شهادة حقّ في الرئيس كامل الاسعد بذكرى رحيله

كامل الأسعد
اليوم وبعد أربع سنوات على رحيل كامل الأسعد، النائب والوزير والرئيس والمنظِّر، والزعيم الوطني والعربي قبل كل ذلك وبعده، نستذكر الثابتة – اللازمة وهي الدعوة إلى التصدي للمؤامرة الصهيونية الهادفة الى تقسيم المشرق العربي – وليس الشرق الأوسط – إلى دويلات مذهبية متناحرة، تقضي على القومية العربية أوّلاً، وتبرر في آن، قيام إسرائيل كدولة يهودية عنصرية. وبينما كان الحديث عن الدولة اليهودية منبوذا وممجوجا على كافة المستويات العربية والدولية، نراه اليوم طبيعيا ومبررا، إزاء الصراعات المذهبية القائمة راهنا.

اليوم وبعد أربع سنوات على رحيل كامل الأسعد، النائب والوزير والرئيس والمنظِّر، والزعيم الوطني والعربي قبل كل ذلك وبعده، نستذكر الثابتة – اللازمة وهي الدعوة إلى التصدي للمؤامرة الصهيونية الهادفة الى تقسيم المشرق العربي – وليس الشرق الأوسط – إلى دويلات مذهبية متناحرة، تقضي على القومية العربية أوّلاً، وتبرر في آن، قيام إسرائيل كدولة يهودية عنصرية. وبينما كان الحديث عن الدولة اليهودية منبوذا وممجوجا على كافة المستويات العربية والدولية، نراه اليوم طبيعيا ومبررا، إزاء الصراعات المذهبية القائمة راهنا.

قبل نشوب الحرب الأهلية اللبنانية بحوالي عقد من الزمن، وقبل مختلف الاجتياحات الإسرائيلية للأراضي اللبنانية، حرص كامل الأسعد، النائب ووزير الموارد المائية والكهربائية على إنجاز مشورع الليطاني بمراحلة كافّة، لكنّه لم يوفّق حينها إلا بإقراره في مجلس الوزراء. لم يكن ذلك الإصرار من منطلق اقتصادي فسياسي وحسب، بل كان نوعا من أنواع المقاومة والتصدّي للمطامع الإسرائيلية الصهيونية في المياه اللبنانية، ودحضا للمزاعم الصهيونية بأنّ مياه الليطاني تذهب هدراً في البحر، تلك الذريعة التي كانت تحملها إسرائيل لتبرير أطماعها في تلك المياه، التي – وللأسف – نحاول شراءها اليوم من الخارج.
ربط الرئيس الأسعد، من خلال استشرافه الواعي للأحداث، بين حلقات عدّة من حلقات المؤامرة الصهيونية المحاكة لتدمير لبنان الوطن والصيغة والكيان. الحلقة الأولى كانت الوقوع في فخّ توقيع اتفاقية القاهرة التي شرَّعت قيام المقاومة الفلسطينية بهجمات على العدو الإسرائيلي انطلاقا من أراضي العرقوب في الجنوب والتي عرفت آنذاك باسم “فتح لاند”. كانت النتيجة حينها تخوين كامل الأسعد واتهامه بالوقوف في وجه المقاومة الفلسطينية التي كانت تحوز على الرأي العام الداخلي من باب الانفعال العاطفي البريء والمدمّر في آن. أما تداعيات اتفاق القاهرة على الوطن فكانت تحميل لبنان من أوزار القضية الفلسطينية – على أحقيتها – ما لا طاقة له بحمله.

كامل الأسعد
الحلقة الثانية كانت الحرب المريبة التي تعرض لها الفلسطينيون في الأردن في أيلول الأسود من العام 1970، بعد عام من توقيع اتفاقية القاهرة. وكانت أوّل وأخطر نتائج تلك الحرب تهجير عدد كبير من الفلسطينيين إلى لبنان، البلد الأكثر حساسية لناحية التوازنات الديموغرافية التي ترعى التعايش التعددي للطائف اللبنانية المختلفة… واستطرادا، الخلل الذي اعترى تلك التوازنات، وما أدى إليه هذا الخلل من احتقان فانفجار أطاح بالإستقرار الداخلي الهش، فتحولت الساحة اللبنانية إلى ساحة صراع اللبنانيين والآخرين ومسرحا لرسائلهم.
الحلقة الثالثة كانت الإصرار المريب لقيادات ضفتي الصراع الداخلي على إبقاء الجيش في الثكنات، وترك الشوارع تعج بالميليشيات على اختلافها. الهدف المعلن من ذلك الإصرار كان الخوف من انقسام الجيش، أو انقسام اللبنانيين طائفيا حوله، كون الجيش تحت قيادة رئيس الجمهورية وقائد الجيش المارونيين. لم تنفع كل التعديلات التي أدخلها الرئيس كامل الأسعد وثلة من النواب، على قانون الدفاع، وذلك من أجل إشراك المسلمين في القرار داخل الجيش وبالتالي الاطمئنان إليه، فالرفض جاء من الطرف المسيحي أيضا. بقي الجيش في ثكناته وتمزق الوطن الى محاور وخطوط تماس.
الحلقة الرابعة جاءت بعد أن توقف أزيز الرصاص، واجتمع قادة المحاور – وما أشبه اليوم بالأمس – ليقننوا ويشرعوا ويوثقوا نتائج الحلقات الثلاث السالفة الذكر في دستور هجين قضى على الجمهورية، إذ أحلّ الفيدرالية الطائفية فالمذهبية المقنّعة محل الجمهورية. والأنكى في تلك الحلقة، وهو المضحك المبكي في آن، هو الإتيان بالسارق كي يحرس، وبالقاتل كي يقاضي وبالعميل ليقود إلى الحرية.

الرئيس الأسعد
حلقات أربع من مسلسل لا تتسع له هذه الصفحات، كانت كفيلة بالقضاء على القضية الفلسطينية من جهة، وبنسف الصيغة اللبنانية التي كانت على هشاشتها تشكل التحدي الأكبر للعقيدة الصهيونية التلمودية التي تقوم على العنصرية الدينية المنبوذة، والتي أصبحت اليوم شعارا لا يعيب حامله.
اليوم وبعد أربع سنوات على رحيل كامل الأسعد، النائب والوزير والرئيس والمنظِّر، والزعيم الوطني والعربي قبل كل ذلك وبعده، نستذكر الثابتة – اللازمة ، التي ما انفك يرددها في كل مناسبة وعلى مختلف المنابر وفي شتى المحافل، وهي الدعوة الى التصدي للمؤامرة الصهيونية الهادفة الى تقسيم المشرق العربي – وليس الشرق الأوسط – إلى دويلات مذهبية متناحرة، تقضي على القومية العربية أوّلاً، وتبرر في آن، قيام إسرائيل كدولة يهودية عنصرية. وبينما كان الحديث عن الدولة اليهودية منبوذا وممجوجا على كافة المستويات العربية والدولية، نراه اليوم طبيعيا ومبررا، إزاء الصراعات المذهبية القائمة راهنا، و ما نتج وسينتج عنها لاحقا من دويلات متفرقة متناحرة تقوم على اساس العنصرية الدينية.
لو لم يكن لكامل الأسعد، إلا تلك المأثرة، مأثرة التنبه والتصدي قولا وفعلا للمؤامرة التي ذكرنا، لكفى الرجل ذلك شرفاً، وهو رجل الدولة بحق، المتعالي فوق المصالح الفئوية، والحاضن بفكره للهواجس اللبنانية العربية كافة، التي تتخطى حدود الطوائف والملل.
إقتصرت في مقالي هذا على هذه الزاوية، لأننا نعيش مصداقها اليوم. فبعد أن تلهّى من هم في مواقع المسؤولية، في تحقيق المصالح وجني الثروات وبناء الدور والقصور، وذلك سواء على المستوى العربي العام، أم على المستوى اللبناني الداخلي، تهدّمت أركان الدول، وضمرت مشاعر الانتماء الوطني أمام حمأة الاصطفاف الطائفي المسموم الذي انجر الجميع إلية طوعا أم كرها، قصدا أم عفواً.
في ذكرى كامل الأسعد، نستذكر عمله الحثيث على محاربة وقوع الفراغ الرئاسي، والأثمان السياسية الباهظة التي دفعها في غير استحقاق. نتذكر بقاء مجلس النواب، المؤسسة الأم عصية على الإنقسام في ظل حكمته ورعايته. نتذكر دارته المدمرة وسيارته المتواضعة، ومكاتبة التي لم يكن يملك عقاراتها.
في ذكرى كامل الأسعد نحنّ إلى الرجولة في الرجال، إلى هيبة المسؤولية وسطوة الحق وعنفوان الزعامة، ونشهد اليوم مراكز ومناصب ومصارف وشركات وثروات وحقائب عابرة للحدود ومؤسسات خاوية إلا من شبح آمال الناس، نشهد وطنا يتلاشى ويرحل، إلا من بقية أحلامنا .

السابق
النروج تتلقى معلومات عن ’اعتداء إرهابي’ وشيك
التالي
المفتاح في يد السيسي