هل انخفضت أسعار العقارات في الضاحية الجنوبية؟

العقارات في الضاحية الجنوبية
يكثر الحديث عن تراجع يصيب قطاع العقارات في الضاحية الجنوبية خاصة بعد سلسلة التفجيرات التي تعرضت لها، فما هي صحة تلك الاقاويل ان على مستوى الطلب أو على مستوى الاسعار.

سوق العقارات اللبنانية هو واحد من أكثر القطاعات ثباتا وازدهارا في العقدين الأخيرين. كانت أسعار الشقق والمحلات والأراضي ترتفع حتى في أسوأ الأوضاع الأمنية والسياسية.

هذه الأيام يكثر الحديث عن تراجع يصيب هذا القطاع، تزامنا مع التراجعات العامة والكبيرة في لبنان كلّه. وتحديدا في ضاحية بيروت الجنوبية، فما هي صحة تلك الاقاويل؟

بعد نقاشات مع عدد من الخبراء، تبيّن أنّه رغم مرور لبنان بالعديد من الظروف السيئة، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، شهد هذا القطاع ارتفاعاً لم يسبق له مثيل، إذ ارتفعت اسعار الشقق الى ارقام خيالية في الضاحية بعد انتهاء حرب تموز 2006.

بحسب الوسيط العقاري أحمد حلال فإنّ “سعر الشقة السكنية المؤلفة من 4 غرف، أي غرفتي نوم وصالون وسفرة، في المناطق الشعبيه، كان يتراوح ما بين35  الى 40 ألف دوﻻر، ولامس اليوم120 الى135 ألف دولار. وفي المناطق الراقية سعر المتر الواحد يتراوح ما بين2000  الى2500  دولار، تبعا لمواصفات الشقة والمبنى. أي أنّ سعر الشقة يتراوح بين 200  الى 300 ألف دولار”.

ويضيف حلال: “الذين استأجروا خارج الضاحية بعد حرب تموز، عادوا إليها لشراء الشقق التي شيّدت حديثاً، فشهدنا ازديادا مطّردا في حجم الطلب، واستمرت الاسعار بالارتفاع التدريجي طيلة السنوات الماضية لكنها ما لبثت ان بدأت بالتراجع والانحسار مع بداية الاحداث في سوريا”.

أما الآن وبعد سلسلة التفجيرات التي شهدتها الضاحية هل يمكن القول ان المزاج العام متجه نحو اعتبارها مكاناً غير صالح للعيش؟

مسؤول الصفحة الاقتصادية في جريدة السفير عدنان الحاج يعتبر أنّه “خلافاً لكل الشائعات، لم يسجّل لغاية الآن انخفاض في أسعار العقارات بالضاحية رغم الانخفاض في حجم الطلب ضمن السوق العقارية بشكل عام بنسبة 5,2 % ، إلا أنّ ذلك لا يستدعي انخفاضاً مباشرا في الأسعار، لأن المالك الذي يعرض البيع، بعدما اشترى بأسعار مرتفعة، الأرض وموادّ البناء، يرفض خفض أسعاره مباشرة، وقد يفضِّل تجميد عقاره بدلاً من بيعه بسعر أدنى من المستهدف على أمل ازدياد حجم الطلب في المستقبل القريب”.

ويتابع الحاج في حديث لـ”جنوبية”: “خصوصا أنّ سبب انخفاض الطلب في الفترة الحالية ناتج عن أوضاع أمنية ظرفية لن تستمر وهذا الامر يعيه جيدا المعنيون بالملف العقاري وابناء المنطقة، مع وجود استثناءات لا تمثّل حالة، وهم الذين يحتاجون إلى سيولة مالية، فقد يضطرون إلى البيع بأسعار أقل من سعر السوق”.

ويختم الحالج: “الفراغ السياسي وكثرة الاضطرابات المحلية وتداعيات الازمة السورية عوامل أسهمت في خفض حركة بيع الشقق السكنية الكبيرة والفخمة والتي عادة ما يكون الطلب عليها من قبل اللبنانيين المغتربين، فهم بانتظار ما ستؤول اليه تداعيات الازمة السورية على لبنان، ما ادى الى نوع من الانكماش في الاسعار الا انها لم تنخفض”.

من جهته، أشار المدير التنفيذي لشركة “تاجكو” الدكتور حسن تاج الدين الى “وجود بعض الشركات التي لديها مشاكل مع البنوك، فعمدت الى خفض اسعارها لكي تبيع بشكل أسرع، لكنّ الشقق بشكل عام حافظت على اسعارها، والطلب مستمر على الشقق الصغيرة والمتوسطة”.

لكن لا يمكن إخفاء حقيقة أن كثيرين، ولو بشكل محدود نسبة إلى مئات الآلاف من سكّان الضاحية، بدأوا يفكرون بمغادرتها صول أمكنة أخرى أكثر أمناً وأقل ازدحاماً.

أجمع الخبراء الذين التقيناهم على أنّ “العائلات الميسورة تتجه الى تغيير منازلها فتقوم باستئجار شقق مؤقتة في مناطق اخرى، ما يؤدي الى ارتفاع أسعار الايجارات في تلك المناطق وانخفاضها في الضاحية: “لكنّ ذلك لن يؤدي الى انخفاض اسعار بيع الشقق، فمعظم هؤلاء لا يبيعون شققهم في الضاحية. وبالتالي هو واقع ظرفي فقط يؤدي الى رفع طلب الايجار في مكان وخفضه في مكان آخر”، يقول عدنان الحاج.

وينسحب انخفاض الايجارات على المحال التجارية، التي سجلت تراجعاً بنسبة 20 %  بحسب الوسيط العقاري أحمد حلال: “نتيجة الجمود في الاسواق التجارية في الضاحية”.

بدا الحاج متفائلا بشكل عام، فاعتبر أن “لا ركود اقتصادي يمكن ان يؤثر على الحركة العقارية على المدى القريب والمتوسط، فنحن نتحدث عن منطقة مكتظة وذات نمو سكاني مرتفع، ما يعني وجود طلب مستمر”.

في المقابل فإنّ الاراضي المتبقية للبناء عليها باتت قليلة جدا، واسعارها جنونية، إضافة الى انّ مشاريع البناء متوقفة حالياً، وبطبيعة الحال العرض لن يلبي الطلب، وبالتالي لن نشهد انخفاضا للاسعار بل جمودا فقط. والعامل المساعد الأهمّ يتمثّل في إدراك سكان الضاحية انّ هذا الواقع ظرفيّ لذلك هم واثقون من عودة الأمور إلى نصابها السابق ولم نشهد حركة هجرة تؤثر قي مؤشر الاسعار.

السابق
جهاز طبي من اليونيفيل
التالي
السياسة أفسدت مدرسة عين قانا: 100 تلميذ طفشوا