حزب الله أفلس عدديا.. فيجنّد مراهقين جنوبا وبقاعا

حزب الله يعاني جديا من شح في العديد الراشد عمريا والقادر على الإمساك بزمام العمليات العسكرية معتمدا على خبرات سابقة مكتسبة من الحرب الأهلية اللبنانية. ولهذا اضطر حزب الله في الآونة الأخيرة إلى تشجيع الأطفال والمراهقين دون سن العشرين على التدرّب الجماعي لمدد لا تزيد عن الشهر والثلاثة أشهر في مناطق ضمن لبنان وفي العراق وصولا إلى إيران و"التطوّع" في صفوف قواته المقاتلة داخل سوريا، التي تعدّ اليوم بالآلاف.

لا شكّ أنّ حزب الله عانى تاريخيا، ولا يزال، من العامل الديموغرافي في الجنوب والشحّ الحاصل في أعداد الفئة العمرية بين سنّ الثلاثين والخمسين، الذي يرجع إلى الهجرات المتلاحقة لشباب الجنوب المتدفقين زرافات ووحدانا إلى المهاجر المتعددة سعيا وراء لقمة العيش. تلك التي عادة ما تأتي مغمّسة بالأخطار والأوبئة، وأحيانا بالموت المتربّص باللبنانيين عموما وشيعة لبنان خصوصا، ممن يعيشون في مجاهل أفريقيا وأميركا اللاتينية ويعملون في ظروف معيشية سيئة للغاية.

تلك الفئة العمرية التي تشمل العديد من المقاتلين السابقين المخضرمين من أصحاب الخبرات العسكرية الكبيرة. وقد شارك عدد لا بأس منهم في الحروب اللبنانية المختلفة، من حرب الفنادق والأسواق التجارية إلى حرب المخيمات الفلسطينية وحروب الزواريب البيروتية مرورا بحرب الأخوة الأعداء في ضاحية بيروت الجنوبية والجنوب وتصفية أبطال “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” (جمّول) وانتهاء باحتكار مقاومة إسرائيل وجيش سعد حداد ومن بعده أنطوان لحد إلى غزوة “اليوم المجيد” في أيار 2008.

حتّى في عزّ مرحلة الحروب تلك كان الخزان البشري للعمل العنفي الشيعي يعتمد بشكل أساسي على شيعة بعلبك والهرمل الذين يختلفون جذريا عن شيعة الجنوب بالعادات والتقاليد والأعراف العشائرية وأيضا بخاصية إقتصادية – إجتماعية أساسية تتعلّق بتشريع زراعة وصناعة الممنوعات مثل الأفيون والحشيشة والمواد المخدرة الأخرى وغضّ الطرف عن الأعمال التي عادة ما تحصل في تلك المجتمعات الموبوءة مثل السلب والتشليح وسرقة السيارات وخطف الأشخاص للحصول على فدية مالية معينة.

وكما يعرف العديد من اللبنانيين فهناك مناطق ومدن وجرود بأكملها يحظر على الدولة اللبنانية دخولها بالقوّة المسلحة من دون أخذ علم وخبر ومباركة كبريات عشائر المناطق، لكن بموافقة أولية من قيادة حزب الله.

لكن مع اشتداد الحرب السورية ودخول حزب الله مستنقع القتال إلى جانب نظام الأسد في مواجهة كوكتيل مرّ من الفصائل والتنظيمات السورية والإسلامية غير المتجانسة، وعلى امتداد مئات الكيلومترات المربعة والمكعبة عبر السهول والجبال والوديان.. أضحى هناك حاجة كبيرة لدى قيادة حزب الله لإرسال المزيد من المقاتلين لرفد عمليات قوات النظام في المناطق التي تشهد ضراوة في القتال وتلك التي تحظى بأهمية استراتيجية للنظام الأسدي وإيران.

كما توجّب على قيادة حزب الله إرسال إشارات ورسائل واضحة إلى الإسرائيليين بأن حزب الله لا يريد البتة توتير الجبهة الجنوبية وأنّه قرر نقل لعبة المناوشات إلى الجولان المحتل. حصل بعض “اللعب” في محاذاة خطّ قوات الأندوف الدولية في الجولان في إعلان واضح وصريح من جانب حزب الله عن تغيير قواعد لعبة القط والفأر بينه وبين الإسرائيليين.

كلّ ذلك يشي بأن حزب الله يعاني جديا من شح في العديد الراشد عمريا والقادر على الإمساك بزمام العمليات العسكرية معتمدا على خبرات سابقة مكتسبة من الحرب الأهلية اللبنانية. ولهذا اضطر حزب الله في الآونة الأخيرة إلى تشجيع الأطفال والمراهقين دون سن العشرين على التدرّب الجماعي لمدد لا تزيد عن الشهر والثلاثة أشهر في مناطق ضمن لبنان وفي العراق وصولا إلى إيران و”التطوّع” في صفوف قواته المقاتلة داخل سوريا، التي تعدّ اليوم بالآلاف.

لكن اليوم، ومع اشتداد حدة المعارك في سوريا وتوسعها ومقتل العديد من عناصره، يجد الحزب نفسه مضطرا لتطويع أطفال في عمر الورود عبر إغوائهم بالعمل الكشفي في المدن والقرى الجنوبية، الذي هو في حقيقة الأمر عملية منهجية لاأخلاقية لأدلجة الأطفال عنفيا وتحضيرهم نفسيا وجسديا و”شرعيا” للقتال تحت راية حزب الله في “أيّ مكان” يراه السيد حسن نصر الله مناسبا.

المكان المناسب اليوم هو سوريا.

أما غدا فالله وحده يعلم أين سيكون المكان الآخر والعدو الآخر والموت الآخر.

السابق
هجوم الممانعة على عباس ابراهيم: بداية رجل شجاع
التالي
أحزاب لبنان ‘خارج الشباب’.. وليس العكس