عاشوراء المجلس الشيعي: ورث فضل الله.. ومذهبيون جدد

المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى
الحضور الشعبي في المجلس العاشورائي الذي ينظمه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى فاق التوقعات هذه السنة فافترشت آلاف المقاعد خارج مبنى المجلس لتنظيم الحضور الكثيف. وبينما يرجع بعض الأسباب لتاريخ الشيخ عبد الأمير قبلان وقوة حضوره، يقول آخرون إنه جمهور المرجع الراحل السيد محمد فضل الله، إضافة إلى وافدين جدد بسبب انتشار ثقافة التعصب المذهبي.

وأنت تلج سيراً على قدميك مدخل حارة حريك الغربي حيث يقع مبنى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، يطالعك حشد بشري يكتسي السواد يحيط بالمبنى الذي تعلوه رايات سود حداداً على استشهاد ابن بنت رسول الله الحسين بن علي عليهما السلام.

آلاف من الرجال والنساء من جميع الأعمار يجلسون على كراسٍ صفت لهذه الغاية وقطعت من أجل ذلك طريق المطار الدولي القديم، الذي خصّص للمشاركين من الرجال، فيما خصّص للنساء المدخل الغربي الفسيح لضاحية بيروت الجنوبية.

البارز هو دخول تكنولوجيا الشاشات المرئية التي تصاحبها مكبرات للصوت، وقد خصص للرجال واحدة وللنساء مثيلتها أيضاً. وما إن تدخل الباحة الداخلية للمجلس حتى ترى المشهد عينه يتكرّر وإن باكتظاظ أكثر. والباحة تتسع للمئات وقد قسّمت أيضاً إلى جزأين، واحد للرجال وآخر للنساء، ورفعت ستارة سوداء حاجبة بين القسمين، مع شاشتين عملاقتين أيضاً لمشاهدة وسماع برنامج المجلس العاشورائي اليومي.

أما المحظوظون فهم الذين يدخلون إلى القاعة الكبرى داخل مبنى المجلس ويشاهدون ويسمعون عن قرب، وإذا كان المجلس يبدأ برنامجه قرابة السابعة مساءً، فإن القاعة تمتلئ عند الساعة السادسة والربع على أبعد تقدير، قبل أن يوزّع من يحضر بعد هذا الوقت على باقي القاعات الصغيرة التي تمتلئ بدورها، ثم على المقاعد خارج المبنى كما أسلفنا.

وعن سرِّ الحشد الجماهيري غير المسبوق هذه السنة، والذي فاق السنة الماضية بأكثر من ضعف، يقول أحد موظفي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الحاج محمد ل”جنوبيه”: “أربعة آلاف مقعد داخل مبنى المجلس وخارجه ممتلئة اليوم عن بكرة أبيها الحشد وكل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه”.

ويضيف:”لا شك أنّه مهمّ شخص الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، نائب رئيس المجلس وتاريخه الحافل بالحضور القوي على الساحة اللبنانية الشيعية الممتدّ لأكثر من أربعة عقود، كان خلالها مرافقاً الإمام السيد موسى الصدر في مسيرته حتى غيابه، ومصاحباً الإمام شمس الدين حتى وفاته. هذا الحضور يشكل السبب الأول لتهافت المشاركين “وهم في غالبيتهم من غير المنتظمين في الحزبين الشيعيين أمل وحزب الله، ومحبتهم للحسين ولآل البيت صافية تتوافق مع ما عرف عن الشيخ قبلان من محبّة عشق منقطع النظير للإمام علي والحسين وآل البيت الأطهار”.

غير أنّ بعض المراقبين المهتمين بالشأن الشيعي، الذين وافقوا على ما تقدّم، يزيدون عاملين أساسيين الأول، أنه منذ وفاة المرجع السيد محمد حسين فضل الله بدأت الحشود تتناقص في مسجد الإمامين الحسنين الذي كان يصلي به ويقيم مجالس العزاء بعاشوراء لصالح المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، حتى انتزع المرتبة الثانية في الحشود العاشورائية في الضاحية من مسجد الحسنين منذ العام الفائت، على أساس أن المرتبة الأولى في الحشد تبقى لقاعة سيد شهداء، حيث يقيم حزب الله مجلسه العاشورائي المركزي ويطل فيه خطيباً في أكثر أيامه السيد حسن نصر الله.

والعامل الثاني هو حجم المشاركة العامة التي تزايدت بشكل كبير من جمهور الطائفة الشيعية، فلم تعد المشاركة في تعازي عاشوراء حكراً على المتديّنين فقط، فالأزمة العامة السياسية لعبت دورها، وأصبح الجمهور الشيعي معبّأ سياسياً على أساس أنه مستهدف بسبب انتمائه لطائفته، لذلك فإن المجالس العاشورائية في جميع المناطق اليوم ممتلئة عن بكرة أبيها بالمشاركين من أجل التحشيد وإن باتت شكلا من أشكال استعراض القوّة وإثبات الذات في ظاهرة عنوانها التعصّب المذهبي ردّاً على التعصّب الآخر.

بعد كلمة المطران الخوري وكلمة الإمام قبلان، ارتقى القارئ السيد نصرت قشاقش المنبر الحسيني وبدأ بقراءة مجلسه. بدأه بعظة عن الفلك وعلم الفيزياء والرياضيات وغيرها من العلوم، قبل أن يبكي الحاضرين بمجلسه العاشورائي الحاشد، ومشهد العباس ساقي العطاشى مقطع اليدين يبكي الحاضرين ويدمي قلوب المؤمنين: “لا يوم كيومك يا أبا عبد الله”.

السابق
عبود: توقعنا من زيارة سليمان للسعودية أن تحدث فرقا ما
التالي
خليل: لبنان لا زال في دائرة التحدي