الخبير الاقتصادي غازي وزني: 2014 سيكون قاتماً

الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني
الوضع الاقتصادي اللبناني للعام 2014 سيكون قاتما وضبابيا، إذ تراجعت غالبية المؤشرات الاقتصادية عما كانت عليه في العام 2013"، يقول الخبير الإقتصادي الدكتور غازي وزني في حديث لـ"جنوبية"، ويضيف: "تراجع القطاع السياحي 42% بخسارة 900 ألف سائح ما يبقى القطاع ضعيفاً في العام 2014 وتراجع الطلب أكثر من 30% في القطاع التجاري يجعل المؤسسات تشهد صعوبات مالية وهناك مشكلة عدم وضع خطة استيعابية للنزوح السوري أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية".

الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني مدير مكتب دراسات واستشارات اقتصادية، ومستشار لجنة المال والموازنة النيابية، كان لنا حوار معه حول التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان في العام 2014 وما هو مصير البلد اقتصادياً. لا سيما أن الأجواء المحلية والإقليمية مشبعة بالتوترات السياسية والأمنية الضاغطة. يرى وزني أن البلد يواجه سلسلة تحديات اقتصادية معروفة تتطلب حسماً سريعاً. وهذا يتطلب تأليف حكومة وفاق وطني، لتطبيق برنامج اقتصادي إصلاحي ومنتج. ويشير وزني أن الوضع الاقتصادي للعام 2014 قاتم وضبابي، حيث تراجعت غالبية المؤشرات الاقتصادية في العام 2013. وسجل النمو أقل من واحد في المئة، مما يعني أن الوضع الاقتصادي لن يتحسن في العام 2014، بسبب تصاعد التوترات السياسية والأمنية.

 ويضيف وزني: إن استمرار انعكاس الأزمة السورية على لبنان، يطال عدداً كبيراً من القطاعات الاقتصادية، أبرزها القطاع السياحي الذي يبقى متأثراً بالأوضاع السياسية والأمنية. فالقطاع السياحي تراجع خلال الأعوام 2010-2013 حوالى 42% أي بخسارة 900 ألف سائح. مما يُبقي وضع القطاع ضعيفاً وهشاً في العام 2014، مع استمرار مشكلة التناحرات السياسية والتفجيرات الأمنية. وكذلك القطاع التجاري يستمر في التراجع، وأن العديد من المؤسسات شهد صعوبات مالية نتيجة تراجع الطلب، من قبل المواطنين خشية من أفق غامض للمرحلة المقبلة، حيث تراجع الطلب أكثر من 30% في العام 2013. ويشهد القطاع العقاري أيضاً جموداً وشللاً، بسبب تريث المُستثمرين في البيع والشراء. وتشهد أسعار العقارات والشقق حالياً، مرونة ملحوظة في الأسعار، حيث يمكن التفاوض عليها، كما يقول وزني مؤكداً استمرار هذا الجمود والشلل في العام 2014.

لكن على ماذا يراهن الاقتصاد اللبناني من أجل صموده؟

برأي وزني يوجد عدة مقومات تحرك الاقتصاد اللبناني وتنعشه. أولاً: تحويلات المغتربين التي تبلغ 7،6 مليار دولار، وتتضمن أموال المغتربين الجنوبيين، وهي التي تعزز وضع ميزان المدفوعات وتساعد في استهلاك العائلات، وتحرك الاستثمار، وتساهم في زيادة نمو القطاع المصرفي، وتبلغ تحويلات الاغتراب من الدول الأفريقية حوالي 2،5 مليار دولار، زدْ عليها تحويلات الاغتراب في دول الخليج العربي والتي تساعد بشكل كبير جداً، في تحريك القطاعات العقارية والتجارية في منطقة الجنوب اللبناني، وتساهم مساهمة كبيرة، في معيشة الكثير من العائلات الجنوبية، مما يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية من الجنوب إلى لبنان ككل.

يواجه الاقتصاد اللبناني تحديات كبيرة في العام 2014 يؤكد وزني، وهو يعدّد أبرزها: ملف النفط والنازحين السوريين. التحدي الأول: الملف النفطي الذي تأخر إقراره مؤخراً. بتأخر انطلاق التلزيمات وتراخيص النفط، بسبب الانقسامات السياسية الداخلية، إن عملية تأخير التلزيم يدفع إسرائيل إلى استغلال هذا التأخير، من أجل تحقيق أطماعها في الاستيلاء على مكامن نفطية غنية في لبنان، وأيضاً في “الشفط” من الحقول اللبنانية خاصة من البلوك رقم 9. وقد أعلنت إسرائيل مراراً أنه يوجد مناطق بحرية متنازع عليها، وهدّدت باستعمال كافة الوسائل لمنع لبنان من استغلال هذه الحقول (8، 9، 10)، مما يفرض على الحكومة اللبنانية معالجة هذا الملف، بأسرع وقت ممكن بالابتعاد عن الانقسامات السياسية. التحدي الثاني: موضوع النازحين السوريين الذين تكاثر عددهم بشكل كبير، وانتشارهم العشوائي في كافة المناطق اللبنانية حيث ترتّب على ذلك، تبعات اقتصادية ومالية واجتماعية وأمنية. كما تعاني المناطق الجنوبية أيضاً من هذه التبعات، حيث يتم تشغيل وتوظيف السوريين لقلّة بدل اللبنانيين، وطرد الكثير من العمال اللبنانيين واستبدالهم بسوريين. فكل يد عاملة لبنانية مقابل ثلاث أو أربع عمال سوريين، إضافة إلى عدم انضمامهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يوفر على أرباب العمل. وتعتبر هذه المنافسة غير شرعية، هذا إضافة إلى التغيير الديموغرافي لمنطقة الجنوب أسوة بسواها من المناطق اللبنانية، حيث تسبب السوريون بأزمة سكن، أدت إلى ارتفاع إيجارات المنازل، إضافة إلى الحوادث الأمنية من قتل وسرقات ومشاكل.

وعن دور الحكومة اللبنانية في معالجة ملف النازحين يقول وزني: إنها تأخرت كثيراً في معالجة هذا الملف بسبب عدم قدرة الدولة اللبنانية على معالجته منفردة، دون الحصول على الدعم المالي الخارجي، إضافة إلى التضامن الداخلي الفعلي من جميع القوى السياسية. تحديات كبيرة وخطيرة يجب مواجهتها بصورة ملحة، لا سيما أن مليون لبناني يعيشون تحت خط الفقر. ومع استمرار تدفق النازحين السوريين إلى لبنان، يتوقع وزني بلوغهم المليونين نازح ما يمثل 50% من الشعب اللبناني. أما السبب الرئيس لكثافة هذا التدفق فيعيده وزني إلى رفض الحكومة اللبنانية منذ البداية وضع خطة استيعابية للنزوح، من خلال إنشاء مخيمات في الأراضي السورية على الحدود اللبنانية. وهذا أحد الأسباب التي ستؤدي إلى انهيار الاقتصاد اللبناني، في العام 2014 والذي يبقى رهينة توافق أهل السياسة، لمواجهة التحديات الخطيرة والكبيرة. أما الرهان على المساعدات المالية الخارجية فيبقى رهاناً غير جدّي، طالما لا يوجد توافق سياسي داخلي، وغياب حكومة توافقية جديدة، ذات مصداقية دولية تعتمد الشفافية والوضوح، وتبتعد عن الفساد والمفسدين.

السابق
خلف الأبواب المقفلة: عالم خفي للفتيات والفتيان
التالي
أندية العرقوب (1): إفلاس وسياسة ونشاطات صورية