حزب الله وسوريا 2013: من حجج المقامات الى الوجودية

حزب الله
العام 2013 هو عام سقوط القناع عن دور حزب الله في الحرب على الشعب السوري. فبعدما كانت حجج المقامات والتكفيريين ديدن الحزب منذ أواخر 2012 إلى منتصف 2013، باتت مشاركة "حزب الله" في الحرب على الشعب السوري "أمرا وجوديا"، بحسب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

هو عام بدأ باكرا، منذ ختام العام الذي سبقه، أي في تشرين الأول 2012، حين أعلن الشيخ محمد يزبك، رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله، بشكل رسميّ، عن بدء حزب الله عملياته على الأراضي السورية. فهو قال في 7 تشرين الأول 2012: “القائد أبو عباس استشهد دفاعا عن اللبنانيين المظلومين الذين تخلت عنهم الدولة والحكومة، ولم يشفع لهم نأي الحكومة بنفسها، إذ لم يرحموا من في أرضهم وبيوتهم، من اعتدي عليهم قتلا وخطفا، فاستغاثوا، والحكومة نائية بنفسها، فأغاثهم أبو عباس رجل الغيرة والحمية”.

بعد ذلك حافظ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله على روايته عن حماية مقام السيّدة زينب، واستمرّ في التهويل من خطر الثوّار باعتبارهم، كلّهم، تكفيريين، وبالحديث عن لبنانيين في القصير. وهو أعلن في 30  نيسان 2013 أنّ حزبه “بدافع عن مقام السيبدة زينب ويحارب التكفيريين ويحمي 30 ألف لبناني في قرى القصير وريفها”.

في أيّار بدأ حزب الله يعلن شيئا فشيئا عن تورّطه الكبير، بعيدا عن المقامات وعن التكفيريين وعن القرى الحدودية، وكان هذا الخطاب بعد دخول حزب الله معركة القصير بعنوان “سقوط سايكس بيكو”. وأعلن نصر الله في25  أيار 2013 أنّ “:سوريا هي ظهر المقاومة وسندها، والمقاومة لا تستطيع ان تقف مكتوفة الأيدي وتسمح للتكفيريين بكسر عمودها الفقري”.

خسر حجّة المقامات، لكنّه تمسّك بحجّة التكفيريين في اليوم نفسه: اذا تمكنت من السيطرة على المحافظات المحاذية للحدود ستكون خطرا على المسلمين والمسيحيين والدليل على ذلك هو ما يحصل في سورية حيث من يقاتل هو امتداد لتنظيم دولة العراق الاسلامية واسألوا أهل السنة في العراق عن ماذا فعل هذا التنظيم بهم”.

بعد أشهر، وقد احتلّ القصير وهجّر أهلها، وبعد ارتفاع عدد مقاتليه الذين سقطوا في سوريا إلى ما يقارب الأربعمئة، أدخل جملة جديدة غير معهودة في الأدبيات اللبنانية، حتى العسكرية منها، قال في 14 حزيران 2013: “حيث يجب أن نكون سنكون، حيث يجب أن نكون سنكون، وما بدأنا بتحمل مسؤولياته سنواصل تحمل مسؤولياته ولا حاجة للتفصيل”.

لا حاجة للتفصيل. لا شريك له في التحكّم يرقاب اللبنانيين وقرارهم.

بعدها رفع نصر الله من حجم التعبئة ومن وضوح المشاركة أمام جمهوره، وربطها بشخصه.  إذ أعلن في 16 آب 2013: “اذا احتاجت المعركة مع هؤلاء الارهابيين التكفيريين ان أذهب أنا وكلّ حزب الله إلى سوريا، سنذهب إلى سوريا”.

بعدها أكمل في خطابات تعبوية، وكان عدد قتلى حزب الله يرتفع إلى أكثر من خمسمئة.

لكنّه، في الشهر الأخير من العام، ترك الحجج كلّها. لا مقامات، ولا تكفيريين، ولا لبنانيين لحمايتهم. فقال في 20 كانون 2013: “موضوع سوريا في نظرنا هو معركة وجود، وليس معركة امتيازات مثل ما يقولون”.

أنهى نصر الله العام 2013 بإعلان صريح عن أنّ حزبه، ذراع ولاية الفقيه الخمينية في لبنان، باتت وجهته شمالية لا جنوبية. جنوده في سوريا، علاقاته ورجال أعماله في العراق، دعمه للبحرين، وعينه على دول أخرى.

العام 2013 هو العام الذي سيذكره التاريخ على أنّه حوّل لبنان من ساحة إيرانية وصندوق بريد إقليمي دولي، إلى قاعدة عسكرية إيرانية، وحوّل اللبنانيين من شعب خرجت منه حركة عسكرية مقاتلة، إلى زاروب شرق أوسطي يخزّن فيه حزب الله أسلحته، ولا حول لنا، كلبنانيين، ولا قوّة، سوى انتظار الأوامر والتهديدات.

السابق
نديم قطيش لجنوبية: ثقافة الإلغاء نعايشها
التالي
هذا ما تخفيه مايا