أنباء غير سارة

الأنباء الواردة من انقرة لن تسر المقيمين في قصر المهاجرين بدمشق ولا المشير الذي يستعد للاقامة بقصر الاتحادية بالقاهرة ولا آخرين في عواصم كثيرة. أردوغان خيب توقعات المحللين ومنجمي السياسة والاعلام بالفوز الكبير لحزبه في الانتخابات البلدية. كان الجميع يتكهّنون بحجم الخسارة التي سيمنى بها في هذا الاستحقاق المفصلي. صار السؤال ما هي الخطوة التالية لشاغل تركيا والاقليم منذ عشر سنين: رئاسة الجمهورية بصلاحيات واسعة، أم تعديل دستوري يتيح له ولاية رابعة في رئاسة الوزراء؟ وما هي خططه لمعارك مقبلة؟

الشرق الاوسط، نبع مفاجآت لم يتوقف منذ ثلاث سنوات. من تداعي حكم مبارك وبن علي والقذافي وعلي صالح، الى العزل المبكر لمرسي والصعود السريع للسيسي والفوز المدوي لروحاني والبقاء المديد للاسد، يضيف اردوغان مفاجأة جديدة الى السبحة الطويلة من المفاجآت. ومع كل مفاجأة يتغير معطى وتنقلب معادلة ويرتسم مشهد سياسي مغاير لما كان اعتيادياً.

بعد “الصفعة العثمانية” التي وجهها الى معارضيه، بات اردوغان طليق اليدين في الداخل والخارج بفضل ما يعتبره تفويضاً شعبياً له ولسياساته. بعض رفاقه الذين كانوا يضمرون سقوطه من اجل وراثة الحزب والزعامة الاسلامية في تركيا سيعودون اليوم الى بيت الطاعة مكسوري الجناح، والمعارضة العلمانية التي تبخرت من يدها فرصة استعادة السلطة في ذروة حرب الفضائح التي فتحت على الحكومة، لا بد لها ان تجهد كثيراً للملمة صفوفها قبل الاستحقاقين الانتخابيين التاليين. فالتعبئة المذهبية التي سعّر نارها حزب اردوغان في اللحظات الحرجة كانت أشد وقعاً في نفوس الناخبين من روائح الفساد والرشى. مع العلم ان هذا التحريض سيف ذو حدين، فقد دفع النافخون فيه اثماناً باهظة عندما ارتد عليهم لاحقا وخصوصاً في جوار تركيا من العراق الى سوريا الى لبنان.

عودة اردوغان مزهواً الى الساحة السياسية، تعطي جرعة تفاؤل لأنصار الاسلام السياسي بعد النكبة التي حلت بـ”الاخوان” بعزل مرسي صديق اردوغان ورديفه المصري وقد تجلب متاعب اضافية للسيسي الطامح الى حكم بلاد النيل. اما نظام دمشق فيكبر قلقه بعد المكاسب التي حققتها المعارضة في كسب وريف اللاذقية المحاذيين لتركيا وبدعم واضح من انقرة واصرار منها على مواصلة الحرب.

الزعيم العثماني المجدد له يخوض حروبه المقبلة في الداخل والخارج متسلحاً بتفويضين: الاول شعبي محلي، والثاني اميركي اوروبي أملته ضرورات ازمة القرم بين روسيا والغرب، ذلك ان تركيا التي تتحكم بالبحر الاسود خروجاً ودخولاً هي الدولة الوحيدة التي يمكنها التحكم بقدرة روسيا على الوصول الى البحر الابيض.
ما هي المفاجأة التالية وفي اي عاصمة ستدوي؟ الارجح ان الجواب قريب تبعاً للعادة الجديدة في الشرق الاوسط!

السابق
توقف حركة الملاحة الجوية بالمطار ساعتين تنفيذا لقرار المراقبين الجويين
التالي
مسؤولية «حزب الله» في الخطف