سرمدي: نتوقع إسهام لبنان في وقف العمليات العسكرية ضدّ اليمن

توقع مبعوث الرئيس الإيراني نائب وزير الخارجية مرتضى سرمدي إنجاز الاتفاق النووي النهائي بين إيران و»مجموعة 5+1» في حزيران المقبل، برغم ضغوط من أسماهم «المتطرفين» في الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية، ولم يبشر باتفاق وشيك مع السعودية متهما إياها بـ «سوء الظنّ» بإيران وبالترويج لما اسماه «فوبيا إيران».
في الشأن اللبناني، رفض سرمدي الخوض في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، واضعا الكرة مرة جديدة في ملعب «الاتفاق اللبناني الداخلي».
وكرر سرمدي قبيل مغادرته بيروت أمس في لقاء مع «السفير» موقف إيران المستعدّ لتزويد الجيش اللبناني بأسلحة قائلا: «سواء عشنا في زمن العقوبات، أو تمّ رفعها جزئيا أو كليا، فإننا مستعدون لتقديم هذه الهبة وليس من عراقيل من جانبنا، وإذا استطاع اللبنانيون توفير الظروف لقبولها فنحن مستعدون لتقديمها».
بعد زيارته لبنان لمدة يومين وتتويجه لها بلقاء الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، أمس الأول، حرص سرمدي على توجيه تحيّة الى «السفير» في عيدها الـ42 قائلا بأن «السفير» هي صحيفة «لها تأثيرها الكبير في الرأي العام العربي والإسلامي».
وأوضح أن زيارته لبنان تندرج في جانب منها في خانة شرح «بيان سويسرا» الذي تمّ التفاهم بشأنه بين إيران و «مجموعة 5+1»، «وقد أكدنا بأنّ إيران حافظت على برنامجها النووي السلمي».
وردا على سؤال عن احتمال بروز عراقيل أمام الاتفاق النهائي المتوقع في 30 حزيران المقبل، قال سرمدي: «لمسنا من خلال اتفاق الإطار أنّ ثمّة ضغوطا تمارسها بعض الأطراف الإقليميّة ومحاولات من قبل التيارات المتطرفة في الولايات المتّحدة الأميركية، وهذه الضغوط مستمرة برأينا، لكننا نعتقد أنّه إذا لم تؤثر الضغوط الممارسة من الكيان الصهيوني أو من بعض الأطراف الإقليميّة في مصالح مجموعة دول الخمس زائدا واحدا فستكون هنالك فرصة للتوصّل الى اتفاق نهائي يؤكد تفاصيل اتفاق الإطار».
وأوضح أنّ التوصل الى اتفاق نهائي «يتطلب من الطرفين تطبيق التزاماتهما، ولذلك، فان تطبيق الغرب التزاماته في الاتفاق المبدئي سيؤثر في تخفيف نسبة انعدام الثقة القائمة حاليا. لا بدّ أن نجرّبهم عمليا لكي نرصد نياتهم ومعرفة مدى صدقها، ولا بدّ من تطبيق الاتفاق المبدئي بشكل صحيح».
علاقة متعثرة مع السعودية
وحول احتمالات تحسّن العلاقات الإيرانية السعودية، يقول سرمدي: «اننا نعتقد أنّه لا بدّ من أن تتجه العلاقات بين إيران والسّعودية نحو الأفضل وضرورة إزالة بعض جوانب سوء الفهم، وتبديد المشاكل في العلاقات بين الطرفين. لكن هذه المسألة تعتمد في جزء كبير منها على السياسة المعتمدة من قبل السعودية ونظرتها الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث تنبغي إعادة النظر فيها، لأنّ نظرة المملكة تقوم على أساس سوء الظّن بإيران وإشاعة مبدأ «إيران فوبيا» وتخويف الآخرين منها. وبعبارة أخرى، إنّ ما خلقته السعودية من أجواء سلبية تجاه إيران أوجد حاجزا نفسيا يعوق تحسين العلاقات معنا».
وعن اتهام طهران بالتدخّل في شؤون الدّول العربية، خصوصا أن مواقف بعض المسؤولين الإيرانيين صبّت في هذا الاتجاه، يجيب سرمدي أن هذه التهم «هي جزء من الحواجز النفسية التي تحدثت عنها، وتهمة التدخّل في شؤون الدول العربية هي وهم كبير يتمّ نشره للتخويف من الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
إيران بلد حر
ولكن ثمّة مسؤولين إيرانيين تحدثوا عن سيطرة طهران على 4 عواصم عربية: بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء؟ يجيب سرمدي: «إيران بلد حرّ وقد يصرّح بعض الأشخاص بآراء معيّنة تخصهم، لكن الأهم يتمثل بسياسة إيران الحقيقية. إن من يتابع تفاصيل السياسة الخارجية الإيرانية يكتشف بأنها تقوم على مبدأ عدم التدخّل في شؤون الآخرين ودعم الحوار بين التيارات السياسية التي تتمتّع بقواعد شعبية. وإذا اتبعت دولة كإيران خيارات صحيحة أوصلتها الى نتائج إيجابية في ملفها النووي وسواه من الملفات وحققت انتصارات، فلا يمكن أن تتهم بالتدخّل في شؤون الآخرين. وإذا اتبعت أطراف أخرى خيارات خاطئة واستثمرت في بعض القضايا بشكل غير صحيح ولم تهتم بجوانب مهمة لقضايا أساسية وفشلت، فلا يمكن تحميل الآخرين نتائج فشلها. هؤلاء هم مسؤولون عن فشلهم. لا صلة للجمهورية الإسلامية الإيرانية بما تقوم به بعض الجهات من تمويل للإرهاب والتطرف الأمر الذي أوصلها الى فشل سياساتها. فإذا ارتكزت السياسة الخارجية لجهة معينة على استخدام المجموعات الإرهابية كأداة سياسية لها وباءت بالفشل فهذا ليس ذنبنا.
لبنان.. الرئاسة وتسليح الجيش
وحول انطباعاته ازاء موقف الحكومة اللبنانية من أحداث اليمن، يشير سرمدي الى أنه من خلال لقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين «تكوّن لديّ انطباع بأنّهم يفضلون تسوية القضايا عبر حلول سلمية، ويعتقدون أنه لا يمكن تحقيق الأهداف عبر الخيار العسكري، وإننا نتوقع من إخوتنا في لبنان وفي الدول العربية والإسلامية تقديم المساعدة والعون لتوفير إمكانية وقف الهجمات العسكرية ومساعدة الشعب اليمني إنسانيا وتشجيع الفرقاء السياسيين والمجموعات السياسية في اليمن للوصول الى حلّ شامل».
وحول الملف الرئاسي اللبناني، أوضح المبعوث الرئاسي الايراني «أنه لا تمكن معالجة مواضيع داخلية مماثلة من قبل الخارج، والممر الأساسي للحلول في هذا المجال هو الاتفاق بين اللبنانيين في ما بينهم، ونحن كدول ندعم أي اتفاق يتوصل اليه اللبنانيون».
وردا على سؤال عما اذا كان قد لمس تبدلا في موقف لبنان الرسمي لجهة إمكان قبول الهبة الإيرانية للجيش اللبناني، يقول سرمدي: «نحن شهدنا في لبنان مقاومة باسلة تصدّت للعدوان الصهيوني، وقد قامت إيران في زمن العقوبات باقتراح هبة عسكرية للبنان، واليوم نكرر أنه سواء عشنا في زمن العقوبات أو رفعها، جزئيا أو كليا، فإننا مستعدون لتقديم هذه الهبة وليس من عراقيل البتة من جانبنا، وإذا استطاع اللبنانيون توفير الظروف لقبولها فنحن مستعدون للوفاء بالتزاماتنا».
وأشار الى أنه «من موجبات مكافحة التطرف تكاتف جميع دول المنطقة وتعاونها لمواجهة الإرهاب والتطرف لأن هذه الظاهرة المشؤومة تتوسع ونحن مستعدون للتعاون مع الجهات الرسمية المعنيّة في لبنان لمواجهة التطرّف».
عن سوريا و «حزب الله»
ماذا عن الحلول العتيدة في سوريا؟ وكيف تقرأون تقدم «داعش» و «جبهة النصرة» على الحدود التركية والأردنية؟
وردا على سؤال يوضح سرمدي أنه «لا تمكن محاربة «داعش» في العراق وفتح الطرق أمام مجموعة إرهابية أخرى هي «جبهة النصرة» للدخول الى سوريا. لا يمكن أن يتم قصف تيار يمني يتصدى لـ «القاعدة» ونفكر في الوقت عينه بالقضاء على الإرهاب»، ويتابع: «مع الأسف، الظروف الحالية في سوريا معقدة وصعبة ومستعصية لأنه لا توجد نظرة موحدة الى كيفية وقف تمويل الجماعات الإرهابية وتوفير الدعم اللوجستي لها، بل يتم فتح الطريق لها للقيام بعمليات إرهابية، وينبغي أن ينصب اهتمام الجميع على إفشال هذه المجموعات الإرهابية والقضاء عليها وتوفير إمكانية الحلول السياسية للتقدم في معالجة القضية السورية».
وعن نظرة إيران الى «حزب الله»، يشيد سرمدي برمزية الحزب المقاوم ضد الكيان الصهيوني، ويقول ان الإدارة الواعية والحكيمة لسماحة السيد حسن نصرالله جعلت الحزب يسير على نهج صحيح وصائب، «لكن مع انطلاق القوة الكامنة في العالم الإسلامي وبعد أن تحركت إرادات الشعوب وبعد أن بدأ التقدم وإحراز انجازات في تحصيل حقوق الشعب الفلسطيني تم خلق تيارات مشبوهة ومتطرفة أضحت أداة في يد الكيان الصهيوني يستفيد منها لتحقيق أهدافه. في الواقع، يمكن القول إنّ الصهاينة والجماعات المتطرفة والإرهابية يشبهان المقص الذي يريد القضاء على المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني وعلى أية وحدة بين المسلمين. وإذا توقف استخدام الجماعات الإرهابية لتحقيق بعض الأهداف في السياسة الخارجية لبعض الجهات، وإذا توقف تمويل الجماعات الإرهابية، سيندفع الشباب المسلم الى الاستثمار في قضاياه المركزية وتعود قوة العالم الإسلامي إليه».

(السفير)

السابق
السيّد الأمين: لاستعادة السلام بالحوار بدل العنف
التالي
الأزمة تضرب المنطقة: خامنئي يشن هجوماً غير مسبوق على السعودية وعلى «النووي»