هاني فحص: ليس هذا أوان الرحيل!

هاني فحص

العزيزة الأستاذة ميادة ..

على أمل أن نرقى في عملنا وفكرنا وشعرنا

إلى مستوى المرأة.. أماً وبنتاً وعروس شعر

ومنبع إبداع.. مع تحياتي

هاني فحص

عمان في 21/12/2013

****

بهذه الكلمات العميقة الأثر ترك لي سماحة السيد هاني فحص، النبيل في أخلاقه ورقي روحه، آثار رقيه إهداءً على كتابه “اقتراض الشعر لا قرضه “..

في الصفحة 232 من الكتاب يقول السيّد، الذي يعزّ عليه أن أصفه بالراحل، لأن الخالدين لا يرحلون: “إن موقفنا من المرأة لا يعود للدين أو الإسلام كمرجعية له .. نحن ينحدر موقفنا وفهمنا لموقعها ودورها وشخصيتها وهمومها وأحلامها وأخطائها من الجاهلية، من أسوأ ما في الجاهلية من معنى، لأنه حتى في الجاهلية كان هناك لدى كثير من الفئات موقع متقدم للمرأة مما جعل العرب لا يفاجأون بموقف الإسلام منها.. ماذا نقول غير أننا أحبطنا المشروع الذي أسسه الرسول والانقلاب الذي أحدثه على القيم السلبية تجاه المرأة، وعدنا إلى الجاهلية حتى في قراءتنا وتعاملنا مع التشريع الذي يطال شؤون المرأة .. !!”

هكذا يكون رجل الدين قولاً وفعلاً، يكون الإنسان المليء بالحب والرحمة، والمليء بالإيمان بالمرأة وأهمية وجودها في الكون وعظمة أدوارها وعلو منزلتها، فيحترمها زوجة وأماً وابنة ومعلمة وعالمة وتلميذة .

هاني فحص .. أيها المحارب الذي رحل وما رحل: لم تنته معركتنا ضد قساة القلوب وغلاظ العقول، نحتاج لمن ينشر الحب كتاباً مقدساً، ويعيد للجمال مفاهيمه، وتاجه المسلوب.

أنا المرأة أحتاج وقوف رجل الدين إلى جانب قضيتي العادلة كما وقفته أنت بعد أن شوه الكهنة، على اختلافهم، علاقتي بالله ، وجعلوني كبش المحرقة في نار جهنم ..

أنا المرأة التي تحتاج مؤمنين مثلك بقضيتها، ومؤمنين بمقدرتها، ومؤمنين بعطائها ليكونوا رفاق دربها نحو الرقي والتحضر ..

أنا المرأة أحتاج قوة علمك ومضاء حكمتك، وجبروت معرفتك لتدافع عن تاريخي، وتصحح حاضري وترسم مستقبلي ..

أحتاجك مرشداً أنا المرأة التي تبحث عن الله في أطروحات المؤسسة الدينية فلا تجد سوى أصداء لأبواقٍ ذكورية تطبّل وتزمر لذكور القبيلة، وتفصّل الفقه واللاهوت على مقاس متعتهم..

أيها السيد بعلمك وخلقك، لماذا قررت الغياب وحزمت حقائبك، فما هذا أوان الرحيل؟! ..

يا سماحة الرجل الذي له في قلبي مكانة لا يضاهيه بها سوى والدي، أرجوك أن تفتح عينيك، وتعلن استمرار ابتسامتك بلسماً لكل قلوب محبيك ..

هاني فحص، غاب منك الجسد، لكنّ ظلك الطويل يحمي أرواحنا، ويترفّق بقلوبنا، ويحفزنا أن نبقى نواصل دربك المليء بالأشواك من أجل أن ينتصر الإنسان..

*كاتبة وباحثة سورية

السابق
عاملة المنزل قتلت سيلين راكان خنقاً
التالي
الهدوء عاد الى طرابلس بعد اطلاق النار على مركزي الجيش