إيران الحائرة بين المرشد 1 والمرشد 2

علي خامنئي
اثارت تصريحات مرشد الثورة الاسلامية علي الخامنئي منذ يومين ردود فعل عدة، خصوصاً بما بعد اعتباره ما جرى في لوزان «لا شيء». تعكس هذه التصريحات الصراع داخل المجتمع الايراني وبالطبع حزب الله جزء منه.

لم تمض ايام قليلة (8 ايام تحديداً) على توقيع الاتفاق الاطار بين ايران والدول الست الى ان اطل مرشد الجمهورية الاسلامية علي الخامنئي مصرحا لاول مرة حول الموضوع بكلام عال السقف، معتبرا ان ما حصل بمدينة لوزان هو لا شيء!

هذا التصريح الغريب والمفاجىء والذي يوحي وكأن الولي الفقيه لم يكن يعلم بما يجري على طاولة المفاوضات، او ان التوقيع الذي حصل لم يكن بموافقته أو من دون رغبته، او حتى خارج عن ارادته. طبعا هذا الايحاء لا يمت للواقع باي صلة فمن غير الوارد ومن غير الممكن ان يقدم الفريق المفاوض على خطوة بهذا الحجم بدون اخذ «بركة» القائد وموافقة المرشد، وهو ما كانت تصريحات الدعم التأييد لكل مراحل التفاوض من المرشد نفسه توحي به، خصوصاً بعد نزع هذا الملف الحساس من يد الحرس الثوري ووضعه بالكامل بيد وزارة الخارجية وذلك بقرار من المرشد نفسه.
فبين الدعم العملي الذي منحه المرشد1 للفريق المفاوض وصولا الى لحظة التوقيع، بقيت عين خامنئي على الفريق الاخر في الداخل الايراني والمتمثل بالمتشددين، وقادة الحرس، الذين عبروا عن امتعاضهم الشديد لما آلت اليه الامور. وظهر ذلك بشكل واضح على لسان نوابهم المتشددين حميد رسائي، واسماعيل كوثري واخرين، عكسوا بذلك “التوقيع” غير المنتظر والذي كان مستبعدا بنظر قائد الحرس الجنرال جعفري.
وعليه فإن ما سمعناه من المرشد 2 بالامس، هو لسان حال هذا الفريق من الايرانيين. ما يعكس حالة من التعارض والتجاذب الموجود على الساحة الايرانية. وتفرض الموضوعية علينا القول والاقرار بحيوية المجتمع الايراني وتعدديته وبأن هذا الانقسام ان صح التعبير هو نقطة ايجابية تسجل لصالح هذا النظام وان كنا نعتقد بان كلا الفريقين هما تحت جناح الولي الفقيه ولا يوجد بينهما فوارق استراتيجية.
ومن هنا يمكن فهم الموقف المعلن للمرشد من توقيع لوزان عندما صرح بـ “انه ليس من المؤيدين ولا من المعارضين”.
وان كنا نعتقد بان موقف المرشد1 هو الموقف الذي سوف تنتهي اليه الامور، وذلك بسبب ما وصلت اليه الاحوال في ايران من تدهور خصوصاً على المستوى الاقتصادي وما سوف يشكل هذا التوقيع من دعم وانقاذ للشعب الايراني وذلك عبر رفع العقوبات ولو تدريجيا كما نص الاتفاق.
لذا وفي هذا السياق تكون تصريحات المرشد 2 لا تغدو اكثر من عملية امتصاص لنقمة الفريق المتشدد، وليست اكثر من مناورة اعلامية ذكية جدا من المرشد لاحتواء ترددات الموقف وما يمكن ان ينتج عنه من ازمة حقيقية.
كما تجدر الاشارة هنا ايضا الى ان حزب الله في لبنان محسوب هو الاخر على الفريق “الايراني” المتشدد كونه يتصل بولاية الفقيه عبر قناة الحرس الثوري بشكل اساسي، مما يعني انه يتبنى وجهة نظر المرشد 2 ، والمعترض بشدة على خيارات المرشد 1، وكل اجواء التقارب مع “الشيطان الاكبر” و “اذنابه بالمنطقة”. مما قد يعني بان هذا التصعيد الاخير في نبرة السيد حسن نصرالله وهذا الهجوم الشرس على المملكة العربية السعودية والذي لا معنى ولا مبرر له لبنانيا، انما يصب في مجريات التجاذبات الايرانية الداخلية بما يشكل نوع من الاصطفاف المباشر مع المرشد 2 في مقابل المرشد1.
وفي الختام لا بد من القول ان على حزب الله ان يعلم بان الغلبة بين فريقي المرشد1 والمرشد2 سوف تكون لمصلحة الشعب الايراني دون سواه.

السابق
إلى المتضامنين مع طفل «الدانكن»: وماذا عن عمالة الأطفال؟
التالي
علوش: لم يعُد هناك موضوع لكي يُحكى عنه في الحوار