في غزّة وغيرها: لن ننتصر لأنّنا لا نُهزم

حرب تموز
قيمة القضية الفلسطينية هي أولا وأخيرا من قيمة الانسان الفلسطيني، ولا قيمة لاي مقاومة ما لم تأخذ بعين الاعتبار حماية الطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية والشيخ الفلسطيني. ونقول بصوت عالٍ أيضا، لكل ما يسمى بحركات مقاومة، إن أي مواجهة تخاض مع العدو الإسرائيلي تكون محصلة عدد قتلانا اكثر بطفل واحد من قتلاهم هي مواجهة لا يمكن وضعها الا في خانة الهزيمة.

قيمة القضية الفلسطينية هي أولاً وأخيراً من قيمة الانسان الفلسطيني، ولا قيمة لاي مقاومة ما لم تأخذ بعين الاعتبار حماية الطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية والشيخ الفلسطيني. ونقول بصوت عالٍ أيضا، لكل ما يسمى بحركات مقاومة، إن أي مواجهة تخاض مع العدو الإسرائيلي تكون محصلة عدد قتلانا اكثر بطفل واحد من قتلاهم هي مواجهة لا يمكن وضعها الا في خانة الهزيمة.

أعتقد ان واحدة من أكبر إشكاليات الوعي التي على ضوئها نخوض نحن العرب صراعنا مع العدو الصهيوني، هي عملية الخلط بين الايمان بأحقية القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني من جهة، وبين معايير النصر او الهزيمة من جهة أخرى. هذا الخلط الذي يجعلنا نتوهم دائما وجود حالة تلازمية مفترضة بينهما، بل واكثر من ذلك: لطالما اعتبرنا ونعتبر أنّ عمق هذا الايمان بالحق الفلسطيني وحده كفيل بصناعة النصر على المعتدي الغاصب.
وبناءً عليه، عند الخوض في أي مواجهة مباشرة، لا اعتبار عندنا لا لحجم التضحيات ولا لحجم الخسائر لانها أصلا لا تدخل البتة في موازين الربح والخسارة، بما انها تقدم قرابين على مذبح القضية الشريفة. ومن هنا نعتبر أن نتيجة أي مواجهة مع العدو محكوم حتما لمعادلة الانتصار الدائم، لان الاعتراف باي اخفاق او أي هزيمة هو بالحقيقة يكون بمثابة الانكار لاصل القضية، وبمرتبة نكراننا للحق… وهنا الخطأ قاتل.
هذه المفاهيم العرجاء بقدر ما هي بسيطة وواضحة البطلان الا انها صارت من الارتكاز والقوة والثبات، نتيجة للتراكم التاريخي فقط ولتكدس الغبار الفكري، صارت كأنها من المسلمات التي يحرم الاقتراب منها، وتحولت أي مطالبة بديهية لقوى المقاومة بتأمين الحد الأدنى من وسائل الصمود مثلا وأساليب الحماية للشعب الفلسطيني، قبل التفكير بخوض أي مواجهة عسكرية، صارت تعتبر تجرّؤا على المقدس، وتتحول أي عملية نقد يمكن ان توجّه الى قوى المقاومة، إن من حيث التوقيت او حجم الجهوزية او حتى طبيعة الهدف التكتيكي المرجو إنجازه، يتم تحويره على أنّه تجرؤ على المحظور واقتحام لمنطقة ممنوع التفكير فيها!
وهذا ما يمكن ان يفسر حماقة تكرار أساليب المواجهة عينها منذ عشرات السنين والى الآن، بدون أي عملية نقد وطبعا بدون أي محاسبة ممكن ان تطال أصحاب القرار، ما جعلنا نسير على خط الهزائم الانحداري مع إصرار اكثر حماقة، بانكار واقع الحال وما نحن عليه، بل والاكتفاء كل مرة بالكذب وخداع انفسنا بنصر موهوم، فندفن شهدائنا ونلملم جراحاتنا على امل ان نعيد التجربة نفسها مع توقع نتائج مختلفة.
اعتقد بان الأوان قد حان لتكسير هذا الجدار من الجهل المميت، ونشر حالة جديدة من الوعي تقول بشكل واضح وجلي إنّ قيمة القضية الفلسطينية هي أولا وأخيرا من قيمة الانسان الفلسطيني، وان لا قيمة لاي مقاومة ما لم تأخذ بعين الاعتبار حماية الطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية والشيخ الفلسطيني والقول بصوت عالي أيضا لكل ما يسمى بحركات مقاومة إنّ أي مواجهة تخاض مع العدو الإسرائيلي تكون محصلة عدد قتلانا اكثر بطفل واحد من قتلاهم هي مواجهة لا يمكن وضعها الا في خانة الهزيمة.
وطبعا في ظل الصراع الطويل مع هذا العدو، قد تفرض على الشعب الفلسطيني او غيره مواجهات يجب خوضها، لكنّ المطلوب في نهاية كل مرحلة ان يكون التقويم العام على أساس حجم الخسائر لا حجم الخطابات، ولا حتى المكاسب السياسية، ولا ضير ان ننهزم وان نعترف بالهزيمة، لأننا ان لم ننهزم ونحاسب أسباب هزيمتنا فمن المستحيل ان ننتصر.

السابق
انخفاض منسوب مياه بركة رأس العين في صور
التالي
الجيش دهم بريتال بحثا عن مخطوف سوري