حملة على بكركي لإضعاف تأثيرها الرئاسي والإمتحانات مُهدّدة

 

كتبت “الجمهورية” : الحملة على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ليست بريئة، ولا مُتصلة بزيارته الأراضي المقدسة، ولا تتعلق بلقائه مع اللبنانيين الفارّين إلى إسرائيل. فهذه القضايا وغيرها ليست سوى الوسيلة للهجوم على الراعي، إنما الغاية الأساسية من وراء هذه الحملة إضعاف تأثيره في الاستحقاق الرئاسي، إذ انّ هناك من يظن أنّ إشغال البطريرك وإرباكه يؤدي إلى حرف أنظاره عن الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أنه قاد طوال الشهرين المنصرمين مواجهة شرسة ضد الفراغ، كما أنه سيواصل هذه المواجهة بغية انتخاب رئيس جديد في أقرب فرصة ممكنة. وبالتالي، هناك من وجد أنّ الوسيلة الفضلى لتمديد الفراغ هي تعطيل دور البطريرك الذي أربك المعطلين وفضحهم، ما يعني أنّ الهدف الأساس للحملة “بعبدا” لا “بكركي” أو الاثنين معاً. ولكن من يعرف الراعي يعلم جيداً أنّ هذا النوع من الحملات يزيده تمسّكاً بمواقفه وإصراراً على مواصلة المعركة الرئاسية التي تتصل بالدستور أولاً، وبأرفع موقع وطني ثانياً، وبأبرز منصب مسيحي ثالثاً. وفي موازاة الهدف الأساس للحملة المتمثّل بتعطيل الانتخاب في الرئاسة الأولى، لا يجب التقليل من خطورة المشهد الآتي: تعطيل الانتخاب في رئاسة الجمهورية، حملة مركزة على البطريرك الماروني، فتح ملفات الحرب لفئة مسيحية معيّنة، وكأنّ هناك استهدافاً مبرمجاً للمسيحيين في مرحلة وطنية دقيقة ومفصلية لدفعهم إلى تقديم تنازلات سيادية.

في غمرة الشغور الرئاسي المستمر والإنشغال في البحث عن آلية عمل الحكومة في هذه المرحلة بعد انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية اليها وكالة، ومع ارتفاع منسوب التخوّف من انسحاب الشلل النيابي على العمل الحكومي، انشدّت الأنظار الى المحادثات التي أجراها امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مع المسؤولين الايرانيين والدلالات التي تحملها في المرحلة الراهنة، ومدى انعكاسها على التقارب الخليجي وتالياً على الاستحقاق اللبناني،
على رغم انّ طهران اعتذرت عن حضور مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي المقبل في الرياض تلبية لدعوة سعودية لتزامن موعدها المقترح مع المفاوضات النووية التي تجريها ايران، وفق ما أعلن وزير الخارجية محمد جواد ظريف، في حين يزور رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي علاء الدين بروجردي دمشق اليوم على رأس وفد إيراني مع بعض الوفود المشاركة في مؤتمر “أصدقاء سوريا” الذي انعقد في طهران أمس.

الاستحقاق الرئاسي
داخلياً، دخلت البلاد اسبوعاً ثانياً من الشغور الرئاسي، ومن المنتظر ان يعود رئيس مجلس النواب نبيه بري الى بيروت في نهاية الأسبوع في ظلّ أجواء تشير الى أنّ الظروف غير متوافرة لا لجلسة انتخاب رئيس جمهورية جديد في 9 حزيران ولا للجلسة التشريعية لبَتّ مشروع سلسلة الرتب والرواتب في 10 حزيران.
وفيما يترسّخ يوماً بعد يوم انطباع مفاده انّ إنجاز الإستحقاق الرئاسي سيتأخر أكثر فأكثر، فإنّ مصادر ديبلوماسية بارزة أكدت لـ”الجمهورية” انّ انتخاب رئيس جديد لن يتأخّر هذه المرة مثلما حصل خلال عامي 2007 و2008.
واستغربت هذه المصادر حال الإنتظار التي يعيشها الأفرقاء السياسيون، وقالت: “إنّ على هؤلاء أن يبادروا الى انتخاب رئيس من دون انتظار المواقف الخارجية”.
وفي المواقف من الاستحقاق، أعلن “حزب الله” امس انه حسم اسم مرشحه الحقيقي، امّا فريق 14 آذار فلم يفعل. وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق إنّ مرشح الحزب “هو المرشح المحسوم والواضح الذي يعرفونه من دون أن نسمّيه”.

مجلس وزراء
في غضون ذلك، يستمرّ البحث في تنظيم عمل مجلس الوزراء في فترة الشغور الرئاسي من غير ان يتمّ التوصل بعد الى اتفاق على آلية عمل المجلس، وسط تأكيدات وزارية أنّ التوافق سيبقى القاعدة التي تحفظ عمله ولا تعطّله. ومن المقرر ان يستكمل المجلس في جلسته غداً في السراي الحكومي، البحث في هذه الآلية، في غياب ثلاثة وزراء حتى الآن، وهم: وزير الخارجية جبران باسيل ووزير التربية الياس بو صعب ووزير العمل سجعان قزي الذين سيكونون خارج البلاد.
وعشيّة الجلسة، أكد رئيس الحكومة تمام سلام في دردشة مع محطة الـ”ام.تي.في”، أنّ “البلاد تمر في ظروف استثنائية وبالتالي فإنّ مجلس الوزراء سيتعاطى بشكل استثنائي مع هذه المرحلة من دون إغفال الشغور في موقع الرئاسة، متمنياً أن يُنتخب رئيس جمهورية جديد في أقرب وقت ممكن”.

قزي الى جنيف
في هذا الوقت، علمت “الجمهورية” انّ وزير العمل سيغادر اليوم الى جنيف للمشاركة في أعمال مؤتمر العمل الدولي الذي يعقد هناك، وستكون له لقاءات عدة مع وزراء عمل الدول العربية والأوروبية والآسيوية ومع عدد من المسؤولين المعنيين بموضوع النازحين السوريين في لبنان. ويحمل قزي معه ملفاً حول وضع العمالة السورية في لبنان، وخصوصاً عمالة الأطفال والإتجار بالبشر.

هجوم على الراعي
الى ذلك، واصل “حزب الله” هجومه على البطريرك الراعي. فبعد كلام عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي المقداد الذي تهجّم فيه على البطريرك، قال رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك، تعليقاً على الجدل حول قضية اللبنانيين الفارّين إلى إسرائيل بعد التحرير: “إنّ العدو الإسرائيلي استخدم اللبنانيين ليقتلوا اللبنانيين، تحت ظرف وآخر، وعندما كان التحرير قلنا يومها، ونكرر القول، انّ هذه المسألة هي عند الدولة، وهي التي تحدد مَن هو في هويته لبنانياً، ومن هو ليس في هويته لبنانياً، وهذا الامر يعود للدولة، ولا يرجع للاختيارات من هنا وهناك”.

مصادر كنسية
من جهتها، رفضت مصادر كنسية التطاول على الراعي وقالت لـ”الجمهورية”: “إنّ التطاول على بطريرك الموارنة ممنوع لأنه مرجعية وطنية تمثّل شعباً ناضل في سبيل قيام الكيان اللبناني”، ولفتت المصادر الى أنّ “هناك ملاحظات كثيرة حول أداء “حزب الله” كانت تُثار عبر لجنة الحوار بين الحزب وبكركي، لكنّ الحزب لم يأخذ في الإعتبار مطالب بكركي. من هنا فإنّ تسهيله عملية انتخاب رئيس جمهورية جديد يكون بداية إعادة وصل ما انقطع في العلاقة بين الطرفين”.

سعيد
بدوره، أبدى منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد اعتقاده بأنّ حملة “حزب الله” لن تتوسّع لأنه لا يريد الإصطدام مباشرة مع البطريرك الراعي، لذلك هو يطلب من بعض القيادات التي تدور في فلكه، خصوصاً المسيحية، التصدّي له”.
وقال سعيد لـ”الجمهورية”: “إنّ البطريرك زار الاراضي المقدسة من ضمن زيارة الكنيسة الكاثوليكية لها، والزيارة تسهم في كسر قرار اسرائيل بتهويد مدينة القدس وجعلها مدينة مفتوحة أمام الاديان اليهودية والمسيحية والاسلامية. كذلك فإنّ زيارة الراعي الى الموارنة في الاراضي المحتلة تأتي بصفتهم المارونية وليس بصفتهم اللبنانية. وبالتالي، فإنّ وصفهم بالعملاء ام غير العملاء أمر يعود الى القضاء اللبناني وليس الى البطريرك الراعي، فهو يزورهم كراعي أبرشية”. ورأى سعيد “انّ “حزب الله” اضعف واعجز من ان يقود حملة في وجه البطريركية المارونية” .
ولدى سؤاله هل هناك تحرّك ما لفريق 14 آذار لدعم البطريرك في وجه حملة الحزب عليه؟ أجاب: “إنّ 14 آذار تؤكد انّ الراعي ليس في حاجة الى احتضان من أحد، فالكنيسة المارونية هي التي تحتضن الجميع وتحتضن لبنان، واذا احتاج البطريرك الى ايّ شيء فنحن غبّ الطلب”.

المشنوق
وفي سياق آخر اعتبر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ “قرار وزارة الداخلية المتعلق بعدم السماح للاجئين السوريين بالذهاب إلى سوريا لا يتعلق بمنع المواطنين السوريّين من المجيء إلى لبنان، بل هذا قرار له علاقة بالنازحين فقط”، وأكّد أن “مَن يغادر من النازحين السوريّين إلى سوريا فهو قادر إذاً على الذهاب إلى مكان آمن هناك والإقامة فيه”، مشدداً على أنه “من حقّنا اتخاذ الإجراءات الأمنية التي تحمي لبنان”، وأشار المشنوق إلى أنّ “نسبة المشاركين في الانتخابات الرئاسية السورية في السفارة في اليرزة بلغت 6% من السوريين المتواجدين في لبنان”.
وقال المشنوق إنّ “مجلسي الوزراء والنواب يجب أن يستمرا في العمل ولا يجب تعطيل أي مؤسسة دستورية في البلد من أجل حماية لبنان”، واعتبر أنّ “القرار بانتخاب رئيس للجمهورية يخضع لتأثيرات خارجية، وهو لا يقلّ أهمية عن تأليف هذه الحكومة التي جاءت نتيجة تفاهم ايراني- فرنسي- سعودي”.
ولفت إلى أنّ ” ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع هو ترشيح جدي من قبل قوى 14 آذار، والكلام عن أنّ رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون ينتظر موافقة الرئيس سعد الحريري ليترشّح هو كلام تبسيطي، فالرئيس الحريري لا يستطيع أن يوافق على أيّ مرشح إلّا إذا كان لديه قدرة على التواصل والتوافق مع القيادات المسيحية الأخرى”.

السابق
أمير الكويت في زيارة ’تاريخية’ لإيران
التالي
مصير الامتحانات والطلاب؟