السعوديّة تخسر في امتحان الجدارة لصالح إيران

علما ايران والسعودية
تمكنت إيران من إثبات جدارتها في الشرق الأوسط عندما حازت على الملف الشيعي بأكمله كورقة تحتكرها وتساوم عليها في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، بينما فشلت السعوديه في بناء زعامتها السنيّة في المنطقة فخسرت أوراقها وضعف نفوذها.

يتحدث الكاتب السعودي خالد الدخيل عن السياسة الأميركية في المنطقة وعن أنّ “الحكومة الامريكية تفضل كسر احتكار السنة للحكم في المنطقة بعد 11 أيلول \ سبتمبر، لذلك رأت في الشيعة خيارا جيدا في العراق رغم إدراكها أن الشيعة حلفاء إيران سياسيا ودينيا”.

إذا أدركت إيران أن أمامها فرصة ذهبيّة بعد الولاية الثانية للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي دعا صراحة الى تطبيق سياسة خارجيّة جديدة لبلاده قائمة على تعدّد الأقطاب ومشاركة الدّول الإقليميّة الفاعلة في اتخاذ القرارات المصيريّة وهو ما كان دعا إليه في خطابه الرئاسي الأول. فبدأت ايران بالتقرّب من واشنطن عبر تفعيل سياسة انفتاحيّة قادها الرئيس الإيراني الإصلاحي الشيخ حسن روحاني، الذي توّجها الشهر الفائت بزيارته نيويورك ممثلا بلاده في الجمعيه العامة للأمم المتحدة، واتصاله الهاتفي الشهير بالرئيس أوباما.

هنا برزت المشكلة الحالية الكبرى بين الحليفين اللدودين أميركا والسعودية. في التقارب بين الولايات المتحدة وايران حول الملف السوري تحديدا. ويتطابق ذلك مع ما قاله جيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق، والسفير الأميركي في لبنان قبل ذلك، الذي يعمل حالياً مساعداً للأمين العام للأم المتحدة. فهو قال الخميس الماضي في حديث مع فضائية الـCNN: “التوصل إلى حل في سوريا يتطلب التفاهم مع إيران”.

وآخر مؤشرات تمسك أوباما بهذا التفاهم ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن استعداده للتخلي عن مطلب أن يتضمن قرار الأمم المتحدة استخدام القوة لضمان التزام النظام السوري بتسليم ترسانته الكيماوية كاملة.

ويشنّ الإعلام السعودي الرسمي حاليا حملة مركّزة على الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي “لم يبال بالآلاف الذين سقطوا في سوريا بقدر تركيزه على جبهة النصرة”، وأنه “يتجاهل تدخل إيران وروسيا ودعمهما نظام الأسد ويتجاهل أيضا مصلحة حلفائها في المنطقة وعلى رأسهم السعودية وباقي الدول العربية، مركزا على المصلحة الإسرائيلية التي ترى أن نظام الأسد خيار جيد لإسرائيل وحتى إذا لم يتيسر إبقاء نظام الأسد فيستحسن أن تطول الحرب في سوريا إلى أبعد مدى ممكن”.

وبدأ عدد من الكتاب الصحافيين السعوديين بالتساؤل على صفحات الجرائد: “هل أن السعودية تستفيد فعلا من علاقتها بامريكا أو تخسر وتدفع ثمن ذلك من مصالحها” .

لم تستطع السعوديّة أن تبني زعامة سنّية جامعة موالية لها حال غريمتها إيران على الضفّة المقابلة للخليج. فأفلت الإسلام السلفي الجهادي من قبضتها بعد إعلان القاعدة عداءها للمملكة، وبقيت إمارة قطر، الجار الصغير، ترسم سياستها المستقلّة الخارجيّة بما يتناقض في كثير من الأوقات مع سياسة الرياض، كما هو الحال بالنسبة للمسألة المصريّة ودعم قطر للرئيس المخلوع محمد مرسي، وفي المسألة اللبنانيّة غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عندما تفاهمت قطر مع ايران وحزب الله حتى عام 2011، بخلاف سياسة السعوديّة التي دعمت وما زالت تدعم “تيار المستقبل” وقوى 14 آذار.

بدأت ايران بقطف ثمار سياستها العنيده والمثابرة رغم مشاكستها لأميركا والغرب عبر مشروعها النووي واصرارها على التمسّك بما أسمته حقّها في “التخصيب”، بينما السعودية بدأت بحصاد الخيبة والأشواك، نتيجة سياستها البدائيّة المتكاسلة القائمة على دعم عشوائي للجماعات الجهاديّة السلفيّة. فها هي المليشيات الاسلاميّة التي دعمتها في سوريا تتناحر فيما بينها بعد أن فقدت الرياض السيطرة عليها وأصبحت تشكّل تهديدا عاما للداخل والخارج، فيما قوات الأسد تستغل تشرذمها وتتقدّم على جميع الجبهات بدعم من مقاتلي حزب الله المزوّدين بالعتاد والخبرات الإيرانيّة.

لذلك فإن الولايات المتحدة اعتبرت أن السعوديّة رسبت في إمتحان الجدارة وإثبات القوّة وبدأت بالتطلّع الى الجار الفارسي القوي الذي نجح في الإمتحان وتمكن من اثبات تفوّقه عندما تمكّن من القبض على الملف الشيعي بأكمله من العراق مع نظام الرئيس نوري المالكي الحليف، الى سوريا الأسد، ولبنان حزب الله، وصولا الى التحكّم بحركة المعارضة في البحرين، انتهاء بصعدة في اليمن حيث تواجد الحوثيين “الشيعة”، الذين أصبحوا قوّة لا يستهان بها في جنوب الجزيرة العربية، بفعل الدّعم الإيراني لهم. حتّى أنّهم تحرشوا قبل عدّة سنوات بالسعوديّة ودخلوا أراضيها، فجابهتهم الأخيرة بالطائرات الحربية والمصفحات وردّتهم، ولم يك هذا الفعل سوى رسالة إيرانيّة الى العرب وأميركا والعالم أن طهران انتصرت في صراع المحاور.

السابق
إيران ستنفتح على الشيعة المستقلّين
التالي
فابيوس: الصحافيان الفرنسيان في مالي قتلا بالرصاص