مطلوب من واشنطن تعديل موقفها من التفاوض الفلسطيني – الإسرائيلي

المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية
ينفرد موقع "جنوبية" وبالتعاون مع مركز "تطوير" للدراسات بنشر مقال لرئيس المركز هشام دبسي حول المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية ودور واشنطن في هذا الإطار.

تراجع نتنياهو عن قرار حكومته بإغلاق المسجد الأقصى، تحت ضغط الموقف الاميركي وحده. هذا الأمر يحمل دلالة عبر عنها وزير المال في حكومته يائير لبيد منتقداً سلوك رئيسه المؤدي إلى أزمة في العلاقات الإسرائيلية – الأميركية،حين قال ” أقترح أن تسألوا الجيش الإسرائيلي، كم من الوقت يمكنه أن يصمد من دون مساعدة الولايات المتحدة “.
الكلام هنا يعني أن قدرة واشنطن على ضبط المسار السياسي للحكومات الإسرائيلية غير محدودة، بغض النظر عن شخصية الأفراد وطبيعة الأحزاب التي تحتل أغلبية مقاعد الكنيست.
في التاريخ القريب فرض رؤساء سابقون للولايات المتحدة خطوات استراتيجية لم يردها حكام اسرائيل. لنتذكر مثلاً الرئيس كارتر ومناحيم بيغين في كامب ديفيد المصري، الرئيس ريغان وشارون أثناء غزو لبنان والرئيس بوش الأب وشاميرخلال مؤتمر مدريد.
– وزير خارجية السويد….. قدم مذكرة للدول الأوروبية تشرح البعد القانوني لقرار الحكومة السويدية بالإعتراف بدولة فلسطين، والأهم انه قال: علينا إحداث توازن بين الطرفين حتى يصير خيار الدولتين قابلاً للتنفيذ، وهنا أصاب كبد الحقيقة المرتبطة بإختلال فادح في ميزان القوى بين دولة فلسطين ودولة اسرائيل بشكل لا يعوض من دون تدخل دولي – عربي.
– الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتبع استراتيجية التوجه للأمم المتحدة والمجتمع الدولي وينادي ضمناً بتغيير القواعد التفاوضية مع اسرائيل… وهنا بيت القصيد.
– واشنطن بلسان وزير خارجيتها كيري ولاول مرة عَزَت انهيار المفاوضات للدور الإسرائيلي السلبي، وقال أحد متحدّثي البيت الابيض عن نتنياهو أنه لم يفعل شيئاً للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين أو مع الدول العربية السُنيّة. كما قال عنه أنه مهتم فقط بحماية نفسه من الهزيمة السياسية الداخلية.
لكن أزمات العلاقة الإسرائيلية مع البيت الأبيض منذ تسلم الرئيس باراك أوباما العصا السحرية، لم تسفر عن تغيير في قواعد التفاوض التي تعتمدها واشنطن وأساسها: ترك الإسرائيلي والفلسطيني وجهاً لوجه، بعيداً عن أي ضغط، وبعيداً عن المحافل الدولية.
تلك هي القاعدة التفاوضية التي أتاحت للحكومات الإسرائيلية المعادية للسلام أن تهزم السلام في فلسطين والمنطقة.
– البعض قد يرى أن اللوبي اليهودي هو من يصنع السياسة الأميركية. لكن الحقائق تقول أن المصالح الأميركية هي من يصنع السياسة في واشنطن، وحكاية اللوبي على أهميتها عبارة عن ذريعة،لإعفاء واشنطن من مسؤوليتها ودورها، الذي تحدثت عنه في أكثر من خطاب رئاسي ومحفل دولي.
– المتابع لتطور الرأي العام الاوروبي، يلاحظ أن استطلاعات الرأي في أكثر البلدان محافظة مثل ألمانيا تعطي 70 % لصالح دعم خيار قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة اسرائيل.وما جرى في البرلمان البريطاني مؤخراً فضلاً عن القرار السويدي الجريء والجذري يحرك الآن البرلمان الفرنسي وباقي الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي. وهو أي الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لإسرائيل وليس الولايات المتحدة، كما أن الإتحاد الأوروبي الممول الرئيس لعملية السلام والسلطة الفلسطينية.
كتب أحد المعلقين الإسرائيليين يقول ” اسرائيل تفقد الشريك التجاري الاساسي… الأوروبيون لم يعودوا يريدوننا “.
– اسرائيل – نتنياهو لا تريد السلام، واشنطن لم تغير فلسفتها التفاوضية، فلسطين تريد تغيير القواعد التفاوضية، المجتمع الدولي بأغلبية كبيرة مؤيد للمطلب الفلسطيني.. لكن!؟
– لكن التطرُّف الإسرائيلي لا يستغلّ فقط “التسامح المفرط” لدى الإدارة الأميركية، بل يستغلّ أيضاً تهاون الوضع الفلسطيني في إعادة انتاج سلطته الوطنية الموحدة!
ثمة إذاً “هوم ورك” ينبغي إنجازه، فلماذا لا تسارع حكومة التوافق إلى إنجاز مهمتها الأولى، وهي اعادة انتاج النظام السياسي الفلسطيني بالدعوة لإنتخابات تشريعية ورئاسية ولتذهب السلطة لمن يفوز ؟!!… ولعلّ الإسلاميين الفلسطينيين يستفيدون من تجربة إخوانهم التونسيين في التخلّي عن السلطة ديمقراطياً، والإحتكام فعلاً إلى صناديق الإقتراع. بدلاً من الإحتكام إلى الصواريخ!

السابق
جنبلاط: مددنا تفادياً للفراغ
التالي
التمديد مرّ… فوق بيض المجتمع المدني وبندورته