لماذا يجب على أوباما أن يقول إنه ليس آيديولوجياً؟

هناك تقارير تفيد بأن الرئيس أوباما اتجه مؤخرا نحو تبني المنهج الاستبطاني لدرجة أنه صار مولعا بالتأمل أكثر من العادة. وسأحاول في هذا الخبر أن أعكس تأملاته الجديدة. وفي نهاية المطاف، سيحتاج القراء إلى الحصول على قسط من النوم بعد تناول وليمة العطلة. ولديّ أمل في أن يساعدهم هذا المقال على ذلك.

قال الرئيس مؤخرا شيئا ما أعتقد أنه كان مثيرا للاهتمام، لكنه لم يحظ بالاهتمام الكافي، ففي إحدى حملات جمع التبرعات الديمقراطية، قال الرئيس إنه لم يكن «شخصية آيديولوجية على نحو خاص». وعلى افتراض أنه كان يعني هذا القول، فإن ذلك الأمر كان جديرا بالاهتمام، مع الوضع في الاعتبار أن الجمهوريين يعتبرونه آيديولوجيا ليبراليا كلاسيكيا. كيف جالت تلك الفكرة الخاطئة بخاطر الكثير من الأشخاص؟ الرئيس لا يعد نفسه آيديولوجيا مصمما على أفعاله، بل إنه يرى نفسه على أنه يفعل ما يلزم فعله من دون أي دوافع آيديولوجية. يا له من أمر مثير للانتباه.

أثناء فترة وجوده الوجيزة في مجلس الشيوخ، كان يُنظر إلى أوباما عام 2007 كأكثر أعضاء مجلس الشيوخ ليبرالية. وفي حملته الانتخابية في عام 2008، صرح المرشح أوباما بتصريحه المشهور الذي أدلى به لصمويل جوزف، المعروف بلقب «جو السباك»، بأنه سيرفع الضرائب لأنه «عندما توزع الثروات، يكون هذا الأمر جيدا للجميع». ماذا يمكن أن يكون أكثر آيديولوجية من إعادة توزيع الثروة؟ ماذا تكون خطة «أوباما كير» إن لم يكن وراءها دافع آيديولوجي لسيطرة ورقابة الحكومة وإعادة توزيع الثروة؟ ودعنا لا ننسى أن الرئيس يواصل محاولاته العديمة الجدوى، ويقول البعض إن ذلك إجراء عقابي، بتبني سياسات بيئية لصياغة وتشكيل نمط حياة الأميركيين لتعزيز اعتناق المعتقد التقليدي الحر فيما يتعلق بالاحترار العالمي.

إن اعتقاد الرئيس بأن قدرا ضئيلا مما يقوم به تحركه دوافع آيديولوجية يشير إلى أنه يعيش بعقلية مدللة لا تواجه أي تحديات. وقد أُخبر أوباما أنه ذكي للغاية ما دام أنه يرى الوضوح في تصرفاته مع عدم وجود سبب للطعن في استنتاجاته. إن إيمان الرئيس بفطنته يجعله يعتقد أن أي شيء يفعله هو الشيء الوحيد فقط الذي كان سيفعله أي شخص حصيف وجاد التفكير. ألا يوجد أي شيء آيديولوجي بشأن هذه الأمور؟ وبوصفه رئيسا، فإنه دوما لديه الثقة بأن تحليله واستنتاجاته تفوق الآخرين، وهو ما يمكن إثباته بسهولة. وتقول فاليري غارت، مستشارة الرئيس، إن أوباما «قتله الضجر من حياته كلها». ربما أنها اكتشفت شيئا مثيرا. وأعتقد وجود شيء ما متعلق بالملل والضجر بشأن كونك على صواب طوال الوقت.

يبدو أن الرئيس أوباما يعتقد أن الآراء المعارضة غير منطقية أو ناتجة عن التفكير المضطرب أو الأقل شأنا. إن إخفاق الرئيس في إدراك مدى آيديولوجيته يجعله غير قادر على التعامل باهتمام مع الآخرين الذين قد يكونون مستعدين لاعتناق وجهة نظره الآيديولوجية. من المحتمل أن عجز الرئيس عن العمل بفاعلية مع الكونغرس، أوركسترا واشنطن، أو بناء تحالفات قوية أو حتى علاقات صداقة مع الخارج ينبع من اعتقاده بأن الآخرين يجب عليهم أن يذعنوا لرصانة فكره الحصيف دون إبداء المزيد من التساؤلات أو الاعتراضات. فهو لا ينظر إلى السياسة على أنها عبارة عن نقاش كبير يتسم بتعدد الاحتمالات بين الأصوات المتساوية.

وبعد مرور نحو خمس سنوات رئيسا، لا يتوقع أن يغير من نهجه. الحقيقة أنه، بوضع جميع ما لاحظناه بشأن أوباما في الاعتبار، ربما يكون من الأفضل القول إنه لا يستطيع التأقلم ولن يكون قادرا على الإطلاق على التوصل إلى نتائج ترضي الطرفين في ظل اهتماماته وآيديولوجياته المتضاربة. وكي يجري إنجاز أمر ما، يتعين على الآخرين أن يتجنبوه، بدلا من الاعتقاد بأنه يمكن أن يصبح القائد والمايسترو لسيمفونيتنا السياسية.

السابق
روحاني وتسويد وجه النظام
التالي
وقفة تضامنية مع طرابلس الرابعة بعد الظهر