلمانية تدعو إلى الإلحاد، فهناك أشكال من العلمانية لا تتعارض مع الإيمان بالله، فعدم تدخّل الأديان في عمل الدولة وفي السلطة السياسية من شأنه تحقيق العدالة لجميع المواطنين وتجنيب بلدنا الكثير من النزاعات الطائفية فيه كما يحدث حاليا.

وسأل أحد الحاضرين عن الحجاب بالنسبة للمرأة وكيف ينظر إليه سماحة السيّد فأجاب: كل الأديان فرضت الستر على المرأة لمنع الفتنة، المسيحية واليهودية فرضته كما الإسلام، والحجاب مصطلح غير صحيح ولكنه شائع وهو يعني حجب الشيئ وعدم رؤيته، وهو غير ملائم للمرأة ولم يعد موجود في مجتمعاتنا، والصحيح هو أن المرأة يجب أن تستر جسدها وشعرها توخيا للحشمة، أما حجب الوجه وستره بالبرقع أو غيره كما تفعل بعض النساء فهو غير واجب في الإسلام.

وطلبت إحدى المشاركات في اللقاء من السيّد الأمين توجيه كلمة أخيرة للحضور فقال: يجب أن نعلم أننا لا نختار أدياننا بل نرثها وعلينا أن نأخذ رسالة تلك الأديان ونبشر بها وهي في الدعوة للتقارب فيما بيننا على أساس المحبة والتسامح وإشهار المعاني الإنسانية المشتركة فيما بيننا، ولا يمكن فصل الدين عن “المعرفة” فأنا يجب أن أتعرف على فكر الآخر وتراثه لكي أتحاور معه وأتقارب معه، لذلك أنا كنت في هذه الجلسة صريحا معكم لأنني أحببت أن أتعرف عليكم كي أعرفكم وتعرفونني جيدا وتتضح أفكارنا ونتلاقى على القيم الانسانية المشتركة التي تجمعنا.

وفي نهاية اللقاء رتّل عدد من الحاضرين وأنشدوا بالفرنسيّة مقطعا من الانجيل بشكل جماعي لاقى استحسان السيّد الأمين الذي ودّعهم على أمل أن تتجدّد تلك اللقاءات التعارفية الضرورية للأجيال الصاعدة كي تتقارب مع بعضها البعض.

السابق
10 تصرفات يشعل بها الرجل غضب المرأة دون أن يدري
التالي
«يو بي أي» يعمّق جراح «الحكمة» ويتقدم (2 ـ0)