لماذا لا تُمنع الهواتف داخل مجلس النوّاب؟

الشعب اللّبناني فعلاً لم يستطع بعد أن يرقى بتفكيره إلى الإيجابية وإلى رؤية الجانب الممتلئ من الكوب. أليس انتصار الوزير في "الكاندي كراش" انتصاراً للبلاد يكاد لا يقل أهميّة عن انتصار حزب الله في يبرود؟ أليس انتصار الوزير أو الوزيرة في التقاط صورة ذاتية انتصاراً للبنانيين لأنّه يعكس مهارات تصويرية ومواهب جديدة غير مكتشفة بعد؟

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للنواب وللوزراء الجدد خلال جلسة إعطاء الثقة للحكومة الجديدة. ظهر النائب  أحمد كرامي وهو يلعب “كاندي كراش” بينما ظهر وزراء آخرون وهم يحاولون التقاط صور ذاتية لأنفسهم “selfies”.

كان الشعب اللّبناني يشاهد نوّاب الأمّة ووزراءها عبر الشاشات التلفزيونية  يلقون مواقفهم وخطاباتهم داخل المجلس. البعض كان يشاهد هازئاً ومعتبراً ما يحدث مهزلة.. تماماً كما شاهدوا مسرحية تهديد وزراء الكتائب بالاستقالة من الحكومة وثم التراجع عنها.

وزراء ونواب الأمّة لا يكترثون بآراء الشعب اللبناني فيهم، لذلك لن يؤثر بهم تداول هذه الصور. هم يعرفون جيداً أنّها ستمرّ وتُنسى خلال بضعة أيّام كما نُسيت فضائح كثيرة للسياسيين وفضائح على قدر أكبر من الأهمية.

في اليوم السابق، كانت البلاد الّتي يمثّلها هؤلاء السياسيين على شفير حرب أهلية. في شوارع بيروت، انتشرت أوراق مكتوب عليها “سقطت يبرود بيد رجال الله”. في طرابلس، المعارك المحتدمة أدّت إلى مقتل أكثر من 12 شخصا وجرح أكثر من 70. هذا عدا عمّا يحصل في عرسال وعدا عن الجرائم اليومية من خطف وسرقات وقتل.

ما لا يعرفه اللبنانيون، هذا الشعب البسيط، أنّ هؤلاء الوزراء والنواب المنشغلين بهواتفهم لم يفعلوا ذلك على سبيل التسلية. “الكاندي كراش” مثلاً لعبة تدرّب على التركيز وتنشّط الذهن وبالتالي هي تؤهّل هؤلاء السياسيين لمواجهة المشاكل المحيطة بالبلاد. أمّا الصور، فهي وسيلة ليعكسوا التجهم على وجوههم ويرسلوها إلى الأصدقاء لكي يتشاركوا معهم “هموم الوطن”.

الشعب اللّبناني فعلاً لم يستطع بعد أن يرقى بتفكيره إلى الإيجابية وإلى رؤية الجانب الممتلئ من الكوب. ليس ثاقب النظر ولا يعرف كيف يحلّل الانتصارات الّتي حقّقتها وستستمر تحقّقها هذه الطبقة السياسية. أليس انتصار الوزير في “الكاندي كراش” انتصاراً للبلاد يكاد لا يقل أهميّة عن انتصار حزب الله في اليبرود؟

أليس انتصار الوزير أو الوزيرة في التقاط صورة ذاتية انتصاراً للبنانيين لأنّه يعكس مهارات تصويرية ومواهب جديدة غير مكتشفة بعد؟ الشعب اللبناني فعلاً بسيط و”على نياته”. لا يستطيع أن يفهم أنّ هؤلاء الوزراء الجدد – أمل الأمّة – بحاجة إلى الراحة والاستجمام لكي يكونوا مثمرين في عطاءاتهم.

الشعب اللّبناني الذي ينتقد حكومة “المصلحة الوطنية” هذه لا يفهم ما هي المصالح. لا يفهم كيف تحصد حكومة غير مقتنعة بنفسها أصوات النواب. الشعب اللبناني البسيط يكابد لفهم السياسة اللبنانية وهو ما زال مستفزّاً من هذه الصور حتّى يبلغ به الإدراك درجات أسمى ليرى ما وراء الصورة، هناك تساؤل يودّ أن يطرحه. ربما يبدو السؤال ثقيلا لكن “تحمّلونا” إلى أن نرتفع بمستوى فهمنا إلى مستوى فهكمم. السؤال هو: لماذا لا تُمنع الهواتف داخل مجلس النوّاب؟

السابق
بشار الاسد يتوج «الانعزالية الشيعية»
التالي
محمد بركات: القرّاء ليسوا أغبياء..هي حجّة الكتّاب السيئين