النفط في الشرق الأوسط.. لماذا سوريا؟ ولماذا الآن؟

قدم المقال مراجعة لكتاب "أنابيب حمراء، لماذا سوريا؟ ولماذا الآن؟" الصادر عن دار سائر المشرق للأستاذ أنطوان مرعب حول النفط في الشرق الأوسط في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة.

قد يشد أي قارئ مهتم بالشرق الأوسط وسياسته أي كتاب يُعنون عن سوريا أو عن الصراع السني الشيعي، فهما وجهان لعملة واحدة ألا وهي الصراع الدموي في الشرق الأوسط.

بناءً عليه كان لي شرف قراءة كتاب “أنابيب حمراء، لماذا سوريا؟ ولماذا الآن؟ الصادر عن دار سائر المشرق للأستاذ أنطوان مرعب.

يحتوي الكتاب على دراسة جيوبوليتيكية عميقة بطلها الأرقام المقنعة والمشاريع النفطية التي تُفَسِرُ بشكلٍ واضح هذه الصراعات الدموية التي تشهدها المنطقة والتي تتدفق أنابيبًا حمراء لتروي شرف تجاره الذين يتربصون بشعوبهم ويسفكون دماءهم بالتزامن مع السباق الذي يخوضونه في سبيل خدمة محاورهم التي إليها ينتمون.

يظهر الكتاب عبر أرقام ومشاريع عديدة “منها تنَفَذ ومنها قيد التَنفيذ” الأهمية الكبرى لنفط المنطقة، وبأنَّ هذه الحرب تتركز على حمايته وحماية تدفقه كما المنافسة الحثيثة حول تحديد الراعي الرسمي والحامي الشرعي لخطوط إمداده والتي تصل منابع النفط بأوروبا القارة العجوز والتي تعتبر مستورد مهم جدًا للنفط والغاز الطبيعي.

في تحليلي الشخصي للأرقام والمعلومات المدهشة التي قدمها الكاتب وربطها بالواقع الحالي، يمكنني اليوم توصيف الحرب النفطية بالحرب المتعددة الجبهات، بحيث يتم إرضاء الصين اليوم من خلال خفض سعر النفط عالميًا وذلك بهدف سكوتها عن الحل الممكن بلورته في سوريا قريبًا، فالصين هي ثاني مستورد للنفط وثاني مستهلك له وتستورد النفط من الشرق الأوسط بشكل أساسي. كذلك يتم ضرب إيران وروسيا إقتصاديًا وذلك لأنهم دول مصدرة للنفط وتعتمد في إقتصادها بشكل أساسي على واردات النفط التي تشكل ١٤٪ من واردات روسيا الإتحادية، وبالتالي ضرب سعر النفط اليوم يضرب واردات روسيا بعمق ١٤٪ من مدخولها، أما إيران التي تعتمد كثيرًا على حقل بارس الجنوبي بات مدخول النفط عندها مستهدف وباتت المشاريع المقررة لتوسيع مدّ الشبكة النفطية التوسعية مهددة نظرًا للحصار الإقتصادي والإستهداف المباشر لمورد أساسي في موارد التصدير في إيران وروسيا.

أما الولايات المتحدة الإميركية فتستهلك ٢٥٪ من النفط العالمي بالرغم من أنها تشكل قرابة ال٥٪ من سكان العالم. هذا الرقم الضخم في الإستهلاك النفطي يبرره إمتلاك أمريكا لإسطول حربي مؤلف من قرابة ٤٠ قاعدة عسكرية في العالم، كذلك مصانع الأسلحة في الولايات المتحدة. تعتبر إذًا هذه إحدى الجبهات التي إنتصرت فيها أمريكا على الخط الروسي في حربها الشرق أوسطية اليوم.

أما في رؤية الجبهات مستقبليًا، من الضروري التركيز على مستقبل الحرب النفطية وربط جميع ما سيحدث بالمواقف التي تتخذها الدُوَل. فإذا تم ترويض نظام بشار الأسد على يد الأمريكان بعد بدء تخلي روسيا عنه، سيقوم الأسد بتمرير خط “نابكو” عبر أراضيه بإتجاه السواحل الشرق أوسطية اللبنانية السورية ليتم النفط والغاز القطري إلى القارة العجوز بنسبة قرابة ال٤٠٪ أقل كلفة من خط “ساوث ستريم” الروسي.

هنا قد يصبح الأسد مفتاح الحل في سوريا بعد رضى أمريكي خليجي عليه، ولكن هذا السيناريو القابل للتطبيق كيف سيجعل الموقف الإيراني؟ وهل دخول حزب الله إلى سوريا خاصةً عبر القصير الموجودة ضمن مخطط “خط نابكو” النفطي هو لضمان عدم تمكن الأسد من إبرام أي صفقة مع الغرب؟ وبالتالي إبقاء الحرب مفتوحة تأخيرًا للعديد من المشاريع النفطية التي هي باب الحل المقفل حاليًا حتى إشعار آخر.

الكتاب “أنابيب حمراء، لماذا سوريا؟ ولماذا الآن؟” هو مرجع للكثير حول السياسات النفطية في الشرق الأوسط، لما يتضمنه من معلومات كثيرة حول الملف المفتاح لتسكير هذه الأنابيب الدموية التي تسيل يوميًا في سوريا والعراق واليمن..

السابق
حزب الله يصطاد فرائسه بـ«صقر» المستقبل
التالي
بري: المناخ الايجابي النسبي هو نتيجة للحوار