قانون السير في لبنان: طلاق بلا زواج

قانون السير الجديد
كيف لإنسان أن يعيش أمور الطلاق وهو لم يتزوج أصلاً، كيف له أن يتذوق شعور الموت وهو لم يولد بعد، كيف له أن يبيع ويشتري والمال ما دخل جيبه بعد؟ كيف له أن يبيع ما ليس عنده كيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟ بل كيف للبنان أن يكون لديه قانون سير، ولا يوجد فيه طرقات ولا جسور ولا إشارات على كافة أراضيه؟

يحدثوننا عن قانون جديد للسير، سعياً ومحاولةً منهم لضبط الطرقات وشؤون المركبات والسيارات وحالات المرور والتنقل، وقد نسوا أو تناسوا عدم وجود طرقات صالحة للسير تملؤها الحفر والتشققات والمطبات الكبيرة منها والصغيرة، نسوا أو تناسوا، عدم وجود إنارة كافية على الطرقات السريعة ليلاً، بل في بعض أيحانها قد نرى تلك الأنوار تشع في وضح النهار، نسوا أو تناسوا أن عدد السيارات أكبر من عدد البشر وأن الجسور الموجودة لا تكفي لربعها، فضلاً عن أن تكفيها كلها، نسوا أو تناسوا الزحمة الخانقة في مراكز فحص الميكانيك وعدم كفايتها للعدد الموجود من السيارات، نسوا وتناسوا مافيات بيع السيارات التي تُدخِل إلى لبنان الأخضر واليابس ن هذه السيارات والتي يشكل قسمٌ منها عبئاً إضافياً على كاهل الوطن.

فلنبدأ بتعداد بعض المخالفات التي أقرها القانون الجديد المخصص للسير:

1. عدم الامتثال، وهنا طبعاً المقصود بها عدم الامتثال على الحواجز أو لشرطي السير، طيب، وهل هناك من يضمن لنا أنه لا يوجد شتاء وصيف تحت سقف واحد؟ بمعنى إذا امتثلنا فهل سنعامل كما يعامل أبناء الذوات؟ ومحاسيب المسؤولين والحكام الأفاضل؟

2. سرعة: لفتة طيبة، للحفاظ على أرواحنا، ولكن هلا قدموا لنا حلاً لمشكلة الزحمة الخانقة والتي تعوض كل فروقات السرعة مهما علت؟

3. وقوف ممنوع: هل ستطبق هذه المخالفة على جميع من يرتكبها، أم أن الزجاج الداكن والبطاقات التي توضع خلف الزجاج الأمامي ستمنع الشرطي من أن يرى السيارة كلها؟ ثم هل أمنّت الدولة مواقف للعموم خاصة في الأماكن المزدحمة وحول المؤسسات الرسمية؟ هل فعلت الدولة النقل المشترك في كافة أراضيها لنستغني عن السيارة؟

4. مناورة: لفتة أخرى طيبة أيضاً ولكن هل تستطيع مواكب المسؤولين حفظهم الله أن يعصموا أنفسهم من هذه المخالفة عندما ينطلقون بين السيارات باندفاع ومناورات حفاظا على أرواح هؤلاء المسؤولين الهاربين من موت مفاجئ؟

5. عكس السير: هل وضعت الدولة خطة كاملة متكاملة لتخفيف الزحام وعدم حاجة الناس للمرور عكس السير موزعةً اللوحات الواضحة التي تحدد الاتجاه؟ وهل ستنطبق عليه هذه المخالفة إذا كان هارباً من حفرة على طريقه فأصبح في الاتجاه الآخر فجأة؟

6. عازل للرؤية: يعني “فوميه” يعني مسؤول أو قريب مسؤول أو صديق مسؤول .. أم أن هناك ناس بسمنة وناس بزيت؟

7. دون تسجيل: وكيف سيستطيع تسجيل سيارته من ينام الليالي فيها أمام مراكز فحص السيارات ومن ينجيه من سماسرة النافعة؟

8. دون إجازة سوق: وخاصة كتلك التي يحصل عليها وهو جالس في منزله، أو يستطيع استخراجها “أعمى” فقط لأنه دفع مالاً أو لأن لديه واسطة! ثم إن من يقود السيارة في لبنان، فهو صدقاً ليس بحاجة لامتحان سوق، أضف إلى ذلك أنه أصلا لا يستفيد من دروس القيادة أي شيء لأن الامتحان في واد والقيادة الفعلية في وادٍ آخر!

9. التكلم على الهاتف: وهذه أصل البلا، فهل ستشمل التوتيس والفسبكة والتي تعتبر أشد خطراً من مجرد الكلام على الهاتف؟

10. حزام الأمان: لن أعلق عليه لأنه مفيد وضروري جداً.

11. دون ميكانيك: راجع الرقم 7!

12. القيادة تحت تأثير الكحول والمخدرات: مسألة الكحول واضحة، ولكن هل نفهم أن المشكلة هي فقط في القيادة تحت تأثير المخدر بمعنى في ما خلا ذلك لا مانع؟

13. عدم اعتماد الأرصفة للمشاة: سأكتفي بالسؤال البسيط، وأين هي هذه الأرصفة؟

وأخيرا ً وليس آخراً، نحن لا ننتقد لمجرد النقد، فإن قيادة السيارات في بلد مثل لبنان، تعتبر المصدر الأساسي لأراض السكري والضغط وما شابه، ونحن بحاجة فعلاً إلى قانون لا بل قوانين لتضبط الفلتان الأخلاقي في القيادة، ولكن لا تفكر بالانجاب قبل أن تتزوج ولا تفكر بقانون للسير قبل تصحيح وضع السير برمته.

السابق
أخطاء الوزير أبو فاعور (2): لماذا لم تطبّق منع التدخين؟
التالي
معرض تشكيلي للفنان علي عتريسي