بعد الاتفاق النووي.. هل تعلّم حزب الله؟

فضيحة حزب الله
تغيّرت الحسابات الإيرانية تجاه العدو الأكبر "أمريكا" في ليلة وضحاها، وعقد الطرفان اتفاقهما الشهير.. فهل يتعلّم حزب الله ممّا جرى؟

لا شك بأن حدثاً بحجم التوافق الإيراني الاميركي يشكل مفصلا تاريخيا له تداعياته وارتداداته الكبرى على مستوى المنطقة، ليس فقط في الجانب السياسي منه وما سوف يترتب عليه وله من تبدلات سنشهدها من خلال إعادة تموضع الفريقينعلى ضوء هذا الجدث المستجد، فالتحول المرتقب هنا لن يختصر على ما هو بديهي حال أي اتفاق سياسي بين دولتين بعد خصومة، وانما يجب ان يطال كما نفترضه الى ما هو اعمق ليصل الى البعد الحضاري بمحمولاته الثقافية والفكرية.

وهذا الافتراض لدينا لم يأت نتيجة ترف تحليلي او لتحميل الموضوع ما لا يحمل، وانما كما هو معروف وعلى مدة عقود شكلت سيبة العقيدة والفكر والثقافة رافعة أساسية بل رافعة تكاد تكون وحيدة لهذا “العداء التاريخي” على الأقل من الجانب الإيراني، ولا اظن بان هذه الفكرة تحتاج الى ادلة او حتى الى كثير من التفكير.

ولا بأس هنا استذكار عبارات الامام الخميني الشهيرة، “لو قالت اميركا لا اله الا الله فلا تصدقوها”، وكذلك المقولة التي استحضرها الأمين العام لحزب الله منذ فترة قصيرة حين قال “اذا مدحتنا اميركا يجب ان نعلم باننا على خطأ” وهكذا الكثير من الشعارات الخطابية التي تحولت الى ما يشبه عقائد حزبية يُبنى عليها، ومرتكزات فكرية تكاد تلامس الاعتقادات الدينية، ومن خلال هذه المنطلقات جاءت تسمية اميركا في الثقافة الحزباللهية بـ”الشيطان الأكبر” الذي لا يمكن مقاربته الا بالحرب والقتال ليس الا للوصول الى “الموت لاميركا “.

لذا فانا هنا اكاد اجزم بان الاخوة في حزب الله قيادة وقواعد كانوا ولغاية عشية التوقيع على يقين تام بان هذا الحدث لن يحصل ولا يمكن ان يتم، وبان المفاوضات مصيرها الفشل الحتمي، وكل ما يقوم به الاخوة الإيرانيين من جلسات حوار لا يغدو اكثر من شراء وقت ليس الا فقط من اجل تقطيع المراحل باقل ضرر ممكن.

ولعله ومن هذه الخلفية لم يصدر حتى كتابة هذه الكلمات أي بيان رسمي عن حزب الله يُفترض ان يثني على هذا الاتفاق الذي تم تحت عين الولي الفقيه مباشرة، مما يعني بالضرورة ان حزب الله قد ذهب بالتعبئة العقائدية والفكرية الى مطرح لم يصل اليه حتى أصحاب النظرية انفسهم، ومما يعني بان ازمة حقيقية يعيشها حزب الله على مستوى النظرية قد لا يجد لها حلا وربما تنسحب هذه الإشكالية الى مستويات اعمق لتصل بعد ذلك الى نوع من الاهتزاز يضرب فكرة ولاية الفقيه نفسها، والتي تشكل العمود الفقري للمبنى العقائدي للحزب.

وعلى اقل تقدير، فان هذا الاتفاق مع “الشيطان الأكبر”، سيحدث كما هائلا من الأسئلة ان لم يكن على مستوى الصف المتقدم في الحزب فعلى مستوى القواعد حتما، وان كنت هنا ازعم بان قيادة الحزب نفسها كانت الى لحظة التوقيع معتقدة تماما بما كانت تسوقه لجماهيرها، وكانت صادقة تماما في ايمانها بان ايران انما تتحرك وفق مرتكزاتها الفكرية ولا يمكن ان تميل عنها قيد انملة.

ولذلك كان حزب الله بما هو حزب عقائدي “ديني” والى الامس يبني كل سياساته على خلفية دينية محضة (كما صرح اكثر من مرة الأمين العام السيد حسن نصرالله)، من دون الاخذ بعين الحسابات للاعتبارات الموضوعية اذا ما تعارضت مع الثوابت الفكرية والتي كان العداء لاميركا واحدة منها.

فهل ستشكل صدمة التقارب الأميركي الإيراني وقد صار حقيقة لا ريب فيها، نوع من الصدمة الإيجابية عند القواعد الحزبية على الأقل ليكتشوا أخيرا بان لإيران حسابتها المصلحية كدولة، وان هذه الحسابات غير مرتبطة باي قواعد سوى ما تمليه مصلحتها كدولة وكشعب فقط لا غير, وبالتالي هل ستشكل هذه الصدمة تحوّل عند قيادة الحزب فيعمد بعدها الى تغيير في آليات اتخاذ القرارات بما يتناسب أيضا مع مصلحة لبنان وشعب لبنان، وبمعنى اخر هل تعلّم حزب الله؟

السابق
عائلة علي البزال ودّعته.. ماذا عن الزوجة الممنوعة من الوداع؟
التالي
أوساط لـ«النهار»: مسار الحوارات الثنائية تبدو أفضل الممكن