السيّد الأمين: لاستعادة السلام بالحوار بدل العنف

محمد حسن الامين

يتحدّث سماحة العلامة السيد محمد حسن الأمين في هذا اللقاء عن “الحوار” بوصفه مرتكزا اساسيا لكل تفاعل فكري بين المجتمعات، كما يتحدّث عن الندوة الحوارية الاسلامية – المسيحيّة التي كان شارك بفعالياتها في روما نهاية الشهر الفائت بوصفها نموذجا متقدّما لحوار بين أمم وأديان على مستوى فكري عالمي.
بعد عودة سماحة العلامة المفكّر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين من روما وحضوره مؤتمر ”مسؤوليات المؤمنين في عصر العولمة والتعددية” الذي عقد في 23 آذار 2015، حيث ألقى السيّد الأمين محاضرة تحت عنوان: «رؤية الدين والدين الإسلامي لسلام العالم»، كان موقع “جنوبية” قد نشرها في 31 -3-2015. فإن مسألة “الحوار” تطرح نفسها بقوّة على ما يبدو استكمالا لرسالة السلام واحترام التعدديات التي هي دائما في صلب كل مؤتمر جامع هدفه البحث عن المشتركات وحلّ النزاعات.
الامين: من الملفت على مستوى أدبيات عالمنا المعاصر شيوع مفهوم الحوار
يقول السيد الأمين في هذا الصدد: “المؤتمر انعقد في روما عاصمة الكثلكة المسيحية في العالم، وشاركنا فيه، وتقدمنا باقتراحات تعزّز مسيرة الحوار وتوسيع دائرته، ليس بين المسلمين والمسلمين وحسب، بل بين جميع الأديان بما فيها الأديان غير السماوية، إيماناً منّا بأن هذه الأديان غير السماوية إنما تستند إلى قاعدة من القيم والأخلاق المتسرّبة إليها من الأديان السماوية من جهة، ومن الفطرة الإنسانية من جهة أخرى.
وأطلقت على هذا المؤتمر الناشط والناجح تسمية “حوار الحضارات”، واعتبرت أنه يشكّل صورة متقدّمة من صور هذا الحوار الذي يحتاج أيضاً إلى مشاركات متنوّعة ليس من رجال الدين فقط وإنما من جميع النخب المعرفية والفكريّة على مستوى عالمنا المعاصر كلّه”.
وفي تأصيل فقهي اجتماعي لفكرة الحوار وعن دوره الأساسي في حلّ النزاعات يشرح السيّد الأمين: “من الملفت على مستوى أدبيات عالمنا المعاصر شيوع مفهوم الحوار كما لم يكن ذلك معروفاً، بل نلاحظ أن جميع الاتجاهات الدولية، المتصارعة منها وغير المتصارعة، تطرح استمرار مبدأ الحوار بديلاً عن الصراعات العسكرية. ولاحظنا شيوع هذا المبدأ بالرغم من أنه لم يقدّم حتى الآن نماذج كثيرة وناجحة، وبالرغم من أن موازين القوى الماديّة ما زالت تحكم علاقات المختلفين والمتصارعين. إلا ان مفهوم الحوار بدأ يأخذ مكانته في الوجدان السياسي العام. فمن وجهة نظرنا أن الوعي الإنساني توصّل إلى أن المشاكل التي تواجه شعوب عالمنا المعاصر وحكوماته لا يمكن حلها إلاّ عبر طريقين أحدهما القوة وثانيهما الحوار، أي التفاهم ومحاولة حلّ النزاعات بأكبر قدر من العدالة إن لم يكن بالعدالة كلّها. ولعل أحد الأسس الفلسفية المعاصرة للنظر في صراع الأمم هو الحلّ الذي ذكره الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي وسماه حوار الحضارات، وهو يرى أن هذا الحوار هو بديل لأي شكل من أشكال العنف. ونحن كمسلمين نؤمن وفقاً لعقيدتنا القرآنية بهذا المبدأ، انطلاقاً من قوله تعالى: {يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
ولكن هل يمكن الاستمرار في الحوار مع بقاء الاختلاف الفكري والعقائدي؟ يجيب السيّد الأمين:” إن التعدّد والاختلاف هو جزء من تكوين الطبيعة البشرية، والله تعالى أراد أن يجعل من هذا التعدّد والاختلاف سبيلاً للتواصل والتعارف، وكلمة “تعارف” في الآية التي استشهدنا بها بليغة في التعبير عن معنى الحوار، حيث يستوجب الحوار معرفة الآخر كما هو. وبالتالي يكون مقدّمة لتفاهم يعطي لكلا الطرفين حقه في الاختلاف عن الطرف الآخر، ولكنه يتيح له المجال الأرحب للتعاون والتفاعل في مساحات الاتفاق والغايات المشتركة”.
ويتابع: “نحن حين مارسنا هذا اللون من الحوار ونمارسه نعتقد أننا نستند إلى جوهر الإسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية ورؤيتها للحياة والكون والإنسان. والإسلام في مجال الحوار مع الغرب يملك أن يقدّم إلى الفكر الغربي كثيراً من المعطيات التي تنقصه وأهمها في نظري أن الإسلام يستطيع أن يقدّم إلى الحضارة الغربية عنصر الغاية، إذ أنّ هذه الحضارة امتلكت إلى حدّ كبير مادة الأمانة التي عبّر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: {إن عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا}.
الامين: الغرب امتلك مادة الأمانة وهي العلم والحرية، لكن تجاهل غايتها وهي الوصول إلى الله
ومن مفهوم هذه “الأمانه” يلخّص السيّد الأمين واقع الأزمة الفكريّة الاجتماعية التي يعيشها عالمنا اليوم بقوله: “الغرب امتلك مادة الأمانة وهي العلم والحرية، لكن تجاهل غايتها وهي الوصول إلى الله سبحانه وتعالى. فيما المسلمون عرفوا غاية الأمانة، وهي الوصول إلى الله، لكنهم افتقدوا الى مادتها أي الحرية والعلم والتكنولوجيا المرافقه لها”.
هي دعوة من هنا وهناك إلى مساحة مشتركة للتبادل الحضاري بين شرق يقدّم غاية الأمانة إلى الحضارة وغرب يقدم إلى الشرق مادة هذه الأمانة وهي الحرية والعلم.

السابق
وزارة الصحة: إقفال فرن معجنات في صيدا وإخطار آخر
التالي
البطولات الأوروبية: «دربي» مانشستر غداً