المقاومة ومواجهة اﻹرهاب حق وطني.. لا حزبي

المقاومة حق طبيعي لكل شعب تحت الإحتلال. وهناك إجماع دولي على "مواجهة اﻹرهاب". وبالتالي فإن حزب الله يريد بهذين المصطلحين الإشارة إلى سلاحه، باسم العلم الجديد: المقاومة ومواجهة الإرهاب.

تحوي صيغة البيان الوزاري المطروحة اشكاليتان:

الاولى حول حق لبنان او اللبنانيين او الشعب اللبناني بمقاومة الاحتلال والاعتداءات الاسرائيلية. المقاومة هي مفهوم عام وجزء من شرعة حقوق الانسان ومن القانون الدولي. فهو بالتالي حق بديهي يمارسه اي شعب تعرض لاحتلال اجنبي.

المشكلة ان حزب الله قد صادر هذا الحق على طريقة الخصخصة فحول “المفهوم” الى “اسم علم” nom …propre. فلم تعد كلمة مقاومة مفهوما بل “اسم علم” يشير الى حزب الله كهيكلية وحزب. وقد بالغ وليد جنبلاط والكثير من مسيحيي 14 آذار في المساهمة الفاعلة في عملية التزوير اللغوية والمفهومية هذه.
لم تقتصر السلبطة الفكرية على تحويل المفهوم الى اسم علم وحزب، بل ان الاعتراف بما هو بديهي، وهو حق اي شعب بمقاومة الاحتلال طبقا للشرعية الدولية، قد استعمله حزب الله ليجعله حقا حصريا للحزب وليس للشعب، ثم طور هذا الحق الذي كان وطنيا جامعا الى حق حزبي داخل طائفة واحدة من طوائف لبنان.. فشرع استنادا إلى ذلك سلاحه بحجة تمثيل كل الشعب اللبناني والنيابة عنه في مواجهة الاحتلال. لكنه انتقل بعد ذلك ليشهر هذا السلاح بوجه جزء كبير من الشعب اللبناني لتغيير المعادلة السياسية الداخلية، ثم ذهب الى سورية ليقاتل عدوا لم يحتل ارضا لبنانية ولم يغزوها.

كما اعتبر ان ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة هي تفويض على بياض ليكون جزءا فاعلا وعلنيا من الجهوزية الاستراتيجية الايرانية وجزءا من الحرس الثوري الايراني، يدرب، يقاتل، يسلح، يفجر، يشعل الحرب او يوقفها، حيث تدعو حاجة ايران ومصالحها الاقليمية:

  1. حق الشعب اللبناني اصبح فقط حق اتباع ولاية الفقيه في الطائفة الشيعية.
  2. القتال ضد الغزاة من اجل تحرير الوطن تحول الى قتال مع ابناء الوطن.
  3. العدو كان عدوا طبيعيا بديهيا لكل العرب وهو اسرائيل، العدو اليوم اما مكون داخلي لبناني او طرف عربي سوري او سعودي او قطري.
  4. القتال ضد اسرائيل دفاعا عن ارض لبنان ومصالح شعبه تحول الى قتال من اجل توريط لبنان لينتحر خدمة لايران ودفاعا عن استبداد عائلة الاسد وتحميل شعب لبنان ما لا طاقة عليه.

فما العمل اليوم هل يجب انكار الحق المكرس دوليا؟ اي انكار ما هو بديهي؟ ام اعادة تاكيده والتسليم به بعد ان جرى تزويره في لبنان واعادة تخليقه مسخا لا يمت بأي صلة الى أصل الحق، او صاحب الحق، وبعد ان تغيرت القضية من مقاومة الاحتلال الى دعم الاستبداد،فتغير الخصم مع تغيير القضية.
الجواب بديهي وهو تبني خيار من اثنين اما:

  • الاحتفاظ بكلمة مقاومة مع تلازمها مع سيادة الدولة وامرتها وبالتالي لا يكون النص تمديدا للتفويض السابق اي شك على بياض..
  • او استعمال كلمات أخرى غير كلمة المقاومة التي تمت مصادرتها وتخليقها مسخا، واللغة العربية غنية فنقول مثلا “مواجهة الاحتلال”، او “مقارعة الاحتلال” أو التصدي للاحتلال ونترك اسم العلم “المقاومة” ماركة تجارية مسجلة باسم حزب الله لا تعني غيره.
    الاشكالية الثانية: هي مواجهة الارهاب.

وهي مسألة بديهية ايضا تجمع عليها اغلبية دول العالم وتشكل قضية شغلت المجتمع الدولي والعالم اجمع ومن الصعب رفض هذا الشعار وعدم تبنيه. لكن الامر لا ينتهي عند هذا الحد، ففي ظل الازمة السورية اعلن النظام السوري ان الاحداث السورية ليست ثورة شعب يطالب بحقه بالكرامة والحرية ويتوق لتقرير مصيره وللتخلص من حكم عائلي اقلوي دام 40 عاما، بل “مواجهة مع الارهاب”.. المدعوم من الخارج ومع “مجموعات تكفيرية تهدد العالم اجمع كما تهدد سورية”.

والتحق حزب الله بهذا “التحالف المناهض للارهاب” يقاتل في صفوفه الى جانب حكومة المالكي وايران وروسيا وغيرها.

ان التزام الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري بأن تكون جزءا من القوى المنخرطة في معركة مواجهة الارهاب سيكون اعلانا عمليا بانضمام لبنان الى محور دمشق طهران موسكو.. مع ما يترتب على ذلك من دور فاعل للجيش اللبناني في هذه المعركة.

وما العمليات الارهابية التي بدأت تطال الجيش اللبناني الا دفعا جديدا في اتجاه ليس السكوت عن مشاركة حزب الله في معركة سورية بل توريط الجيش اللبناني في معركة الدفاع عن الاسد.

لذلك فإما ان يكون شعار “محاربة الارهاب في لبنان” متلازما مع اعلان بعبدا وتبني سياسة النأي بالنفس او لا يكون.

والبديل لاسقاط شعار مواجهة الارهاب يمكن ان يكون الحفاظ على الامن والعمل على منع تداعيات النار السورية من الامتداد الى لبنان.

الحكومة الجديدة لا تستطيع ان تبدأ الا بهذا الحد الادنى والا اذهبوا الى سمير جعجع معتذرين..

السابق
وزارة الزراعة تهرب من الضاحية
التالي
الميادين: 140 مقاتل لكل طرف في اليرموك