حرب سوريا و«بلقنة» روسيا!

توحي حدّة المعارك في سوريا التي غطّت اليوم تقريبا كل جبهات القتال بأن التأزّم السياسي الإقليمي والدولي دخل مرحلة جديدة، وبات يفرض قراءة مختلفة لمآل النزاع الذي يذكّر بأجواء الحرب الباردة.

هذا ما تعتقده أوساط اميركية مطلعة، كاشفة عن اجتماعات يشارك فيها معنيون في مؤسسات حكومية سياسية وعسكرية، وخبراء يسدون النصح للإدارة الأميركية.

وتقول “إن بعض القضايا والملفات التي تُبحث، تُعقد لأجلها جلسات استماع في أروقة الكونغرس الأميركي بمجلسيه الشيوخ والنواب، في حضور كبار المسؤولين في الإدارة”، مشيرة الى ان ملف الأزمة السورية كان في مقدمة الملفات التي طلب وزير الخارجية جون كيري عقد جلسة سرية للحديث عنها، بعيدا من الخطابات والمناكفات التي جرت مع عضو الكونغرس جون ماكين.

وتؤكد تلك الأوساط ان ما سيُناقش، ليس الخطوات العملية أو المساعدات العسكرية والإغاثية لقوى المعارضة، بل رؤية الإدارة السياسية الى مستقبل النزاع في سوريا.

فهناك اقتناع بأن الحرب السورية ستستغرق اعواما نظرا الى التشابك الإقليمي والدولي العميق الذي دخل فيه النزاع، وارتباطه بملفات كثيرة تحولت ساحة نزاع مفتوحة بين الغرب وروسيا، حتى ولو لم يكن إطلاق صفة الحرب الباردة عليها ممكنا لإنتهاء”صلاحية” الدور والأدوات واللاعبين القدامى فيها.

وتعترف الأوساط  بوجود إختلاف بين واشنطن واسرائيل في النظرة الى تلك الملفات، لكنه اختلاف لا يرقى الى المستوى الاستراتيجي، خصوصا ان الإصرار على سحب السلاح الكيماوي من دمشق، يُعدّ حتى الساعة خطاً أحمر وبتوافق روسي، على رغم كل التأخير والعثرات .

هذا ما ذكّر به كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف في مكالمته الهاتفية معه قبيل استقباله نظيره الإسرائيلي افيغدور ليبرمان.

وتضيف تلك الأوساط ان ملف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو من النقاط الخلافية ايضا، في الوقت الذي تعلن اسرائيل عدم نيتها تقديم تنازلات “مجانية، فيما ميزان القوى مختلّ لمصلحتها، وسط مخاوفها من تطورات الوضع الاقليمي ومستقبل الوضع العربي.

وينسحب هذا الإختلاف على ملف إيران النووي الذي تعتبر تل ابيب أنه لن يبلغ خواتيم إيجابية، وتنظر بسلبية الى أداء طهران لاعتبارات تتصل اولا بامتلاكها معلومات استخبارية تؤكد أن لا نية لدى القيادة الإيرانية التي تعيد تقويم موقفها في ضوء الموقف الروسي، لتقديم اي تنازل جوهري فيه ، حتى من دون الكشف اخيرا عن صفقة ايرانية ـ روسية لتبادل النفط مقابل السلع والمعدات العسكرية بقيمة 20 مليار دولار .

ولعل تأكيد كيري ان طهران تحتاج الى شهرين لولوج الحالة العسكرية في قدراتها النووية، قد يكون من الإشارات التي ينبغي متابعتها لمعرفة حدود استمرار الخلاف في نظرتي واشنطن وتل ابيب الى هذا الملف.

وتتحدث تلك الأوساط عن مستقبل المواجهة مع روسيا، فتشير الى انه في الوقت الذي تزداد فيه أخطار تورطها المباشر في حرب مفتوحة في اوكرانيا، فان الدوائر الاميركية المعنية ترى ان موسكو تتجه الى التقاط “فيروس” التفكّك، سواء ادركت قيادتها هذا الأمر أم لا.

فالرئيس فلاديمير بوتين يعتقد خاطئا انه يسجل النقاط في مرمى الغرب، لكن السؤال: ما هي الإنعكاسات السلبية على مستقبل روسيا ووحدتها، في ظل عوامل الإنقسام والتفكك الإثني والجيوسياسي الذي تعيشه منذ انهيار الإتحاد السوفياتي قبل ربع قرن؟

السابق
4 جرحى على طريق عبرا
التالي
أزمة ثقة رئاسية على خط الصيفي ـ معراب