انتظار لبناني لتوقيع الاتفاق النووي

كلما اقترب موعد تصاعد الدخان الأبيض من مسقط، توسّم اللبنانيون خيراً بأن الآتي من الأيام سيحمل اليهم بشرى التسويات الإقليمية التي لا بد سينالهم نصيب منها، وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي المعلّق على عدم جدية مقاربته وفق تفاوض لبناني ـ لبناني صادق.

ولكن ما الذي يؤخّر التوقيع على الاتفاق النووي الايراني الذي تنجذب انظار العالم الى طاولة مفاوضاته في سلطنة عمان لمعرفة الى اين ستتجه بوصلة التسويات؟
يكشف مصدر ديبلوماسي معني عن ان “سبب تأخر توقيع الاتفاق الاميركي ـ الايراني حول الملف النووي الايراني سببه الجوهري ليس الخلاف على بعض النقاط القابلة لتدوير الزوايا، بل إن المحادثات عندما بدأت حملت عنوان (5+1)، وإيران عند ذهابها الى خيار التفاوض أتت معها بروسيا والصين وتحولت المحادثات عملياً الى (5+3)، وواشنطن تقول لطهران بعدما صار الاتفاق النووي بحكم المنجز: لا تأتي بالروسي والصيني الى التوقيع، لأننا نريد الاتفاق النهائي معك من دون شراكة موسكو وبكين.. إلا أن طهران تصرّ على إشراك حليفتيها”.
لماذا الرفض الاميركي لشراكة إضافية في التوقيع ولماذا الإصرار الإيراني؟ يوضح المصدر ان “السبب مرتبط بما بعد التوقيع على الاتفاق، فأهميته ليس في الانتهاء من وضع الملف النووي، إنما كونه سيؤدي الى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، وبالتالي الولايات المتحدة الاميركية ومعها الاتحاد الاوروبي يريدون الشراكة الاقتصادية مع إيران من دون مشاركة روسيا والصين، وهذا ما يفسّر الاعلان الايراني عن عقود مع روسيا لبناء مفاعلين نوويين إيرانيين جديدين، في حين أن شركات الطيران المدني والشركات الصناعية والإعمارية الكبرى في اميركا وأوروبا جهّزت العقود كي توقّع مع إيران فور رفع العقوبات، انطلاقاً من اعتبار واشنطن والعواصم الاوروبية بأن طهران ستكون شريكة لهم على المستوى الاقتصادي الإستراتيجي، ولا يقبلون أن يقاسمهم بهذه الشراكة الإستراتيجية موسكو وبكين”.
ويؤكد المصدر أن “جو المحادثات إيجابي الى ابعد الحدود وليس سلبياً على الإطلاق، وفوز الحزب الجمهوري في الانتخابات الاميركية لن يوقف توقيع الاتفاق او يؤثّر على المحادثات، لأن واشنطن اتخذت قراراً إستراتيجياً بموافقة الحزبين الجمهوري والديموقراطي بالوصول الى خواتيم إيجابية في المفاوضات مع إيران، انطلاقاً من ان هذا الاتفاق سيساهم بقوة في الحد من الأزمة المالية في اميركا وأوروبا، لذلك لا يريد الاميركي والاوروبي ان يكون الروسي والصيني شريكين في الاستفادة من العقود الاقتصادية والمالية مع إيران، ولكن من المؤكد ان الاتفاق سيوقع بين (5+3) لأن الإيراني متمسك بشراكة حلفائه حتى لو تأخر التوقيع”.
ما هي انعكاسات التوقيع المرتقب للاتفاق النووي الإيراني على ملفات المنطقة ومنها لبنان؟
لا يستبعد المصدر “أن يفضي ذلك الى التسريع في الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، كما أن أول بند يضعه الإيرانيون بعد إنجاز اتفاقهم النووي هو الرئيس السوري بشار الأسد لجهة إعادة الاعتراف العربي والدولي به كرئيس لسوريا، ومن ثم تتدرج ملفات لبنان والعراق وغيرها، ولكن ما يحاول السعوديون تمريره أنه إذا اعترفوا بالأسد رئيساً لسوريا لولاية ثالثة وأعادوا ودول الخليج العلاقات الديبلوماسية معه، فهذا مشروط بأمرين:
الأول، عدم المس باتفاق الطائف ووقف الحديث نهائياً عن طائف جديد. الثاني، عدم انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية”.
ويعتبر المصدر “ان الموقف الإيراني معلن وتم إبلاغه الى كل الموفدين الدوليين، وهو دعم جهود اللبنانيين للتفاهم حول الملفات المطروحة انطلاقاً من الحفاظ على الأمن والاستقرار. ولا يخفى على أحد ان طهران لا تقيم وزناً للشروط المسبقة، ويعتبرون أن الأسد باق وسيكمل ولايته الثالثة إن اعترفت به السعودية أم لم تعترف. وفي لبنان لا تقارَب الأمور عبر وضع الشروط لأن الرياض لا تستطيع فرض الشروط، مما يعني ان مباشرة البت بالملف اللبناني ستنطلق بعد إتمام توقيع الاتفاق الإيراني ـ الاميركي”.

السابق
لماذا استبدال خطر السلاح النووي الاسرائيلي القائم بخطر نووي إيراني محتمل؟
التالي
السيارات تغرق في نفقي المطار… أسلكوا طريق الأوزاعي!