السيستاني والصدر يحرّمان القتال إلى جانب الأسد

sistane wel sader
"ليس من المصلحة وليس فيه اصلاح"، قال المرجع العلامة السيد علي السيستاني حين جاءه عراقي شيعي لاستفتاء رأيه في قضية توجّه ابنه للقتال في سوريا. ومحيطون بالسيستاني لم ينفوا.

محنة العراق شبيهه بنظيرتها اللبنانية. اذ انه واقع أيضا بين تجاذبات إقليمية أبرزها سعي إيران الدائم للسيطرة على قراره السياسي، عن طريق اعادة انتاج التشيّع على النمط الفارسي. ذلك القائم على ولاية الفقيه. ثم ربط بلاد الرافدين بمحور إقليمي يمتد الى بلاد الشام، رغم ما يحدث من صراع دموي على الأرض السورية بين نظام الأسد البعثي حليف ايران التاريخي ومناهضيه من مسلحي الثوار المدعومين جيّدا من عرب الخليج تسليحا وتمويلا، ومن الغرب اعترافا سياسيا وتعاطفا انسانيا واسع النطاق.

غير ان الخصوصية العراقية بدأت تبرز كردّة فعل على تلك الممارسات التي لا تراعي مصلحة الوطن القائم على التنوّع العرقي والمذهبي والطائفي منذ عشرات السنين.

وأبرز المعترضين على محاولات ضمّ العراق الى المحور الإيراني السوري هو حليف طهران السابق السيد مقتدى الصّدر صاحب التيار الصّدري الواسع الإنتشار بين الشيعة في العراق، الى جانب مرجعيّة النّجف صاحبة الرّياسة الروحية للمذهب على مرّ العصور.

إذ يقول السيّد مقتدى الصدر لصحيفة “الحياة” في مقال نشر اليوم الأربعاء: نحن مغضوب علينا اليوم… لأننا لا نتلقى اوامر وتعليمات من احد، والمصالح العراقية بالنسبة الينا خط احمر”.

فقد رفع أتباعه عام ٢٠١٢ أعلام الجيش السوري الحر تعاطفاً مع الثوار، والصدر يسجل ملاحظات كثيرة على بعض الجماعات المتشددة التي تقاتل الاسد، لكنه يقول من دون تردد: “انا مع الشعوب دوماً، وأبلغت طهران عام ٢٠٠٩ مثلاً بأنني قد انزل الى الشارع تأييداً للشباب الاصلاحي في التظاهرات، وتألمت حين قتلوا المتظاهرة ندى سلطاني”، في الحادثة المعروفة اثناء احتجاجات الاقتراع الرئاسي في ايران.

وتؤكّد الصحيفه أن أتباع الصدر يشعرون بأن الذهاب الى القتال في سوريا امر يمثل عصياناً لزعيمهم، ولذلك عاد احدهم من دمشق أخيراً وجاء معتذراً للصدر يقول له: “سيدنا لقد عصيتكم”.

أما بالنسبة للنجف حيث مراجع الشيعة الأربعة الكبار وعلى رأسهم المرجعية الشيعية العليا الممثّله بالسيد علي السيستاني فهي “تتفادى الدخول في نقاش مباشر أو جدل فقهي حول قتال الشيعه في سوريا، لكن يسجّل: أن أحدهم جاء لاستفتاء المرجع في قضية توجّه ابنه للقتال في سوريا… فأجابه بلا تردد: لا يذهب، ليس من المصلحة وليس فيه اصلاح”.

كما ينقل كاتب المقال في صحيفة “الحياة” حادثة اكثر دلالة عن طبيعة علاقة النجف بإيران عكسها غضب تناقلته اوساط السيستاني “من تزوير وسائل الإعلام الايرانية حديثاً دار بينه وبين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اخيراً. فظريف نقل عن السيستاني تمجيده خامنئي، ومديحه لظريف نفسه”. وهو امر يمس صميم سلوك المرجعية وتقاليدها التي تحتفظ بمسافة ثابتة مع نظرية حكم ولاية الفقيه في ايران، هي المسافة ذاتها التي سمحت للسيستاني بالمطالبة بدولة مدنية في العراق”.

ويسجّل هنا أن مصطلح “الدولة المدنيّة” أطلقه الراحل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الإمام محمد مهدي شمس الدين وأثار جدالاً فكرياً حاداً في منتصف الثمانينات من القرن الماضي. إذ عدّته الأوساط الأصوليّة الشيعية يومها موجّها ضدّها وضدّ عقيدتها القائمة على “ولاية الفقيه” التي أطلقها الإمام الخميني عقب نجاح ثورته في إيران وحكم بلاده بناء على شرعيّة هذه السلطه الدينيه وسعى الى تصديرها للخارج، فكان ما كان من شرخ بين ايران الشيعيّة وسنّة عرب الخليج حيث يهيمن المذهب الوهابي السلفي على حياتهم الدينية.

لم ينفِ أحد من جهة السيستاني هذا الكلام. ما يعني أنّ السيستاني انضمّ الى الصدر في الموقف الذي يمنع القتال الى جانب الاسد في سوريا لأن “ليس من المصلحة وليس فيه اصلاح”. فهو أقرب الى التحريم، أو بداية تسريب التحريم رويدا رويدا قبل إعلانه بشكل نهائي.

السابق
لاريجاني يتطلع بايجابية لاجراء محادثات نووية جديدة
التالي
وصول 14 خبيرا بتدمير الكيميائي الى بيروت وسيتوجهون براً الى سوريا