44ألف فلسطيني نزحوا من سورية والقانون يعتبرهم سوّاح

يبدو أن التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط مؤخراً تدفع بشعار حق العودة إلى الوراء، ويصير هدف ما تبقى من اللاجئين أن يعيشوا بكرامة.

بعد حوادث 11 أيلول 2001، أقدم أحد المسؤولين الفلسطينيين المحليين على تنظيم احتفالاً بهذه المناسبة في مخيم عين الحلوة. فيما سارع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات للمشاركة في حملة جمع تبرّع لضحايا التفجير في نيويورك، لقد أدرك عرفات خطورة ما حصل وانعكاس ذلك سلبياً على القضية الفلسطينية وفي القلب منها حق العودة للاجئين. بعدها وفي مباحثات كامب ديفيد رفض عرفات التنازل عن حق العودة، فحوصر وقتل.

رفض عرفات التنازل عن حق العودة في كامب ديفيد، فحوصر وقتل

في عام 2002 حضر إلى بيروت أحد الطلاب الفرنسيين لإكمال أطروحته حول اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أوصله أحد الأصدقاء للمساعدة. نظمت له لقاءات مع نحو خمسين لاجئاً ولاجئة، في النهاية كان مصدوماً لأنه كان يسألهم سؤالاً محدداً. ما هو هدفكم؟ والجواب كان وحيداً: حق العودة إلى أملاكنا وبيوتنا في فلسطين؛ سألني إذا كان الأمر قد تم تنظيمه على هذا النحو؟ نفيت ذلك وخصوصاً أنهم أتوا من مخيمات مختلفة غاب الطالب سنوات عدة، ليعود إلى بيروت موظفاً في السفارة الفرنسية طلب من لقاء بعض من التقى بهم من قبل، ليسألهم ذات السؤال: ما هو هدفكم؟ الأجوبة كانت صادمة، معظم قال أن هدفه أن يعيش في مكان آمن ويحظى بحقوقه الطبيعية كإنسان.

وعندما سأل: وماذا عن حق العودة، أجاب معظمهم: لن ننساه، لكننا نحتاج للمحافظة على حقنا في الحياة أولاً.

عام 2003 احتل الغرب العراق، ضُرب النسيج الاجتماعي، وتحول الشعب العراقي إلى شعوب سنية، شيعية وأكراد، لم يجد اللاجئون الفلسطينيون مكاناً لهم في العراق، تعرضوا للاضطهاد من المجموعات المذهبية كافة، ونقلت مؤسسات دولية القسم الأكبر منهم إلى بلدان في أميركا اللاتينية ليستقروا هناك، تاركين موقع لجوؤهم في العراق والذي نظروا إليه كموقع مؤقت إلى حين عودتهم إلى فلسطين. الآن بدأوا حياتهم في أميركا اللاتينية. ولم يبق معهم سوى الأحلام بالعودة إلى المنطقة على الأقل.

بعد 2003 لم يجد اللاجئون الفلسطينيون مكاناً آمناً بعد تشظي النسيج الاجتماعي في العراق

وفي سورية وبعد أن انهار الوضع وتصاعدت الحوادث الأمنية وتشظى الكيان وأقيمت الإمارات، تعبيراً عن الفوضى الخلاّقة والشرق الأوسط الجديد، تعرض الوجود المدني الفلسطيني للضربات من كل الاتجاهات النظام نظر إليهم كأعداء محتلين يؤيدون المعارضة، والمعارضة المتطرفة نظرت إليهم كورقة يمكن استخدامها والمخيمات كمساحات يمكن إقامة السلطة عليها، وفرض أسلوب حياة يتلاءم مع السلطات المتطرفة. كانت النتيجة 10 في المئة من الفلسطينيين اللاجئين نزحوا من أماكن سكنهم. لكنهم ممنوعون من الدخول إلى الأردن والعراق والآن إلى لبنان. عليهم أن يجولوا في أراضي سورية عليهم يحظون بمكان يعطيهم الحق في الحياة. 44 ألف منهم في لبنان، وقت القانون اللبناني أنهم سياح، لا ينطبق عليهم صفة اللاجئ، في الوقت ذاته، يرون لنبان محطة للانتقال إلى الخارج على الرغم من ارتفاع الكلفة.

430 قتيلاً قضوا في البحار هرباً من لبنان إلى “مكان آمن” يجدون فيه حياة إنسانية. في لبنان الآلاف لا يغادرون اماكن سكنهم لانتها فترة الإقامة الرسمية. أقصى أحلامهم مغادرة لبنان إلى أوروبا، رابطة المهجّرين الفلسطينيين من سورية نظمت حملة جمعت تواقيع نحو 7 آلاف عائلة فلسطينية تريد الهجرة الجماعية إلى مكان آمن، الدول الأوروبية تقبل بهم لاجئين وصلوها بطرق غير شرعية ودفعوا الكثير كي يرضوا بالفتات، مصادر مختلفة تتحدث عن 26 ألف لاجئ فلسطيني قوموا من سورية واستقروا في أوروبا لكنهم وصلوها بطرق غير قانونية وبالتالي يبقوا تحت سيف السلطة المسلط على رقابهم. في سورية: المطروح دويلة علوية ودويلات سنية، هل من مكان لمشروع وطني فلسطيني؟

الجواب سلبي حتماً وبالتالي لا مكان لهم كمجموعة بشرية لها طموحاتها مشروعها الوطني. وفي لبنان، حولوا المخيمات إلى بؤر أمنية، يومياً الحديث عن عين الحلوة وكأنه مكان خارج المكون، يوصف وكأنه مركز محور الشر الذي تتحدث عنه أميركا، الناس فيا ملخيمات لم تعد تريد إلا أن تعيش بكرامة وأن تحافظ على حقها بالحياة، المسؤولين الفلسطينيون يتوسلون الحلول لمشاكل صغيرة تتعلق باللاجئين. المشروع الوطني إلى تراجع. في الشرق الأوسط الجديد أين الفوضى الخلاّقة، شرق يحوي دويلات مذهبية، لا مكان لمشروع وطني جامع، وبالتالي لا مكان للاجئين لهم مشروعهم بحق العودة، أحلامهم يقفون في طوابير الإغاثة ويستخدمون في مشاريع التطرف المرعاة إقليمياً ودولياً.

السابق
سعد الحريري يروّض العمائم
التالي
مليار قطعة سلاح خفيف حول العالم تقريبا