عن وقاحة البنوك اللبنانية.. حيتان المال والضرائب

المصارف اللبنانية
من غير المنطقي أن "تلطم" أمّة على غني نزل رصيده من ملايين الدولارات إلى ملايين الدولارات "إلّا نكعة" بينما فقراؤها الّذين لم يتقنوا لعبة السرقات الكبيرة مرميون على أرصفة الطرقات يلملمون بؤسهم بصمت أو يتّخذون مقاعد المتفرّجين في هذه الحياة – إن كان لهم مكان فيها-.

المصارف اللبنانية لا تحبّ الضرائب وتعتبرها عاملاً يؤدي إلى التراجع الاقتصادي. لكنّ هذه المصارف نفسها لا تتردّد في الاتصال بموظّف بسيط عندما تتأخّر مؤسسة ما في إعطاء موظفيها الرواتب لتسأله لماذا لم “يقبض” بعد، ليس لشيء إنّما لحسم ضريبة من راتبه اتّضح أنّ البنك يخصمها كلّ ثلاثة أشهر.

المصارف اللبنانية لا تحب الضرائب لكنّها لا تتردّد في خصم مبلغ 10 دولارات من أيّ تحويلة تتمّ عبرها لكلّ من الحسابين الّذي يرسل المال والذي يتلقّاه. المصارف اللّبنانية لا تحبّ الضرائب لكنّها لا “تخجل” من أن تأخذ ضعف ثمن المنزل وأكثر عند لجوء المشتري (الموظّف البسيط) إلى التقسيط.

المصارف اللبنانية لا تحب الضرائب لكنّها لا تتردّد في أن تخصم دولاراً من حسابك عندما تتلقّى رسالة من البنك لتعلمك أنّك سحبت مبلغاً ما من رصيدك. ويكفي أن نفكّر فقط بالربح من هذه الرسائل الّتي تأتي لآلاف المستخدمين يومياً.

المصارف اللّبنانية لم تخبرنا وهي تجد آلاف الذرائع لتتقاضى ضرائب على حساباتنا المصرفية أنّها لم تكن تدفع الرسوم للدولة ولم تحتمل الآن أن تُعامَل بالمثل أي كما تتصرّف مع العملاء والزبائن.

راحت هذه المصارف وأسيادها ينتحبون اليوم حين “وقعت الواقعة” وراحت تحذّر من أنّ الاقتراحات الضريبة من قبل اللجان النيابية سيكون لها تأثير سلبي على المودعين، في هذه التصاريح دلالة مؤكّدة أنّ الضرائب المقبلة إذاً لن تكون من جيب المصرف المنتحب بل من جيب المودع.

راحت هذه المصارف “تمنّن” الدولة بالوقوف معها في الشدائد والأزمات كأنّها حينها ضربت يدها على صدرها وقالت “نحن لها” كان تتضحّي بأموالها الخاصّة لإنقاذ البلاد. والآن في هذا الاضراب تتوقّع من المودع والمواطن الوفي أن يبادلها تحية وفاء على “تضحياتها”.

في هذه الاحتجاجات – ولا أدّعي هنا أنّي أفهم قواعد المصارف وأنظمتها ولكن كمواطنة ترى الصورة من الخارج – لا يمكن أن يكون هناك شفقة أو تعاطف. التعاطف والاحترام يكونان من نصيب الضعيف الّذي يكافح لتأمين لقمة عيشه وسط هذا العالم المجحف والذي لا نعرف ما يحدث في خفاياه من تبييض أموال وسرقات واختلاسات.

التعاطف عادة يكون من نصيب الأسماك الصغيرة الّتي تعوم في البحر ويحاول تصيّدها الأقوياء من بشر وكائنات بحرية. الحيتان وأسماك القرش للأسف هي الصورة المرفّهة عن الكائنات المائية، يمكن مشاهدتها من بعيد والانبهار بها أو الخوف منها.

ولكن من غير المنطقي أن “تلطم” أمّة على غني نزل رصيده من ملايين الدولارات إلى ملايين الدولارات “إلّا نكعة” بينما فقراؤها الّذين لم يتقنوا لعبة السرقات الكبيرة مرميون على أرصفة الطرقات يلملمون بؤسهم بصمت أو يتّخذون مقاعد المتفرّجين في هذه الحياة – إن كان لهم مكان فيها-.

السابق
خليل حمدان : جلسة الثلثاء النيابية ستبطل مفعول المناورات
التالي
تجمع لبنان المدني: تحديات لبنان في زمن الأزمة السورية