مراكز دعم التلامذة في النبطية.. متى تبادر السلطات إلى مراقبتها؟

مع انطلاق السنة الدراسية الحالية احتدمت المنافسة بين المراكز المتخصصة بمتابعة التلامذة بعد انتهاء دوامهم المدرسي، فانتشرت الاعلانات المبشرة بولادة هذه المراكز في كل شوارع النبطية تحت عناوين “جاذبة” للاهالي الراغبين بتقوية أولادهم في مواد معينة او ايجاد من يتابع تعليمهم بعيداً من المنزل، حتى أن بعض هذه المراكز ميز خدماته بـ”النقليات المؤمنة”! فماذا عن هذه المراكز غير الخاضعة للرقابة من الجهات التربوية؟

لا شك في أن فكرة ايجاد “استاذ خصوصي” لتقوية أي تلميذ ضعيف في مادة معينة موجودة منذ زمن، وتلقى اهتمام الاهالي، غير أن هذه الفكرة أخذت بالتوسع لتصبح مركزاً متخصصاً بمتابعة الأجندة اليومية للتلميذ بكل تفاصيلها من دون أي حاجة من الأهالي لمتابعتهم في المنزل فضلاً عن قيام هذه المراكز بنشاطات غير منهجية كالرحلات في العطل المدرسية.
وقد لا تكون هذه المراكز في ظاهرها خطيرة تربوياً، اذ ان عدداً منها يديره أساتذة أكاديميون مشهود لهم بكفاياتهم العلمية، لكن ما بتنا نشهده في النبطية وفق مصادر تربوية بات يتعدى حدود المقبول بحيث “بات أي متخرج جديد او اي شاب لم ينجز تعليمه الجامعي او الاكاديمي قادر على افتتاح مركز لتقوية التلامذة، اذا ما امتلك بعض المال لتجهيزه، كون هذه المراكز لا تحتاج الى ترخيص أو موافقة مسبقة من المنطقة التربوية أو وزارة التربية طالما أنها لا تعطي افادات نجاح أو شهادات في اختصاصات معينة وبالتالي لا رقيب قانونياً على عملها”.
ولفتت المصادر الى ان”معظم هذه المراكز التي بات يعلن عن ولادتها في شكل اسبوعي تركز على جذب تلامذة المدارس الخاصة، لا سيما العريقة منها كما يقومون باستقطاب اساتذة هذه المدارس بمراحلها المختلفة ليكونوا أساتذة أيضاً لمن يدرسونهم في المدرسة مما يرتب مشكلات أكبر مستقبلاً عندما ينتقل التلميذ الى صفوف أعلى وصولاً الى الشهادات”.

ظاهرة مفيدة وضارة!
قد لا تكون هذه الظاهرة فريدة بفعل وجود مدارس نظامية كثيرة هدفها الأول والأخير جني الارباح، لكن ما انعكاساتها تربوياً على الاجيال؟
يعلّق المستشار التربوي والأستاذ الجامعي الدكتور منذر أنطون على هذه الظاهرة في اتصال مع “النهار” قائلا:” هذه ليست ظاهرة جديدة في العالم كونها تطوير لمنطق “الأستاذ الخصوصي” الموجودة منذ مدة طويلة، وبالتالي هذه المراكز لا تعد كالمدارس النظامية فهي لا تخضع لأي رقابة تربوية من وزارة التربية، لكنها حتماً يجب أن تخضع لمراقبة وزارات الاقتصاد والمال والداخلية كونها تؤمن دخلاً يتوجب دفع ضريبة عليه”.

واعتبر ان هذه الظاهرة بقدر ما هي مفيدة تربوياً، هي في المقابل ضارة لأن”هؤلاء التلامذة من الناحية التربوية سينالون وقتا اضافيا عن رفاقهم، لكن هذا قد يكون دافعاً لبعضهم للمشاغبة واللهو في مدارسهم لأنهم واثقون انهم سيأخذون هذه الدروس في مدارس او تجمعات التقوية”، لافتاً الى ان “الخطورة تربوياً تكمن في ما اذا كان معلمو المساء هم اساتذة هؤلاء التلامذة في مدارسهم مما قد يجعلهم يرسّبون من لا يتابع دروس التقوية ويمنحون من يتابعها علامات اكثر من رفاقهم لاظهار الافادة للأهل”.
ولكن ماذا عن ادارة هذه المراكز من غير ألاكاديميين ؟ يجيب:” اذا كان من يديرها من غير الاكاديميين فيكون الخطر مضاعفاً من النواحي التعليمية والاخلاقية كون معلميهم سيسمحون لهم بالقيام بما يريدون لان غايتهم جمع المال ولا يعرفون اكثر من ذلك، طالما أن الرقابة المباشرة من وزارة التربية غائبة”، مشدداً على ان “المشكلة تكمن أيضاً عندما يبادر ‏بعض المعلمين وان كانوا اكاديميين مشهود لهم بعدم التعامل بمهنية لانهم يريدون زبائن، ولذلك قد يتصرفون في مدارسهم في شكل غير تربوي من حيث الترسيب وغض النظر عن تصرفات التلامذة، وهنا تبرز الحاجة الى الرقابة التربوية”.
وقد لا يكون اغلاق هذه المراكز من الجهات التربوية هدفاً في ذاته لحاجة العديد من الأهالي سيما العاملين منهم لمن يتابع أولادهم مدرسياً، لذلك المطلوب تحديد سبل ناظمة لعملهم بما يضمن الرقابة التربوية وادارتها من الأكاديميين بـ”ضمير”، علماً ان مديرة مدرسة عريقة في النبطية وفق معلومات لـ”النهار” قامت بطرد معلمة لتعليمها تلامذتها في أحد هذه المراكز، فهل من آخرين يتخذون موقفاً مماثلاً؟!

السابق
فشل آخر في تحرير 3 عسكريين مقابل مقاتل جريح
التالي
مصادر حزب الله: 10 من مقاتلينا استشهدوا بالتصدي لمسلحي النصرة