عملية شبعا: الدم الفارسيّ الثمين.. والدم العربيّ الرخيص

عملية شبعا
كثيرة هي العمليات الإسرائيلية التي استهدفت مواكب لحزب الله في سورية خلال الأشهر الأخيرة. وكثيرة هي العمليات الإسرائيلية التي طالت مواقع لنظام الأسد في سورية. لكنّ قتل "إيرانيّ واحد" دفع إلى قرار إيراني بردّ على إسرائيل... لكن من جنوب لبنان. فتأمّلوا في "علوّ" الدم الإيراني الثمين، وفي "دناءة" دمائنا العربية، وإن كانت شيعية.

بالطبع عملية شبعا كانت نوعية، بأن أعادت بعض التوازن إلى العلاقة بين محور حزب الله – الأسد – إيران، وبين الوحش الإسارئيلي الذي أثخن هذا المحور قتلا وضربا خلال الأشهر الأخيرة.

ورغم أنّ عملية القنيطرة كانت صفعة مؤلمة وموجعة لحزب الله، أدّت إلى استشهاد ستة من كوادر الحزب، بينهم المسؤول العسكري الكبير محمد عيسى (أبوعيسى)، وجهاد مغنية نجل الحاج عماد مغنية، ومساعد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني العميد محمد دادي… إلا أنّها صفعة أيقظته وذكّرته بعدوه اللّدود: إسرائيل. فهل هي الصفعة فعلًا، أو أنّ وفاة العنصر الإيراني هو الذي استدعى الردّ؟

لم يمض أسبوعان حتى ردّ الحزب الصاع صاعين. فعلها حزب الله، وضرب إسرائيل، في أول ردّ له على عملية القنيطرة.

لكنّها كثيرة الاعتداءات التي تعرّض لها في الأشهر الأخيرة. ولم يردّ. فلماذا هذه المرّة تغيّر الموضوع؟ وما هي النقطة الفارقة في عملية القنيطرة؟

فالردّ على عملية اغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله عماد مغنية، الذي قتلته إسرائيل في شباط 2008، استغرق سبع سنوات، أي أنّه تمّ في العام 2014 من خلال عملية الاغتيال التي نُفّذت في المتحف اليهودي ببروكسل، واستهدفت ضابطين في المخابرات رفيعي المستوى لهما علاقة باغتيال مغنية، ناهيك عن غضّ نظر الحزب عن الخروقات الإسرائيلية وقصف الطائرات الإسرائيلية لشحنات أسلحة موجودة في سورية ومواقع تابعة لحزب الله.

ففي 2013، قصفت إسرائيل ستّ مرّات على الأقل، قوافل محملة بالأسلحة كانت في طريقها من سورية إلى حزب الله. وبالطبع سقط شهداء وجرحى لم يعلن عنهم الحزب.

و في مايو 2014، شنّت إسرائيل غارات على مواقع قرب “مركز البحوث العلمية” في الديماس، مستهدفة صواريخ إيرانية المنشأ كانت في طريقها إلى “حزب الله” في لبنان. . وبالتأكيد سقط ضحايا لم يعلن عنهم حزب الله.

وفي تشرين الثاني 2013، شَنَت إسرائيل غارّة جوية بالقرب من مدينة اللاذقية السورية الساحلية، مستهدفة صواريخ روسية الصنع في طريقها إلى حزب الله. ولم يكن هناك إعلان عن إسماء الشهداء كما حصل بعد غارة القنيطة، ولا مواكب تشييع مهيبة منقولة مباشرة على التلفزيونات.

كما شنّت مقاتلات إسرائيلية غارة على الحدود السورية – اللبنانية في شباط 2014، وتناقلت الصحف الإسرائيلية خبرًا مفاده أن سلاح الجو الإسرائيلي قصف أهدافًا قريبة من الحدود السورية داخل لبنان في جرود النبي شيت في البقاع اللبناني. ولا ردّ كذلك.

وفي الإثنين، ٨ كانون الأول 2014 استشهد ثلاثة من مقاتلين في حزب الله بغارة إسرائيلية في سورية وغيرها..

كما قصفت القوات الإسرائيلة النظام السوري أكثر من مرّة، داخل العاصمة السورية دمشق، ولم يحرّك أحد ساكناً.

لكنّ قتل إيرانيّ واحد كان كفيلا بالمخاطرة في فتح جبهة الجنوب اللبناني مع إسرائيل. لأنّ الدم الفارسي ملكيّ ثمين، فيما الدم العربي رخيص، وإن كان شيعيا في البقاع اللبناني، أو في سورية، وإن كان علوياً في الشام، عاصمة الأمويين… الدم الفارسي “الأعلى” هو الذي استدعى الردّ، ومن جنوب لبنان. فإذا نشبت الحرب يموت شيعة لبنانيون دفاعاً عن شيعة إيران، وتموت عمّات وخالات وأمّهات لبنانيات، وآباء وأخوة وشبّان لبنانيون، في الجنوب والضاحية، فيما ينعم الإيرانيون بمفاوضات “قويّة” على وقع دمائنا، نحن شيعة لبنان، ذوي العرق الأقلّ أهمية، والمنبت “الأوطى” من الدم الإيراني.

فتأمّلوا.

السابق
صحفي أميركي: «بشار الأسد» إما أنه «مختل عقلياً أو كاذب كبير»
التالي
أين حصل كل شيء بين الأميرة ديانا والمصري دودي الفايد؟