لماذا لا يقيم لبنان مخيّمات لجوء للسوريين؟

مخيمات
يبلغ عدد المخيمات العشوائية في لبنان حوالي 1100 أيّ أنّ وجود المخيمات صار أمراً طبيعياً وواقعاً، وبالتالي فإنّ وضعه في إطار حكومي منظّم لن يوطّن اللّاجئين بل سيساعد على تنظيم أمورهم الحياتية وسيساعد في عملية إحصائهم ومعرفة تمركزهم. فعودة اللاّجئين السوريين إلى بلادهم ليست مرتبطة بالمخيّمات، فهي ليست "إغراء" سيشعرهم بالرفاهية إن أقيمت ويدفعهم إلى البقاء هنا. ففي بلادهم أزمة قد تطول. وحتّى ذلك الحين، لا ضير من القليل من التنظيم.

يرفض مسؤولون لبنانيون كثيرون إقامة مخيّمات للنازحين السوريين في لبنان، كأنّ إنشاء هذه المخيّمات سيكون له أثر على طول إقامة النازحين في لبنان أو قصرها. موقفهم تجاه الأمر لا ينمّ عن العنصرية والمخاوف الطائفية فحسب بل أيضاً على غياب الاستراتيجية وقصر النظر عن ضرورة تنظيم عملية الوجود السوري في لبنان.

تبحث السلطات اللبنانية الأمر مع الأمم المتحدّة لكنّ المسؤولين داخل الحكومة لا يزالون عاجزين عن التوصّل إلى رؤية مشتركة حول هذه المخيّمات ومواقعها. الخلاف اللبناني على موضوع اللّاجئين السوريين لا يستطيع أن يخرج من إطاره السياسي لكي تكون الأولوية للأزمة ولكيفية تجاوب الدولة معها. لو كان المسؤولون قادرون على توحيد الرؤية والعمل من بداية أزمة النزوح بإطار مهني ومؤسّساتي مع الموضوع، لما كان الحال كذلك اليوم.

التعامل الهشّ مع أزمة السوريين ليس سوى انعكاساً للأزمة اللبنانية الداخلية وغياب المعالجات للملفات الطارئة والقديمة معاً. المشكلة الكبرى في منهجية العمل الحكومي اللبناني هي خضوعه للمحسوبيات السياسية وانسياقه وراءها إذ لا تكون الأولوية أبداً لمصلحة البلاد فعلاً بل لانتصارات وهمية ضيّقة للأحزاب أو الشخصيات السياسية.

الأمر الّذي تجلّى أيضاً عبر الأعوام الثلاثة الماضية هو انعدام ثقة المجتمع الدولي بلبنان ومنظماته الحكومية. وكيف للمجتمع الدولي أن يثق بهذه المؤسسات الّذي تجد ألف حيلة ووسيلة لتجير أموال النازحين إلى الجيوب الخاصة ووتحوّل الهبات الدولية إلى أضغاث مشاريع. لبنان “قطعة السما” في هيكليته الداخلية ليس أكثر من “شظايا” مبعثرة. فهل ينقص الوطن الخبرات والكفاءات لكي يتقدّم نحو التطور المؤسساتي. ليس غياب القدرات المشكلة ولكن عدم إفساح المجال أمام هذه الخبرات.

لا يبدو امراً عسيراً وضع خطط للعمل مع النازحين لكنّ التنفيذ هو العسير. حتّى أنّ مسؤولين من داخل الحكومة كالوزير وائل أبو فاعور “يندب” لأنّ أحداً من المعنيين لم يستمع الى تحذيراته بخصوص خطورة النزوح. على الأرجح أنّ وزير الصحة الحالي ووزير الشؤون الاجتماعية السابق قدّم تصورات عن معالجة الأزمة ولكن لا حياة لمن تنادي. المعالجات في لبنان للأسف ليس مرتبطة إلّا بإشارات خارجية أو داخلية وأحجية لا علاقة لها بالمنطق.

يبلغ عدد المخيمات العشوائية في لبنان حوالي 1100 أيّ أنّ وجود المخيمات صار أمراً طبيعياً وواقعاً، وبالتالي فإنّ وضعه في إطار حكومي منظّم لن يوطّن اللّاجئين بل سيساعد على تنظيم أمورهم الحياتية وسيساعد في عملية إحصائهم ومعرفة تمركزهم. فعودة اللاّجئين السوريين إلى بلادهم ليست مرتبطة بالمخيّمات، فهي ليست “إغراء” سيشعرهم بالرفاهية إن أقيمت ويدفعهم إلى البقاء هنا. عودة اللاجئين مرتبطة بالأزمة في بلادهم وهي أزمة قد تطول. وحتّى ذلك الحين، لا ضير من القليل من التنظيم.

السابق
فرص لبننة الاستحقاق تتقلص والخارج يتحرك في ربع الساعة الاخير
التالي
«داعش» تهاجم الظواهري وترفض الانسحاب من سوريا