من يشجّع على التدخين بلبنان في حين يتوقف الغرب عنه؟

تواجه حملات منع اعلانات الترويج لشركات التبغ والتدخين بالحديث عن مشكلة بطالة قد تنشأ إذا حاربناها، والتهويل بمشكلة اقتصادية لفئة كبيرة من المواطنين... ربما على اللبنانيين أن يبدأوا بمكافحة التدخين في منازلهم عبر إزالة صواني السجائر الكبيرة التي تحتوي على عدة أنواع كوسيلة للترحيب بالزوار. فلا حاجة إلى أن تقضي الضيافة اللبنانية على رئات الزوّار، ويمكن أن يُطلب بلطف من الأصدقاء المدخنين أن يدخنوا سجائرهم في الهواء الطلق، من رزمة سجائرهم الخاصة.

يتصور البعض أنّ حملات حظر الإعلانات التجارية لبيع السجائر ظاهرة حديثة العهد، لكنّها في الواقع تعود إلى أكثر من 42 سنة خلت. فدعايات السيجار والسجائر اللف لم تحظر قانونياً في بريطانيا إلا بحلول عام  1991.

أما في الولايات المتحدة الأميركية، فقد أعلنت صحيفة الـ”بوسطن غلوب” عام 1969 أنها قررت حظر إعلانات صناعات التبغ في ضوء تراكم الأدلة الطبية على أن تدخين السجائر يهدد الصحة، وسبقتهما إلى ذلك نيوزيلندا عام 1963.

اما لبنانيا، فتتعامل مختلف وسائل الاعلام اللبنانية مع اعلانات أنواع التبغ، وكأنها سلعة لا تختلف عن غيرها من السلع التي تروّج لها. فإعلانات التبغ تنشر في الصحف والمجلات وتبث على القنوات التلفزيونية. ولبنان من بين الدول التي وقعت اتفاقية 17 كانون الأول 2005، ليعمل على تطبيقها تدريجيا في مهلة أقصاها عام 2008، لكن الواقع لم يشهد أي تقدم في هذا المجال.

وكان بلغ الإنفاق الإعلاني لتسويق السجائر في لبنان عشرة ملايين دولار ونصف المليون عام 2007، وخصوصاً أن 60 في المئة من اللبنانيين يدخن الواحد منهم ما متوسطه 3300 سيجارة سنوياً، أي ما يوازي 264 متراً من السجائر القاتلة.

وتلفت المصادر إلى أن حجم الإنفاق الضخم هذا لا يعبّر عن واقع الإنفاق الإعلاني على السجائر في لبنان… إذن لا غرابة في أن يحتل لبنان المرتبة الثانية بين أكبر البلدان المستهلكة للسجائر الأميركية في العالم.

ويعدّ لبنان النموذج الأسوأ في ما يتعلق بقضية التدخين، حيث تطاول الحملات الإعلانية التي تقوم بها الشركات كل تفاصيل الحياة اليومية، من وسائل الإعلام التي تجتاح جميع المنازل، إلى اللوحات الإعلانية على الطرقات.

وامام مخاطر التدخين تؤكّد الدراسات العلمية أنّ منتجات التبغ الأميركي هي الأكثر فتكاً لأنها مصمّمة لإدخال النيكوتين في الدم بأسرع وقت، وذلك لزيادة الإدمان والحصول على زبائن جدد مخلصين.

من هنا على الناس ان تبدأ بمكافحة التدخين في منازلهم عبر إزالة صواني السجائر الكبيرة التي تحتوي على عدة أنواع كوسيلة للترحيب بالزوار. فلا حاجة إلى أن تقضي الضيافة اللبنانية على رئات الزوّار، ويمكن أن يُطلب بلطف من الأصدقاء المدخنين أن يدخنوا سجائرهم في الهواء الطلق، من رزمة سجائرهم الخاصة.

كما على الحكومة اللبنانية منع الإعلانات الخاصة بالتبغ والسجائر، إن لم يكن بشكل كلي ومطلق، فعلى الأقل عبر المحطات الإذاعية والتلفزيونية وعلى مقربة من المدارس، إضافة إلى نشر التعاليم المناهضة للتدخين في المدارس، وتطبيق اتفاقية مراقبة التبغ، وفرض ضرائب أعلى، ومشاركة الجمعيات المتخصصة والجمعيات النسائية والرياضيون، وحشد الشخصيات البارزة في المجتمع لتغيير المعايير الاجتماعية وتطبيق القوانين والقواعد القائمة، مع التزام الإعلام بشكل فعّال أكثر هذه القضية.

فغالبا ما تواجه حملات منع اعلانات التدخين، بالحديث عن مشكلة بطالة قد تنشأ، والتسبب بمشكلة اقتصادية لفئة كبيرة من المواطنين، نتيجة ازدياد الهجمة الإعلانية في قبل الشركات العملاقة المصنعة للتبغ حيث وجهت هذه الشركات سهامها إلى الدول “النامية”.

فقد بيّنت دراسات عالمية صادرة عن منظمة الصحة العالمية أن معدل ازدياد المدخنين سنوياً في بلدان العالم النامي وصل إلى 35 % فيما يتناقص المدخنون في الغرب المتقدم بمعدل 15 % سنوياً.

وفيما تُلزم دول غربية كثيرة مصنعي التبغ في فترات معينة من السنة وضع صور مؤثرة على علب السجائر تظهر النتائج الصحية الكارثية للتدخين، وفيما تُفرض قوانين كثيرة حول العالم قيوداً تشريعية واجتماعية تحاصر بها المدخنين، تجد الإعلانات التجارية عن التدخين الطريق معبدة لدخول بلدان العالم الثالث وعبر الحدود.

ورغم جهود المنظمات الدولية بالتعاون مع الجمعيات الاهلية  في لبنان ودعم وزارة الصحة العامة، اضافة الى الدور الكبير للفتوى الدينية التي اصدرها المرجع السيد محمد حسين فضل الله في لبنان بتحريم التدخين، الا انّ نسبة التدخين الى ارتفاع، ما يدخل الخوف الى قلوب الاهل اولا والى جيب وزارة الصحة المعنية بمعالجة مرضى سرطان الرئة على نفقتها مئة بالمئة… ما يحمّل الدولة اعباءً اضافية هي بغنى عنها لو انها اتخذت مواقف صارمة بشأن المدخنين عموما، وسارعت الى الحد من انتشار الاعلانات بشكل واضع وصريح.

السابق
مذكرة القاء قبض بينهم ضابطان
التالي
المفاجأة أن لا مفاجأة