القاصر تتزوج في لبنان رغم أنف القانون

رغم تمدّن المجتمع اللبناني وتحضّره وانفتاحه لا نزال نشهد بعض حالات تزويج للفتيات الصغيرات كما يجري في بعض الدول المُوغلة في الفقر. إلا لأنّ السبب في لبنان ليس اقتصاديا بقدر ما هو اجتماعي بنيوي دينيّ: فهل إنّ العودة إلى الدين هي السبب؟ أم أنّ ذلك مجرد موجة عابرة؟

لا يوجد في لبنان قانون موّحد للأحوال الشخصية. فلكلّ طائفة من الـ19 الحقّ باعتماد النظام الذي تختاره وفقاً للمعتقدات الدينية التي يرتكز عليها المذهب.

وقد نصّت المادة 9 من الدستور على “ضمانة الدولة لجميع اللبنانيين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية”. من هنا فقد أحدثت هذه المادة تمييزاً بين اللبنانيين تبعاً للمذاهب. فاللبناني المسلم يحق له بتعدّد الزوجات، بينما يُحرم اللبناني المسيحي من ذلك، إضافة الى الاختلاف في أحكام الإرث والتبنّي والوصاية..

ولا يوجد في القانون أيّ نصّ يحدّد سنّ الزواج للفتاة أو الرجل لأن الأمر يخضع للمفاهيم الدينية، لكنّ القانون يحدّد سن 18 سنة للأهليّة القانونية. ويفترض أن يكون هذا السنّ هو للزواج أيضا.

يجمع رجال الدين المسلمون أنّ سنّ الزواج مرتبط بعلامات البلوغ لدى الفتاة وقد يتراوح بين 9 – 13 سنة. لكنّ الاختلاف يحصل بينهم حول ضرورة واشتراط موافقة وليّ أمر الفتاة على عقد الزواج. فقسم يعتبر أنّ موافقة ولي الأمر (الوصي أو الوالد) غير ضرورية ويمكن عقد الزواج دون حضوره او حتى موافقته، بينما يشترط آخرون هذا الحضور والموافقة لعقد الزواج.

حتّى أنّ بعض الفقهاء يشترطون موافقة ولي الأمر ما دامت الفتاة بكرا مهما بلغت من العمر. ويعتبر السنّة أنّ زواج النبي محمد من عائشة هو الدليل على امكان الزواج من فتاة صعيرة السن اذا كانت قد بلغت. اما سنّ الزواج لدى الرجل فأيضا مرتبط بالبلوغ وقد يكون بين 14 – 15 سنة.

أما لدى الطوائف الكاثوليكية فإن سنّ الزواج للفتاة هو 14 سنة وللرجل 16 سنة.. ويرى الأب جورج مسوح ، كاهن رعية عاليه لدى الطوائف أرثوذكسية، في حديث لـ”جنوبية”، إنّ ” السنّ هو 18 سنة للرجل و15 للفتاة، ولا يمكن بأيّ حال من الاحوال عقد زواج الفتاة  قاصر دون إذن ولي أمرها”.

رئيس المجمع الثقافي الجعفري العلامة الشيخ محمد حسين الحاج يشير في حديث لـ”جنوبية”، ردّا على سؤال ما اذا كان المذهب الشيعي يسمح بزواج القاصر: “علينا اولا تعريف القاصر. القاصر هي الفتاة دون سن البلوغ او دون السن القانوني. فحسب القانون هي من تكون ما بين 15 الى 18. اما حسب الشرع فالقاصر هي من تكون دون 9 سنوات”.

اما من ناحية الزواج على المستوى الفقهي (الشرعي) فلا مانع من زواج من تبلغ ما فوق 9 سنوات برضا الاب، اذا كانت راضية. فلا مانع من زواجها ولا اعتبار قانوني يمنع ذلك، كما انّ المحاكم الشرعية تسجل ذلك ولا اشكال.

ويضيف الشيخ: “أما إذا كانت بكرا فلا يصحّ الزواج منها دون إذن ابيها حتّى لو بلغت الثلاثين، لأنّه يشترط في زواج البكر، والبكر بمعنى غير المدخول بها، ولا تُسجل المحكمة زوارج البكر دون إذن الأب. أما إذا كان مدخولٌ بها فيجوز أن تتزوج”.

ويضيف سماحته:” تُسجل المحكمة العقد في حال كان الأب غائبا أو متعذر الوصول اليه، ما يوجب الحصول على إذن الجد للاب أو الوصيّ”. ويختم سماحته: “أما لو تزوّجت دون إذن الاب وكانت بكرا، بحسب بعض الفقهاء، يصحّ العقد. ويُسجل الزواج ببيّنة شرعية تثبت عدم وجود الاب او عدم القدرة على الوصول اليه. وتسقط ولاية الأب في حال منعها من الزواج بالكفوء”.

من هنا، فالقانون يمنع، والدين يسمح.. في بلد متعدد الطوائف والكلمة الفصل فيه للطائفة وليس للقانون.

الأغلب أنّ في الأمر موجة عابرة بسبب عودة الناس الى العبادة والممارسة التفصيلية للشعائر الدينية، ودخول الفتاوى والبرامج الدينية الى المنازل عبر الاستفتاءات على الهواء مباشرة تحت عنوان: “معرفة الله وبلوغ الجنّة”.. إلى ما هنالك من شعارات كـ”يقظة الاسلام” و”عودة الاسلام”…

السابق
لبنان الخامس عالمياً بمقاسات العضو الذكري
التالي
إنتحارية عرسال: رجال حور عين لنساء الجنة؟