«كوباني» بين الحلم الكردي وكابوس «داعش» وأطماع تركيا

كوباني
لا شك أن هجوم داعش على مدينة كوباني السورية يخدم تركيا المتهمة بغضّ النظر عن دخول المقاتلين الجهاديين إلى سورية عبر حدودها، ثأرا لخسائر جيشها، الذي يخوض منذ الثمانينيّات من القرن الفائت صراعا مسلّحا ضد الأكراد الانفصاليين على أرضها وعلى رأسهم "حزب العمال الكردستاني" الذي يدافع عن المدينة في معارك أوقعت حوالي ٤٠ ألف قتيل. وتتمتع كوباني بأهميّة استراتيجيّة، كونها تشكل عقبة أو حاجزا بين المناطق التي تسيطر عليها "داعش"، في منطقتي جرابلس ومنبج غرباً، والمناطق التابعة لمحافظة الرقة شرقاً وجنوباً.

تشهد مدينة “كوباني” أو(عين العرب) بالعربية، الواقعة شمال محافظة حلب السورية على الحدود التركية، هجمات ضارية يشنها تنظيم “الدولة الاسلامية” في مواجهة مقاومة شرسة لمقاتلي “وحدات حماية الشعب” و”حزب العمال” الكرديين.

وتحولت كوباني خلال شهر من المعارك، من مدينة صغيرة مغمورة على الحدود السورية مع تركيا، الى رمز لصراع بين حلم كردي باقامة اقليم يتمتع بحكم ذاتي، وبين “خلافة” اعلنها تنظيم “داعش” الجهادي الارهابي ويقاتل من اجل توسيعها وفرضها بالقوة.

وكذلك تحولت “نارين عفرين”، المقاتلة الكردية في حزب العمال الكردستاني، التي تقود معركة الدفاع عن المدينة، الى رمز نسوي عالمي لامرأة تقاوم إرهاب “الدولة الاسلامية” الذي نكّل وقتل الرجال و”سبى” العديد من نساء بنات جلدتها أثناء اجتياحه لقرى ومدن العراق وسورية، ومسرح عملياته العسكرية وأرض خلافته الاسلامية المنشودة. وتردد انه سيطر على نصف المدينة حتى الآن.

وعمد تنظيم “داعش” على حسابه على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي، الى تغيير اسم مدينة عين العرب الى “عين الاسلام”.

وتشير إحصاء سنة 2004 إلى أن عدد سكانها بلغ 81000 نسمة، يضاف اليها 384 قرية صغيرة يتبعون قضاءها فيصبح العدد الاجمالي 200 ألف نسمة، كما تشير بعض المصادر الإعلاميّة إلى أن عدد القاطنين فيها تضاعف نتيجة نزوح نحو 200 ألف مواطن سوري إليها قدموا من المناطق العربية في ريف حلب، هرباً من وحشيّة “داعش”.

تتمتع كوباني بأهميّة استراتيجيّة، كونها تشكل عقبة أو حاجزا بين المناطق التي تسيطر عليها “داعش”، في منطقتي جرابلس ومنبج غرباً، والمناطق التابعة لمحافظة الرقة شرقاً وجنوباً. وفي حال سقوط كوباني، تصبح الجغرافيا التي تسيطر عليها “داعش” ممتدة من محافظة حلب إلى الموصل والأنبار في العراق، مروراً بالرقة ودير الزور، رقعة واحدة. وبالتالي، يكتمل الحصار على بقية المناطق الكرديّة السوريّة في محافظة الحسكة.

وفي الأصل، المناطق الكرديّة السوريّة هي امتداد للمناطق الكرديّة في تركيا (كردستان تركيا) تمّ فصلها عن بعض، نتيجة اتفاقية “سايكس – بيكو” سنة 1916، المبرمة بين الفرنسيين والانكليز، لتقاسم النفوذ في المناطق الجنوبيّة التي كانت تابعة للسلطنة العثمانيّة. ما يعني أن كوباني، هي امتداد لسهل “سروج” في تركيا، وكذلك بقيّة المناطق الكرديّة التي تشطرها الحدود التركيّة – السوريّة إلى شطرين.

والمعروف ان الأكراد سعوا في المرحلة السابقه عقب اندلاع الاحداث في سوريا الى ابقاء مناطقهم في منأى عن الصراع الدامي واقاموا نوعا من الحكم الذاتي عبر مجالس محلية وتحالفت “وحدات حماية الشعب” السورية مع “حزب العمال الكردستاني”، عدو تركيا رقم واحد والذي يتزعمه اشهر سجين كردي في تركيا عبدالله أوجلان.

ويرى محللون ان ضرب المشروع الكردي من قبل داعش وهجومه على كوباني في سورية ستستفيد منه تركيا في النهاية، المتهمة بغضّ النظر عن دخول المقاتلين الجهاديين الى سورية عبر حدودها، وذلك ثأرا لخسائر جيشها الذي يخوض منذ الثمانينيّات من القرن الفائت صراعا مسلحا مع الاكراد الانفصاليين على ارضها وعلى رأسهم “حزب العمال الكردستاني” المدافع الحالي عن المدينة، مما اوقع حوالي ٤٠ الف قتيل من الطرفين خلال تلك السنوات المنصرمة.

والجدير ذكره ان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا عبّر عن خشيته من حدوث «مجزرة» مشابهة لمجزرة سريبرينيتسا بالبوسنة. وقال إن أكثر من 700 مدني لا يزالون في وسط المدينة معظمهم من المسنين في حين تجمع ما بين عشرة آلاف و13 ألفا قرب الحدود مع تركيا. وحذر المسؤول الدولي من أنه إذا سقطت المدينة نهائيا فإن هؤلاء المدنيين سيتم قتلهم على الأرجح.

السابق
حمادة: تحذيرات ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن من داعش ليست مفاجئة
التالي
وفاة عامل سوري سقط من الطبقة الرابعة من احدى ورش البناء شرق صور