سنة 2014 تورّث 2015 ملفات قضائية متفرّعة

يبقى استمرار الازمة السياسية في لبنان العامل الأول المؤثر على الحياة الامنية فيه. فكلما اشتدت هذه الازمة تركت آثارها السلبية على الأمن في الداخل وامتدت الى الحدود مع بروز التنظيمات المتطرفة مثل “جبهة النصرة” و”داعش”. وأثبتت التجربة اللبنانية ان التوافق السياسي هو الطريق الى استتباب الحياة الطبيعية، وفي مقدمها الاستقرار الامني. ويتطلع المراقبون الى الحوار الذي بدأ بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” والحوار المتوقع بين تكتل “التغيير والاصلاح” وحزب “القوات اللبنانية”. وهذا الحوار، ان لم يتوصل الى نتائج مثالية، فهو يزيل الحاجز النفسي ويفكك عقدة التباعد بين الافرقاء والتي من شأنها ان تترك ارتياحا على الداخل أمنياً.

والكلام على الامن والحوادث الامنية على اختلافها، يتفرّع الى ملفات جزائية شهد القضاء الكثير منها هذه السنة، وفي مقدمها متابعة الملفات التي تتصل بتفجيرات مفخخة شهدتها مناطق الضاحية الجنوبية، وللمرة الاولى وسط بيروت في كانون الاول الماضي يوم اغتيال الوزير محمد شطح بتفجير سيارة مفخخة. الى ملفات شكلت اعتداء على امن الدولة، كالاشتباكات التي دارت في طرابلس بين منطقتي باب التبانة وبعل محسن وانتهت بانتشار الجيش وتوقيف مسلحين بينهم قادة محاور، ثم انتقال هذه الاشتباكات الى منطقة عرسال اثر توقيف الجيش ارهابيين، وقبلهما اشتباكات احداث عبرا التي اسدلت الستار على ظاهرة الشيخ احمد الاسير وانتهت باعادة منطقته في محيط صيدا الى حظيرة الدولة. وعقد المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابرهيم جلستي استجواب للموقوفين. وعيّنت جلسة ثالثة في كانون الثاني المقبل.
وتبقى الملفات ذات الطابع الارهابي. وهي شكلت ولا تزال الشغل الشاغل امام القضاء العسكري سواء في ملفات فردية او تضم مجموعات مدعى عليها موزعة امام قضاة التحقيق العسكريين او المحكمة العسكرية الدائمة، ومحورها الانتماء الى تنظيم ارهابي وحيازة اسلحة وتشكيل مجموعات مسلحة بقصد القيام باعمال ارهابية.وهذا النوع من الملفات مرشح للاستمرار في السنة الجديدة.
وتركت عملية احتجاز العسكريين من الجماعات المتطرفة انعكاساتها على المحاكمات الجارية في ملف الموقوفين الاسلاميين في احداث مخيم نهر البارد امام المجلس العدلي، فمنذ بدء السنة القضائية في ايلول الماضي، يتمنع بعض الموقوفين عن الحضور من مقر توقيفهم في سجن رومية الى قاعة المحاكمة في قصر العدل في بيروت، وهو ما عطل سير المحاكمات بالنسبة الى المتمنعين الذين يواجهون تهما جنائية خطرة. وانضم اليهم الموقوف السوري من ثلاثة موقوفين في ملف تفجير حافلتي ركاب في عين علق عام 2007. وهو موقوف ايضا في ملف البارد .وهذا التمنع مرشح للاستمرار في السنة الجديدة، ما دامت قضية العسكريين المحتجزين معلقة. وما دام الحل القانوني غائبا والحل الامني مستبعدا لجهة احضارهم قسراً، فهؤلاء يعيشون “على راحتهم” داخل السجن منذ الاحداث التي شهدها سجن روميه عام 2011 وما رافقها من حرائق داخل المبنى “ب”، وازالة الحواجز الفاصلة بين الزنزانات والابواب. ومذذاك يعيش هؤلاء في مملكتهم داخل السجن. وقبل حادث خطف العسكريين كان العمل جارياً على انشاء مبنى خاص بالمكافحة لنقل الموقوفين الاسلاميين الى المكان الذي يشغلونه تمهيدا لاعادة السيطرة الكاملة على السجن المركزي.ولكن قضية خطف العسكريين أخّرت هذه العملية الى حين سماح الوضعين الامني والسياسي بتحسن الاوضاع في سجن روميه. وفي الانتظار يستبعد الاحضار القسري للمتمنعين لمحاذير ارتداداته على ملف العسكريين المخطوفين، ومنعا للاحتكاك بين العناصر الامنيين والسجناء وما يمكن ان يؤدي الى ضحايا من الفريقين مع ما تردد من وجود مواد متفجرة معهم في الداخل، رغم ان مصادر مطلعة ذكرت لـ”النهار” ان السلاح الذي في حوزة الموقوفين هو سلاح ابيض فحسب، نافية وجود متفجرات،وقالت انه في حال وجودها فهو من النوع البدائي الخفيف. وبالنتيجة يرشح ان يستمر الوضع على ما هو حاليا في الفترة المنظورة.
ويقول المحامي يوسف لحود لـ”النهار” انه قبل فترة قصد سجن روميه وقابل وكيله السوري الشقيري المتمنع عن المثول في تهمة جنائية رئيسية في ملف عين علق، اضافة الى توقيفه في ملف البارد. ويرد هدف الزيارة الى محاولة لاقناع الاخير بالعدول عن التمنع. ويضيف لحود أن موكله أدلى بأسباب صحية للتمنع تتعلق برجله، شاكيا إهمالاً وعدم معالجته جيدا، مشيرا الى انه كان يحضر الى المحاكمة على العكاز وعلى كرسي نقال قبل تمنعه، و”قد تكون هناك اسباب حقيقية غير مباشرة لعدم مثوله تتصل باسباب أخرى، فالموقوف لا يقول كل شيء دائما لوكيله ولا ادري ان كانت لديه اسباب غير معلنة”.
ويعتبر لحود ان مشكلة التمنع تتعلق بهيبة الدولة. ويرى الحل باحضارهم بالقوة والا بايجاد حل قانوني. ويذكر انه طرح مع المجلس العدلي والنيابة العامة لدى المجلس مسألة عدم التواصل بين القضاة والموقوفين مقترحا تشكيل لجنة تفاوض السجناء وتفتح حوارا معهم لاقناعهم بالاحجام عن التمنع والاطلاع على اوضاعهم. ويقول: “عليهم اقناعهم بالحضور، ومَن لا يقتنع يُحضر ماثلا امام المحكمة، وإلا يكونون يرسخون ذهنية التمرد في السجن عندما لا تتم محاورتهم ولا يتم احضارهم بالقوة”. ولا يخفي استفساره عن سبب عدم دخول قوة امنية، وقد اجيب بأن لديهم مواد اولية لمتفجرات، وبينهم ذوو خبرة في المتفجرات اليدوية. فاذا صح هذا الكلام تحصل مجزرة.ويرى ان “طريقة مقاربة الملف تكمن اولا في المعالجة ثم في سوقهم. عليهم اقناعهم، ومن لا يقتنع يتم احضاره”. ولم يستبعد لحود وجود تواصل بين موقوفين ومعنيين بمنظمات متطرفة لوجود هواتف خليوية
معهم.
والى هذه الملفات، يبقى ملف الوزير السابق ميشال سماحة معلقا حتى حزيران المقبل موعد جلسة محاكمته التي لم تبدأ عمليا بعد لعدم تبليغ المسؤول الامني السوري علي مملوك.
ولم تغب الجرائم ذات الطابع الشخصي عن هذه السنة، والتي ادت الى مقتل نسرين روحانا على يد زوجها وايلي نعمة الموقوف فيه عبد الله ع، ومقتل الطفلة سيرين راكان على يد الخادمة الاثيوبية.وتبقى جريمة قتل صبحي فخري وزوجته نديمة على يد مسلحين من آل جعفر، عالقة حتى إشعار آخر.
وفي الملفات ذات الطابع المالي، يأخذ القضاء المجرى القانوني في الدعاوى المقامة ضد رجل الاعمال بهيج ابو حمزه والامين العام السابق للهيئة العليا للاغاثة ابرهيم البشير.

السابق
اكتشاف مخيّم في جرود عرسال يضم عائلات الإرهابيين المتحصنين في جرد البلدة
التالي
بلديات صور تحدد أسعار الاشتراك بمولدات الكهرباء