ياغي لـ«جنوبية»: المازوت الإيراني يسد 15% من حاجة لبنان.. ولن يستمر!

الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي
"همروجة" المازوت الايراني لم تتوقف منذ أن تم الاعلان عن إستقدامها عبر البواخر، إلا أن الواقع يشير إلى الأزمة لم تشهد إنفراجا بل إستمرارا لنداءات الاستغاثة من المؤسسات طلبا للمازوت. لكن ما أكدته هذه الهمروجة أن حزب الله بات يملك "دولة" تتمتع بكامل المواصفات لحل أي أزمة إقتصادية أو معيشية يريد حلها في ما باقي الاطراف السياسية تقف إما متفرجة ومصفقة أو معترضة وفي الحالتين وحده الواطن من يدفع الثمن .

ليس تفصيلا أن يتم الاستنجاد “بمولدات حزب الله”، وربما بمازوته لتأمين إنطلاقة مجلس النواب، التي إنعقدت كي تنال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة يوم أمس، وبغض النظر عن الرواية الرسمية للأمانة العامة لمجلس النواب، بأنه تمّ الاستعانة بمولدات الحزب، كإحتياط ولم يقربوا مازوت “شركة الامانة” كي لا يتعرضوا للعقوبات الأميركية، إلا أن الحادثة بحد ذاتها تحمل رمزية سياسية وإقتصادية لا يمكن تجاهلها أو القفز فوقها، وهي أولا حالة الاهتراء المتزايد في مؤسسات الدولة اللبنانية، والثانية هي حالة الازدهار التي تتميز بها “دولة” حزب الله التي تمكّن من بنائها على مرّ السنوات، وباتت اليوم قادرة على تجاوز أي مشكلة تعترض جمهورها وأيضا كافة فئات الشعب اللبناني (إذا طلبوا) سواء صحيا أو إجتماعيا أو إقتصاديا، أو على صعيد المحروقات والكهرباء والمازوت كما هو حاصل اليوم، في حين أن باقي الاطرف السياسيين، يقفون إما للتهليل أو التصفيق لهذه الدولة أو ساخطين ومعترضين من دون أن يسمن كلامهم اللبنانيين، أو يغنيهم عن الوقوف أمام طوابير المحطات، أو يجنبهم العتمة في منازلهم وتحكُم أصحاب مولدات الكهرباء.

الباخرة الايرانية الاولى هي أشبه بمن ينقل المازوت بالقطارة مقارنة مع حاجة السوق اللبنان

إذا “دويلة” حزب الله تحاول أن تسجل نقاطا في أزمة المحروقات التي تعم البلد منذ العام الماضي، والتي وصلت إلى حد الاختناق في الاشهر الاخيرة، ولذلك كان إستقدام البواخر الايرانية المحملة بالمازوت التي أعلن عنها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في 19 آب الماضي، والتي وصلت أول باخرة منها إلى مرفأ بانياس السوري مطلع الشهر الحالي ثم إلى لبنان في أواخر الاسبوع الماضي،  لكن المفارقة أن “البروبغاندا الاعلامية” التي رافقت وصول الصهاريج المحملة بالمازوت الايراني، كانت أكبر من مفعولها على أرض الواقع، والدليل هو الصرخات المستمرة التي تتطلقها المستشفيات والمصانع بسبب حاجتها إلى المازوت ، فما هي حقيقة الامر؟

الحل الامثل لوضع حد لأزمة البنزين إعتماد نظام المفرد والمجوز على المحطات

يشرح الخبير النفطي ربيع ياغي لـ”جنوبية” أن “المازوت الايراني لن يسد أكثر من 15 بالمئة من حاجة السوق اللبناني، والباخرة الاولى التي وصلت إلى بانياس تحتوي على 32 ألف طن وتحتاج إلى أكثر من 15 يوما لتصل إلى لبنان عبر الصهاريج (60 صهريج يوميا وسعة الصهريج 5 مليون  ليتر) وهي أشبه بمن ينقل المازوت بالقطارة مقارنة مع حاجة السوق اللبناني والتي تقدر بملايين الليترات يوميا”، لافتا إلى أن “إفراغها في بانياس بدلا من الزهراني أو طرابلس، كان سببا في وصول المازوت إلى لبنان بكميات قليلة، كما أن الباخرة الايرانية الاخرى ستنتظر حتى ينتهي نقل هذه الكميات كي تتمكن من إفراغ حمولتها وهكذا دواليك”.

لبنان يستهلك مليوني طن مازوت في العام والسفن الايرانية لن تغطي هذه الحاجة

يضيف:” لذلك لن نشعر بإنفراج في السوق اللبناني، لأن الاولوية هي للمستشفيات والافران والمؤسسات الخيرية والصناعية وليس للأفراد، والمهم هو الاستمرارية لأن لبنان يستهلك مليوني طن مازوت في العام، والسفن الايرانية لن تغطي هذه الحاجة بالتأكيد لأن عددها(في حال إستمر إستقدامها) سيكون باخرتين في الشهر على الاكثر”، مبديا تشكيكه “في أن يكون هناك إستمرارية في إرسال المازوت الإيراني الى لبنان في ظل إرتفاع أسعار النفط عالميا”.

غياب كامل لأي إستيراتيجة لتخزين المحروقات والاستهلاك وضبط الاسعار

في ما يتعلق بإستيراد الشركات اللبنانية الخاصة للمحروقات، يرى ياغي أن “متابعة ما يحصل في سوق المحروقات (سفن إيرانية وفيول عراقي وإستيراد من شركات خاصة) يُظهر سوء الادارة للقطاع النفطي في لبنان من قبل الدولة ومن قبل الشركات الخاصة”، مشددا على أن “هناك غياب كامل لأي إستراتيجية لتخزين المحروقات والاستهلاك وضبط الاسعار، ونعيش حالة تخبط وضياع، بسبب سوء إدارة متحكم، وعمره عشرات السنوات، وظهرت نتائجه عند الحصول الأزمة، ودفعنا ثمنه من جيوب المواطنين اللبنانيين وأعصابهم”.

ويعتبر أنه “في بلد مثل لبنان فإن إجراءات بسيطة في هذا القطاع، يمكن أن تحدث فرقا، فمادة المازوت مثلا لا يقتصر تهريبها إلى الخارج بل يتم تخزينها من قبل أصحاب المولدات، وهم يشكلون السوق السوداء للطاقة الكهربائية في لبنان”، لافتا إلى أن “هذا يحصل على حساب المواطن العادي، الذي سيعاني الامرين لتأمين مازوت للتدفئة، خصوصا أننا على أبواب فصل الشتاء، علما ان منشأت النفط في طرابلس والزهراني كانت تبيع للقطاع الخاص مازوت وبنزين”.

نعيش حالة تخبط بسبب سوء إدارة متحكم في القطاع النفطي 

يوضح ياغي أنه “من المفروض أن يكون لدينا خارطة طريق واضحة، لكميات المازوت والفيول التي تأتينا من الدول الصديقة، والافضل برأيي أن يتم تجييرها إلى كهرباء لبنان، بدل بيعها إلى أصحاب المولدات”، مشيرا إلى أن “هذه الكميات يمكن أن تكفي حاجة مؤسسة كهرباء لبنان ، إذا تم ترشيد إستعمالها لحوالي 5 أشهر بمعدل 10 ساعات في اليوم”.

الافضل تجيير المازوت والفيول من الدول الصديقة إلى كهرباء لبنان بدل بيعها إلى أصحاب المولدات

ويضيف:”برأيي المهم أن لا تذهب هذه المساعدات لأي مولدات الكهرباء لأنهم أساس المشكلة، وفي ما يتعلق بالبنزين يجب أن تكون عملية التوزيع على المحطات واضحة المعالم، وهذا ما نفتقر إليه اليوم”، لافتا إلى أن “الحل الامثل لوضع حد لأزمة البنزين، هو بإعتماد نظام المفرد والمجوز في التعبئة على المحطات، لأن هذا الامر يقلل من اللجوء إلى بيع البنزين في السوق السوداء، مع إستثناء السيارات العمومية من هذا التدبير، علما أن هذا الاجراء يخفف الاستهلاك والاستيراد 50بنسبة  بالمئة و يقلل الحاجة إلى شراء الدولار إلى النصف أيضا”.

ويختم:”من المهم إستهلاك الفيول العراقي بشكل مرشّد، ويجب أن يكون هناك خطة واضحة لكيفية إستعماله من قبل وزارة الطاقة، لأن كل الجهود التي تبذل لن تؤدي إلا إلى إنتاج 50 بالمئة من السوق المحلي ، وال50 بالمئة المتبقية ستكون في عهدة المولدات الخاصة، إلى أن يتم بناء معامل جديدة”.

السابق
بعد نقابة المحامين.. اهالي ضحايا انفجار المرفأ يُطالبون القاضي خوري بالتنحي!
التالي
فيديو صادم: احد حراس قاضٍ لبناني يُلقّم سلاحه بوجه متظاهرين!