النهار: تنديد سعودي واستنفار الأجهزة لمواجهة الانتحاريين

كتبت “النهار ” تقول : أرخى التفجيران الانتحاريان اللذان استهدفا السفارة الايرانية في محلة الجناح اول من امس ظلالا شديدة القتامة على مجمل المشهد الداخلي، وسط المخاوف من دلالات تنذر بانزلاق البلاد نحو مزيد من الاختراقات والتفجيرات والتوترات السياسية والمذهبية. وهو الامر الذي انعكس على المناقشات الامنية والسياسية التي شهدها اجتماع المجلس الاعلى للدفاع غداة التفجيرين، وقت طرح التعاون بين السلطات اللبنانية والسفارة الايرانية في التحقيقات الجارية في التفجيرين من خلال الجولة التي قام بها على المسؤولين الكبار مساعد وزير الخارجية الايراني لشؤون المنطقة العربية وافريقيا حسين امير عبداللهيان والسفير الايراني غضنفر ركن آبادي.
واسترعت تصريحات الموفد الايراني انتباه المراقبين من حيث تشديده على “وضع حد نهائي لتصدير الارهاب والمسلحين والسلاح الى الارض السورية”، مؤكدا في المقابل “ضرورة الحيلولة دون تصدير انعدام الامن الى دول الجوار ومن هذه الدول لبنان”، داعيا الى “مساعدة الدولة السورية في مجال مكافحة الارهاب”، الامر الذي عدّه المراقبون اعترافا ضمنيا بربط التفجيرين اللذين استهدفا السفارة بدور طهران في الازمة السورية.

الادانة السعودية
في غضون ذلك، صدرت ادانة سعودية للتفجيرين اللذين ادرجتهما الرياض في اطار “التفجيرات الارهابية الجبانة”. ونقلت وكالة الانباء السعودية “واس” عن مصدر مسؤول قوله ان حكومة المملكة العربية السعودية “تستنكر وتدين بشدة التفجيرات الارهابية الجبانة التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت”، مضيفا ان المملكة “تتقدم بأحر تعازيها من أسر الضحايا والحكومة والشعب اللبناني الشقيق”.

مجلس الدفاع
وفيما شيع امس عدد من ضحايا التفجيرين في الضاحية الجنوبية والجنوب، وتواصلت التحقيقات القضائية واعمال رفع الادلة من مسرح التفجيرين، شهد قصر بعبدا يوما امنياً – قضائياً حافلاً أمضاه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في متابعة التفجيرين، فكانت سلسلة لقاءات شملت وزير العدل شكيب قرطباوي والمدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وتوجّت باجتماع المجلس الأعلى للدفاع.

وعلمت “النهار” ان الرئيس سليمان شدد على اهمية اماطة اللثام عن معطيات التفجيرين ومعرفة الجهة التي تقف وراء الانتحاريين لكي يتخذ لبنان التدابير اللازمة التي تقف في وجه المخطط الاجرامي الذي يضرب البلاد حاليا.
وعلمت “النهار” ان المعطيات المتعلقة بالتفجيرين طرحت في الاجتماع، كما أثير ما تردد عن عزم بعض الجهات على التظاهر اليوم امام السفارة السعودية حيث تبين ان بعض القيادات الامنية لم تكن على علم بهذا الامر. فتشعب النقاش الى ضرورة التنسيق بين الاجهزة الامنية وتبادل المعلومات وخصوصاً في هذا الظرف الطارئ. كما علم ان جواً متشائماً خيم على الاجتماع حيال الاوضاع الراهنة على رغم تنويه المجلس بالموقف اللبناني الجامع الرافض للارهاب.
وجرى التشديد على مضاعفة التدابير والاجراءات الاستعلامية والامنية لمواجهة مخطط ضرب الاستقرار واتخذت قرارات في هذا الشأن. كما تناول النقاش موضوع اللاجئين السوريين، فأثار وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور ضرورة مطالبة المجتمع الدولي باصدار قرار بانشاء مخيمات داخل سوريا. فأجابه وزير الصحة العامة علي حسن خليل بأن النظام السوري ليس في وارد القبول بهذا الامر. وتدخل الرئيس سليمان، مشيرا الى انه سيجري اتصالات في هذا الصدد لمعرفة امكان صدور قرار كهذا.
اما على صعيد التحقيقات في التفجيرين، فعلم من مصادر قضائية ان هذه التحقيقات تتابع مسارين: الاول يتعلق بسيارة الجيب التي فجّر الانتحاري الثاني نفسه داخلها، والثاني متصل بفحوص الحمض الريبي النووي للاشلاء التي وجدت في مكان التفجيرين. وعلم ان ثمة خمسة اشخاص مفقودين ينتظر الانتهاء من الفحوص لمعرفة هوياتهم. وأمر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر بتزويد التحقيق كل الكاميرات المركزة على امتداد الطريق التي يفترض ان يكون الانتحاريان سلكاها الى السفارة، وعلم ان السفارة الايرانية زوّدت التحقيق بعض هذه الكاميرات علما ان شريطا بث امس عبر احدى المحطات التلفزيونية ظهرت فيه السيارة المفخخة مندفعة قبل ان تنفجر وتتصاعد النيران منها.
من جهة ثانية، عكف الرئيس سليمان على اعداد رسالة الاستقلال التي سيطل بها على الذكرى السبعين التي يحتفل بها لبنان شعبيا ورسميا وعسكريا. وعلمت “النهار” ان الرسالة التي سيوجهها مساء اليوم الى اللبنانيين ستركز على التطورات الامنية التي تهب على لبنان من زوايا مختلفة وسيحضر “اعلان بعبدا” في صلب القراءة الرئاسية لهذه التطورات بالتأكيد ان هذا الاعلان هو خشبة الخلاص للبنان أياً تكن العراقيل التي تقف في وجهه.

تقرير بان
ووسط هذه الاجواء، أفاد مراسل “النهار” في نيويورك علي بردى ان الامين العام للأمم المتحدة بان كي – مون، حذر في أحدث تقرير له عن تنفيذ القرار 1701، من أن تورط “حزب الله” في النزاع السوري “له عواقب أمنية وسياسية خطيرة”، وطالب “كل الأطراف اللبنانيين بالتراجع” عن المشاركة في هذه الحرب، وبـ”اعادة التزام سياسة النأي بالنفس”. ودعا كل الأطراف الى العودة الى طاولة الحوار الوطني للتعامل مع سلاح “حزب الله” وكسر الجمود السياسي في البلاد.
ووزعت الأمم المتحدة التقرير الذي يعده المنسق الخاص للمنظمة الدولية ديريك بلامبلي. وجاء فيه ان الأمين العام “يرحب بالهدوء الذي يسود على طول الخط الأزرق”، وأن “الإفتقار الى التقدم في اتجاه تحقيق وقف دائم للنار وحل طويل الاجل للنزاع، وفقاً لما ينص عليه القرار 1701، لا يزال مبعث قلق”. وندد بـ”الحادث الذي وقع في 7 آب في اللبونة، عندما توغلت القوات الإسرائيلية عبر الخط الأزرق وقام حزب الله بعمليات عسكرية”، مؤكداً أن “الحادث يمثل خرقاً خطراً لوقف الأعمال العدائية”.
وعبر عن “القلق من أنه لا يزال هناك سلاح غير مرخص في منطقة عمليات اليونيفيل بما يتعارض مع القرار”. كذلك عبر عن “القلق من استمرار الإنتهاكات للأجواء اللبنانية بصورة شبه يومية من اسرائيل”. وشدد على أن “الإحتلال المستمر لشمال الغجر ومنطقة محاذية لها شمال الخط الأزرق من القوات الإسرائيلية يشكل أيضاً انتهاكاً متواصلاً للقرار 1701”.
وأفاد أن “النزاع في سوريا لا يزال له أثر خطير على لبنان”، مندداً بـ”استمرار الإنتهاكات لسيادة لبنان وسلامة أراضيه”. وطالب “الحكومة السورية وكل الأطراف المتقاتلين هناك بوقف انتهاكاتهم للحدود واحترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه وفقاً للقرارات 1559 و1680 و1701”. وأكد أن “استمرار تورط المواطنين اللبنانيين في النزاع في سوريا يشكل قلقاً عميقاً، بما في ذلك اعتراف حزب الله بدور رئيسي في القتال هناك”، محذراً من أن “المشاركة هذه في النزاع السوري لها عواقب أمنية وسياسية خطيرة”. وطالب “كل الأطراف اللبنانيين بالتراجع عن التورط في النزاع السوري، تمشياً مع التزامهم اعلان بعبدا وأحضهم مجدداً على اعادة التزام سياسة النأي بالنفس”.
وإذ ندد بأشد العبارات باستهداف المدنيين في ضواحي بيروت وطرابلس، حض كل الأطراف على “معاودة الحوار الوطني للتعامل مع موضوع سلاح حزب الله ومحاولة كسر الجمود السياسي في البلاد”.

السابق
بهية الحريري: لاعتماد الحوار بديلا من العنف وخلق بيئة متسامحة
التالي
السفير: بنية تحتية للإرهاب .. والأجهزة بلا استراتيجية دفاعية