الزواج المبكر يتزايد في لبنان: حملة وطنية لمواجهته

زواج المرأة المبكر
يشجع المجتمع العربي على الزواج المبكر. والسبب لا زال قائما في العقلية الجاهلية. الا أنّ الزواج حياة لا يقوى عليها الكبار في العمر، لجهة المسؤولية، فما بال الصغيرات. وقد شهد اليمن حالات زواج مبكر وموت نتيجة النزف والاعتداء الوحشي من قبل الزوج.. فهل الأمر أقلّ خطورة في لبنان؟

“الزواج المبكر: ما تلبسوها طرحة تسرق منها الفرحة”. هذا الشعار هو عنوان لنشاط مسرحي – سينمائي ، هدفه التوعية حول ظاهرة اجتماعية تنتشر في المناطق الفقيرة حول لبنان. النشاط نظّمته “المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم” و”التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني”، و”جمعية النجدة الاجتماعية”، و”منتدى التراث والتنمية في الهرمل”، بدعم من مؤسسة “دياكونيا”. وقد انطلق العرض اولا في مدينة بعلبك، ليكمل فيما بعد – كما أبلغ موقع “جنوبية” مدير “المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم المحامي ربيع قيس – الى مناطق اخرى كعكار والجنوب وغيرها.

“وبما ان الرجل والمرأة البالغين لهما حق الزواج وتأسيس أسرة، بحيث لا يكون الطفل والطفلة محور خطوبة أو زواج”، تحاول هذه الجمعيات العمل على إجبار الدولة اللبنانية على اتخاذ الإجراءات الضرورية، بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سنّ أدنى للزواج، ورفع الحدّ الأدنى لسنّ الزواج إلى18 عاما لدى الطوائف جميعها. ومن أهداف الحملة “أن تتشدد الدولة في جعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً”.

علما ان الاتفاقيات الدولية تشدد على “اعتبار الزواج عقد بين رجل وإمرأة يقوم على الرضا الكامل، ومن شروطه الرضا المتبادل الحرّ الخالي من العيوب”.

لكن في لبنان يظهر انّ سن الزواج يختلف من طائفة إلى أخرى، والبعض تجيز تزويج الفتيات في سنّ مبكرة جدا ومخالف لمجمل التزامات لبنان الدولية.

ومن نتائج الزواج المبكر: الحرمان من مجموعة حقوق كحق التعلّم، وحق العمل، ومن السلامة الجسدية نتيجة الحمل وتكرار الحمل والإنجاب، والحرمان من التمتع بأبسط الحقوق الإنسانية للطفلة نتيجة انتهاك الحق في التعليم والترفيه واللعب وبناء شخصية متوازنة، والحرمان من الحماية من كل أشكال الاستغلال الاقتصادي والجنسي، والحرمان من اتخاذ القرار بسبب الإكراه على الزواج دون الرضا الكامل للفتاة، والحرمان من الحق في المشاركة في الحياة العامة والسياسية.

ويشرح المحامي ربيع قيس اساس انطلاق الفكرة: “نحن بصراحة أقمنا برنامجا تدريبيا لعدد من النساء في البقاع، وطلبنا منهنّ ان يطلعننا على أفكارهن في ما يخص ما يعانين، ومن هذه الافكار صرّحن عن ضرورة العمل على التوعية على مسألة الزواج المبكر وهي احدى المشاكل التي تعاني منها الامهات في لبنان”. ويتابع: “هؤلاء من الامهات والزوجات والناشطات اجتماعيا… وبطبيعة الحال هنّ ضدّ الزواج المبكّر، وبحسب رأيهن أنّ اسبابه اجتماعية واقتصادية ضاغطة”.

وكانت الحملة قد توجهت الى طلاب المدارس والى مجموعة من الآباء والامهات وعدد من الافراد.. فدخل العمل الى المدارس وصوب الاهل”. وعن دور رجال الدين في الحملة قال قيس: “حاليا نحن لا نستعين برجال الدين لأننا في بداية الطريق”.

ويتركز الفيلم ومدته 20 دقيقة على (سكتش) مسرحي لمجموعة من المتطوعات يحكي عن بنت تزوجت باكرا بسبب ضغوطات الاهل الذين يعانون من مشكلة اقتصادية مع العريس، وبعد مرور سنة على الزواج تعيش الفتاة خطرا على حياتها بسبب الحمل، ويعيش الاهل صراعا بين ان يبقوا على حياتها أو أن يخسروا الطفل، ويتم التوافق على الابقاء على حياة الام الصغيرة، ما يخلق لها مشاكل مع زوجها..”.

ويتابع قيس “من هنا نحن نطرح اشكالا مطروحا في البيئات الريفية في مجتمعاتنا. ولا ندّعي اننا نحلّ المشكلة. فهذه المسرحية لا تؤدي الى حل، لكننا سنوسع (البيكار) لطرح المشكلة من ناحية اوسع. ولنصل بعد فترة طويلة الى اصدار قانون يحدّد سنّا أدنى للزواج، الى حين تكملة الفتاة دراستها الثانوية على الأقلّ. ونحاول ان نسلط الضوء على مخاطر الحياة الزوجية في سن مبكرة. والآن نركز على منطقة البقاع، لكننا سنركز مستقبلا على عكار وطرابلس وغيرها”.

ويرى انه “نجد صعوبة عند الاهل لأنّهم يعتبرون زواج الصغيرة سترة لها، فهناك عادات وتقاليد، خصوصا بعد وصول مئات آلاف اللاجئين السوريين الى لبنان. واحيانا يعتبرون زواج البنت نوعا من توفير الحماية من التحرش ونوعا من الخلاص لها”.

ويختم قيس قائلا:” المشكلة مستعصية. لكننا اصحاب مشروع يتطور شيئا فشيئا، ولا مخطط لنا حتى الان. فقد اطلقنا فكرة محددة وسنبني عليها ردود الفعل، وسنقيم سلسلة نشاطات الا اننا في الوقت نفسه لم نقم بأيّ شراكة مع أيّ مؤسسة اعلامية، علما ان الاعلام لا يتناول قضايانا الملحة الا بعد وقوع المشكلة”.

السابق
ندوة صحية عن غذاء الطفل
التالي
صقر تسلم ملف الشكوى التي تقدم بها تلفزيون الجديد ضد الجمارك