نازحو العرقوب لن يحولوا المنطقة إلى عرسال 2

نازحين
تعاني مناطق كفرشوبا والعرقوب من مشكلة كبيرة بسبب أعداد اللاجئين السوريين التي تنزح إليها هربا من الحرب، ولكن من يريد تصوير منطقة العرقوب على أنّها وكر للتيار السلفي في الجنوب سيفشل. وقد حاولت جريدة "الأخبار" ذلك وإعلام 8 آذار كلّه في الأسابيع الأخيرة. لكنّ الحقيقة في مكان آخر.

تعتبر شبعا البوابة الجنوبية الاساسية لهروب النازحين السوريين من مناطق الاشتباكات على الحدود اللبنانية، ومنها يدخل هؤلاء الى حيث يجدون أماكن ليبيتوا فيها. وينتشر اللاجئون في قرى قضاء حاصبيا، والبلديات تعنى بشؤونهم عبر ترتيب امورهم وترشيدهم الى اماكن الايواء التي تم تخصيصها لهم من قبل الامم المتحدة.

في هذا الاطار، أكد الناشط الاجتماعي رياض عيسى، ابن بلدة الهبارية في العرقوب، أنّه “بات هناك فائض من النازحين، ولم يبق هنالك بيوت لايواء اعداد أخرى من النازحين”، مشيرا الى أنّ “لاهالي قاموا بتقديم البيوت مجانا وبعضهم اجروا منازلهم، وهناك من عمل على ترميم عدد من البيوت القديمة بموافقة اصحابها، وذلك بمبادرات شخصية من قبل الاهالي أنفسهم”.

من خلال متابعة الامور على الارض بدأت تظهر مشكلة إضافية في الفترة الاخيرة وهي تتمثل بالاعداد الكبيرة للسوريين النازحين نظرا للازمة السورية المتواصلة، وهم ينتشرون ليس فقط داخل شبعا كما يصوّر الاعلام، بل انتشروا الى قرى العرقوب كلّها، وبات عددهم يزيد عن 15000 نازح بين شبعا وجوارها.

أضاف عيسى في حديث لـ”جنوبية” أنّ “هناك نازحين سجلوا أسماءهم في مفوضية اللاجئين وهم ركزوا انفسهم في منازل، ومعظمهم وجد عملا ما. وهناك قسم ثانٍ ممن لم يسجلوا اسماءهم، والقسم الثالث منهم، وهو الاصعب، من يملكون الجنسية اللبنانية، وهؤلاء لا بيوت لهم ولا اعمال ولا يحصلون على اي مساعدات عينية لأنهم لبنانيون بالنسبة الى الامم المتحدة، وهم تحت مسؤولة الدولة اللبنانية التي لا تلتفت إليهم”.

من جهة ثانية، هناك أعداد كبيرة من النازحين الهاربين وصلت الى تلك القرى وهم لا يملكون اي مأوى، لانه لم يعد هنالك منازل فارغة، ما اضطر بعضهم الى المبيت في المساجد، وهي غير مجهزة للبرد في فصل الشتاء.

في تلك المنطقة لا تأخذ القوى الامنية أي إجراءات إستثنائية كالتي تتخذها في مناطق حدودية أخرى، ولا يوجد في شبعا وجوارها اي ضوابط للتجوال ليلاً، لانه لم يحدث اي مشاكل أمنية بين النازحين وأهالي البلدات، ولأنّ هؤلاء السوريين القادمين من سوريا إما لهم أقارب او يقيمون على المناطق الحدودية وبالتالي هناك تواصل سابق بينهم وبين اللبنانيين.

لكن تتساءل فعاليات المنطقة، وجمعيات المجتمع المدني العاملة في المنطقة عن هدف الحملة التي يقوم بعض السياسيين، والمسؤولون والإعلاميون، وتحديدا إعلام 8 آذار. إذ هناك إصرار على إظهار المنطقة على أنّها مكان يجتمع فيه الاصوليون والسلفيون والوهابيون. لكنّ الحقيقة تظهر مغايرة لذلك. ربما وصل إلى المنطقة سوريون ينتمون الى جماعات إسلامية، إلا ان الفعاليات تؤكد غياب المتشددين. ويصرّ وجهاء المنطقة، في استطلاع لـ”جنوبية”، على أنّ هذا الكلام “مضحك ويدخل في السياق السياسي لتبقى المنطقة تحت المجهر ولتشبيهها بما يحدث في عرسال”.

اقتصاديا، رأى أحد الناشطين، وهو رفض نشر اسمه، أنّ “الوضع بات يسوء لأنّه ما في فرص عمل والسوريون أخذوا مهن عدد من اللبنانيين، فليس هناك تنمية ولا مجالات عمل واسعة في تلك المناطق والناس بدأوا النزوح الى بيروت للعمل والجامعة، وإذا طالت الازمة قد يختفي اللبنانيون من أصحاب الحرف والمهن لأنّ السوريين يقبلون بالقليل القليل ليعيشوا”.مشكلة تزداد يوما بعد يوم بسبب غياب الضوابط المفروضة من قبل الدولة على استخدام العمال الاجانب. ويضيف عيسى أنّه “إذا لم تتدخل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في هذا الامر، سوف يصبح هناك مشكلة ومعضلة خطيرة في المنطقة”.

تتعامل البلديات في العرقوب مع هذه الازمة من منطلق إنساني ويستقبلهم الناس ويساعدونهم بحسب مقدراتهم المادية، ففتح أبناء العرقوب منازلهم للاجئين السوريين، وتمت مساعدتهم، ولم يطرد أي منهم، ويبقى على وزارة الشؤون الاجتماعية ان تضبط وتشرف على عملية توزيع المساعدات حتى تصل الى الجميع بشفافية، بالتزامن مع إجراء إحصاءات دقيقة لاعداد النازحين المتواجدين في منطقة العرقوب.

الأهم: العرقوب لن تكون عرسال الثانية.

السابق
موسكو تستعدّ لوساطة بين الرياض وطهران
التالي
مشاورات ميقاتي لعقد جلسة للحكومة لم تصل لحد الطرح بشكل رسمي