شدّ الحبال الحكومي ينتهي إلى تعادل سلبي

ارتفعت أسهم التداول في موضوع الحكومة العتيدة في بورصة الحياة السياسية اللبنانية في اليومين الماضيين. لا يعني ذلك مطلقا أن المنافسة لم تعد قائمة وجدية في تسجيل رقم جديد لأطول حكومة تصريف أعمال. إلا أن غلاة المتفائلين يراهنون على «الحركة التي يمكن أن تولد بركة، تحل بدورها على اللبنانيين «عيدية»، بعيد عيد الاضحى بقليل».
يستند هؤلاء الى «نصائح» النائب وليد جنبلاط لـ«14 آذار» بقبول معادلة 9-9-6 والمشاركة في الحكومة. وينطلقون من مجموعة اعتبارات «تبدأ من سوريا وفترة السماح التي اعطاها المجتمع الدولي، بطريقة أو بأخرى، لنظامها أقلّه حتى منتصف العام المقبل»، ولا ينتهون بـ«ما يتهدد البلد من تحلل وفراغ».
يعتبر مسؤول سياسي في فريق «8 آذار» أن على «قوى 14 آذار الانتباه والتدقيق في كلام جنبلاط جيدا. فهو رمى كرة الحكومة في ملعبها. وبالتالي فهو يحمّل هذه القوى مسؤولية الفراغ الحكومي وما يمكن أن يؤدي اليه على مستوى البلد والدولة. وقد دعا جنبلاط ضمنا هذه القوى الى مراجعة حساباتها، والاقرار، أقلّه لنفسها، استحالة تسجيلها انتصارات راهنا في الموضوع الحكومي. وحتى لو تهوّرت وشكّلت حكومة، في أسوأ السيناريوهات المطروحة، فستكون عاجزة عن الحكم». يضيف المسؤول: «على الرغم من كل التهويل والتهديد والتخويف، فإن أرجحية فريقنا السياسي وتقدمه بالنقاط ملموسة. والرهانات على سقوط النظام في سوريا وتحجيم ايران وتقزيم دور حزب الله سقطت. لذا إن شاءت قوى 14 آذار أن تلملم البلد وتسيّر عجلته، فلا مناص امامها الا بالقليل من التواضع والاقرار بالشراكة الفعلية وتحصين البلد».
يستفز مثل هذا الكلام مسؤولا حزبيا في «14 آذار» ويسأل «لم لا تصح الشراكة في الحكومة الا عندما يطرح فريقنا السياسي تأليف حكومة معينة؟ اين كانت الشراكة في الحكومة التي تصرّف الاعمال راهنا؟ بغض النظر إن كنا من دعاة تشكيل حكومة من لون واحد ام لا، إلا أن المستفز أن قوى 8 آذار تحلّل وتحرّم في البلد وفق مصالحها الراهنة. لكن يبقى الأكيد ان هذه القوى لا تريد في أي شكل من الأشكال قيام حكومة اليوم. وهي لا تريد تحديدا قيام حكومة وحدة أو مشاركة. وهي تنطلق من هذه الثابتة معتمدة اسلوب من لا يريد تزويج ابنته فيرفع من مهرها. لذا نسمع لهم كل يوم طرحا ومشروعا وفكرة. الخلاصة حزب الله متصدرا جماعة 8 آذار يعرقل، وسيبقى يعرقل قيام الحكومة».
في المقابل يقر سياسي مستقل من فريق «14 آذار» بأن «الجميع في مأزق اليوم. والأخطر أن الجميع انضم للجلوس الى جانب النائب وليد جنبلاط على ضفة النهر، لكن الانتظارات مختلفة الى درجة التناقض. وفي حين يمكن تلمس محاولة جنبلاط التراجع تدريجا عن النهر خوفا من انزلاق قدمه في بحر الحسابات الدولية ومتغيراتها، نعيش جميعا انتظارا يستنزف البلد وما تبقى منه. فلا نحن قادرون على التأثير على العلاقات الاميركية ـ الايرانية، ولا الاميركية ـ السعودية، ولا قوى 8 آذار قادرة على التنصل من الرغبات والمصالح الايرانية. ومن وصل به الامر الى ارسال خيرة شبانه للموت في سوريا في سبيل مصالح كبرى، كيف يمكنه تقديم المصلحة الوطنية اليوم على حساباته الاقليمية؟ ستبقى حال الانتظار هذه سيدة واقعنا. لكن الخوف الفعلي ان تنسحب هذه المرحلة الى حين موعد الاستحقاق الرئاسي. لذا فإن الواقعية السياسية تفترض بفريقنا البحث جديا في كيفية التخفيف من الاضرار وتسليم البلد الى حكومة تصريف الاعمال هذه». لا يصرح السياسي الآذاري بكل المضمر، لكن يمكن من خلال السطور أن تكشف أن هنالك من يفكر جديا بضرورة القبول «بالسيء تجنبا للرضوخ للاسوأ. بالتالي فإن حكومة يكون فيها لـ14 آذار حصة موازية لخصومها تبقى أفضل من أن تترك الساحة لاستئثار الحكومة الراهنة».
لا تتفق «14 آذار» على هذه المقاربة. أقلّه، تعتبر أنها ليست مضطرة اليوم الى تقديم مثل هذا التنازل المبكر «فالقصة هي قصة احتمال وطول بال. ومن يتحلى بالصبر الطويل هو من سيربح»، بحسب مسؤول حزبي.
فات الطرفان أن قدرة البلد وأهله على الاحتمال قد استنزفت في السياسة والامن والاقتصاد، وحتى على مستوى العلاقات الاجتماعية والانسانية.

السابق
عقاب صقر ردا على جنبلاط: انحزنا الى الشعب السوري لأننا لا نؤمن بان التحرر الوطني يتم بالخطب الرنانة
التالي
تهدئة في عين الحلوة