السفير: فتّش عن النفط.. تجد حكومة الدول!

يختزل الصراع على حقيبة النفط في لبنان، صراع محاور إقليمية ـ دولية تبحث عن مصالحها أولاً، لكأننا نعيش زمناً شبيهاً بما شهدته المنطقة قبل مئة سنة، وتحديداً عشية اتفاقية سايكس بيكو.

يجري الحديث منذ ما قبل “الربيع العربي” عن سايكس بيكو جديد في المنطقة. اتفاق دولي جديد فيه الجغرافيا والغاز والنفط.. وترسيم النفوذ الإقليمي، وليس غريباً أن كل من زار لبنان، في السنوات الثلاث الأخيرة، سراً أو علناً، لم يتردد في جعل ملف النفط، نقطة بارزة في جدول أعماله.

في الخرائط الجديدة، أسئلة كثيرة عن المسارات والمصائر، يبدو معها التشابك، كما لم يكن، على هذه الصورة، منذ عقود طويلة من الزمن. خطوط الغاز الآتية من الشرق والغرب والشمال والجنوب، أين تلتقي وأين تفترق، أين تصب ومن يستفيد منها ومن ينال حصة الأسد؟

الأسئلة نفسها تستدعي وقفة من نوع: هل حكومة نجيب ميقاتي قد طارت قبل نحو سنة “لأسباب نفطية بحتة”، بمعزل عن كل الذرائع التي أحاطت مسرحية الاستقالة آنذاك؟
وهل الفرصة التي لاحت فجأة أمام تمام سلام، هي فرصة سياسية إقليمية ودولية بحتة، أم أنها فرصة غازية ونفطية بامتياز؟

عندما بدأ سلام مشاورات التكليف، تمسك بأمرين أساسيين: صيغة الثلاث ثمانيات (حجب الثلث المعطل أو الضامن) والمداورة في الحقائب الوزارية.

للأمر الأول حيثياته وأسبابه، أقله من وجهة نظر “فريق 14 آذار”، غير أن الثاني، هل يعبر عن وجهة نظر الرئيس المكلف أم من كلفوه بالمهمة، وتحديداً الرئيس سعد الحريري ومن يمثل إقليمياً ودولياً؟

لا يختلف اثنان على أن الاستثمار في قطاع النفط يحتاج إلى بيئة سياسية وأمنية واقتصادية وتشريعية ودستورية مستقرة، وهذه النقطة ركز عليها كثيراً الموفدون الأميركيون والأوروبيون والروس إلى لبنان. كانوا بذلك يعبّرون عن لسان حال الشركات التي تأهلت والتي لا يمكن أن تغامر بدولار واحد في بلد غير آمن. شدد الأميركيون على أهمية تحييد هذا القطاع عن التجاذبات والخلافات السياسية في لبنان. وقال سفيرهم في بيروت ديفيد هيل ان الشركات الأميركية متحمسة للاستثمار في البحر ومن ثم في البر، “لكننا نريد لبنان مستقراً أولاً”.

أكثر من ذلك، قال مسؤول أوروبي كبير معني بهذا الملف، على هامش مؤتمر عُقد في عاصمة دولة خليجية إن اختيار إدارة حكومية لهذا القطاع على علاقة إيجابية بـ”حزب الله”، “يشكل ضمانة للاستثمار لأن خلق توازن معين يمكن أن يطمئن الحزب من جهة ويساعد في توفير فرص جدية لتحييد لبنان من جهة ثانية”.

هذه المعطيات تؤول إلى الجزم القاطع بأن المداورة مقصود منها أمر وحيد: إبعاد “التيار الوطني الحر” عن حقيبة الطاقة.. غير أن هذه الخطوة، لا يبدو أنها منسقة حتى الآن مع الأميركيين الذين لا يوفرون فرصة إلا ويشيدون فيها بالإدارة الجيدة والكفؤة لوزير الطاقة جبران باسيل، فهل هناك حسابات لها أبعادها المحلية المالية الكبيرة.. أم أن ثمة وعوداً قُطعت لشركات أم أن هناك من يريد العودة إلى ما قبل التلزيم.. وصولا الى إعادة النظر بقانون النفط البحري وكل ما نتج منه وصولا إلى إعادة النظر بأولوية تلزيم “البلوكات” البحرية؟

السابق
النهار: الانقلاب يعيد تعويم المطالبة بحكومة حيادية
التالي
الشرق الأوسط : لبنان: فشل المساعي الأخيرة يبعد احتمال تأليف الحكومة إلى الأسبوع المقبل