جسم طرابلس اللبّيس.. بين الصلبان والبيرة

علمت "جنوبية" أنّ المحامي صالح المقدم سيتحرك قضائيا لتقديم دعوى في حقّ مروّجي شائعة منع بيع الصلبان والايقونات في طرابلس. وسيتقدّم المقدّم، مع مجموعة أخرى من زملائه، بالدعوى القضائية يوم الإثنين، بعد استكمال الملفّ أمام القضاء المختص، لأنّه "من غير المقبول بعد اليوم السماح للصحافة الصفراء بالنيل من مدينتنا"، يقول المحامي الغاضب.

علمت “جنوبية” أنّ المحامي صالح المقدم سيتحرك قضائيا لتقديم دعوى في حقّ مروّجي شائعة منع بيع الصلبان والايقونات في طرابلس. وسيتقدّم المقدّم، مع مجموعة أخرى من زملائه، بالدعوى القضائية يوم الإثنين، بعد استكمال الملفّ أمام القضاء المختص، لأنّه “من غير المقبول بعد اليوم السماح للصحافة الصفراء بالنيل من مدينتنا”، يقول المحامي الغاضب.

استيقظت طرابلس أمس على وقع خبر منع بيع الصلبان والأيقونات المسيحية في المدينة، من قبل بعض الشباب المسلمين. كانت صحيفة الديار أوّل من نشر الخبر، فيما يشبه الخيال الواسع لناشرها والقيّم عليها شارل أيّوب.
ليست هذه المرة الأولى الّتي تقرأ أخبار “أكشن” في الديار. الأمر رائج والإثارة مطلوبة. وإن كان أيّوب يريد أن يؤلّف الأخبار عن المدينة، لأسبابه الخاصة، ليضعها تحت خانة قصّة قصيرة أو مقتطف من رواية، لأنّ طرابلس ضاقت ذرعاً بـ”جسمها اللّبيس” وصارت تريد أن تنتفض وترميه في وجه من يسيء إليها.
خيال أيّوب أثار حنقة الطرابلسيين، خصوصاً أصحاب المصلحة والتجار الذهب في طرابلس، ويقول التاجر سميح حسّون لـ”جنوبية”، إنّ خبراً كهذا يمكنه أن يبعد المسيحيين عن السوق ويضرّ بالمصلحة. في السوق، أصحاب محلات من كل الطوائف، كان الأجدر بملفّق الخبر أن يدرك هذا الأمر قبل أن يرمي التهم جزافاً”.
ويضيف: “نحن لا نفرق بين مسلم ومسيحي، ولا نرضى أن تتكوّن صورة كهذه عن السوق العريق والمعروف بانفتاحه. لقد عانت المدينة ما عانت، وتأثّرت الحركة في الأسواق الداخلية والآن بعد ان انتعشنا قليلاً، يأتي من يريد أن يلصق بنا التهم. عيب!”.
من جهته، عقد أمس نقيب صائغي وجوهريي طرابلس والشمال خالد النمل مؤتمرا صحافيا في ساحة السوق، استنكر ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من اساءة الى سمعة المدينة وبالذات سوق الصاغة، وشجب التعرض للصاغة في طرابلس، نافيا كل هذه الاقاويل، مطالبا وسائل الاعلام بـ”توخي الحذر والدقة، وبالذات الاخبار التي تسيء الى الوضع الاقتصادي، واخذ الخبر من مصدره وليس نقلا عن احد”.
من جهة اخرى، علمت “جنوبية” ان المحامي صالح المقدم سيتحرك قضائيا بتقديم دعوى قضائية في حق مروّجي الشائعة. وسيتقدّم المقدّم، مع مجموعة أخرى من زملائه، بالدعوة القضائية يوم الإثنين، بعد استكمال الملف، امام القضاء المختص. فبحسب المحامي، “من غير المقبول بعد اليوم السماح للصحافة الصفراء بالنيل من مدينتنا”.
لقد تزامنت شائعة “الصلبان” مق قرار البلدية بإزالة “إعلانات البيرة”. القرار يعود إلى عام 2004 ويشمل أيضاً “إعلانات التبغ” وإعلانات أخرى، لكن الطريقة الّتي فجّره بها رئيس البلدية نادر غزال زاد من الإساءة لطرابلس.
وربما لقد آن الأوان للمدينة أن تنتفض. من يمشي داخل طرابلس وأسواقها يفهم ألمها. المدينة فيها من الوجع ومن الحكايا المضنية ما يكفي. نفاياتها المرمية على الأرض، أزقتها، ومبانيها الّتي لم ترمّم بعد الاشتباكات، كلّها تحكي عن غصّة المدينة والظلم اللّاحق بها. حتّى أهلها صاروا أحياناص يشبهونها. لكنّها مدينة شديدة الطيبة، وكذلك ناسها، كحال مجمل الفقراء.
طرابلس ليست قندهار، ولن تكون. أهلها لا يريدون لها ذلك قبل أيّ “غريب”. طرابلس ليست معقل التطرّف. يمكن للفتيات فيها أن يلبسن “شورتاً” قصيراً ويتجوّلن في الشارع. سيسمعن “التلطيشات”، كما سيحدث في أيّ منطقة أخرى. لا أحد ينفي وجود موجة إسلامية في المدينة، لكن حتّى إسلامها ليس له هذ النزعة الداعشية الخطيرة الّتي أُلصقت بالمدينة.
في طرابلس أيضاً شبّان يعزفون الموسيقى، وفيها أماكن للسهر، وفيها مقاهي ومطاعم، وفيها جامعات، وفيها وجه حضاري. لطرابلس وجهها الثقافي، وحركات مدنية تحاول الدغاع عنها، وجهات تعمل لإنتاج مهرجان أفلام فيها. طرابلس تتحضّر أيضاً لمهرجانات صيفية بحضور نجوم بارزين. هل هناك من يخبر أيّوب بالأمر؟

السابق
وجيه كوثراني: البحثُ التاريخيّ لتفسير الإيديولوجيا وليس لدحضها
التالي
لبنان يتلقى إنذارات من مموّلي القروض بإلغائها