اللواء: طهران تسعى لمحادثات مع السعودية تشمل لبنان والعراق وسوريا

كتبت ” اللواء ” تقول : سلم المسؤولون اللبنانيون بأمرين يتصلان باحتمالات الخروج من المأزق السياسي:
الاول: العجز عن انتاج توافق داخلي حول إدارة البلاد، سواء من خلال حكومة جديدة، او إعادة احياء البرلمان، او التفاهم على رئيس جديد للجمهورية.
والثاني: انتظار الترياق من الخارج إن على صعيد الآفاق التي يمكن ان يفتحها مؤتمر جنيف -2 لحل الازمة السورية، او حصول تفاهم إيراني – سعودي يحدث استرخاء في الاقليم، وتمتد تفاهماته من العراق الى سوريا ولبنان، مروراً بالملفات الاقليمية في الخليج، وصولاً الى الملف النووي الايراني.
وبصرف النظر عن الحراك الداخلي الذي يمكن ان يتجدد في الفترة الفاصلة، بين مطلع الاسبوع وعيد الاضحى المبارك، سواء حول صيغة 9+9+6، او عقد جلسة نفطية لمجلس وزراء الحكومة المستقيلة، او اعادة احياء اللقاءات بين الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، لمراجعة مقاربة مشتركة حول الحوار والحكومة وجلسات مجلس النواب، فإن المصادر الرسمية اللبنانية ترصد بمزيد من الاهتمام حدثين في الواجهة هما: الاعلان عن نية ايرانية بقيام الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني بزيارة دولة الى المملكة العربية السعودية بعد عيد الاضحى، وما يدور في الافق عن عزم “حزب الله” سحب العدد الاكبر من قواته من سوريا، بعد ان تمكن النظام من احداث توازن على الجبهات القتالية، ووفرت الاتصالات العراقية – الايرانية ما يلزم من تمويل لبناء ميليشيا رديفة يمكن ان تساعد في ملء الفراغ الذي يمكن ان يتركه الحزب، اذا ما انقضت مصلحة التفاهم الايراني – السعودي اتخاذ القرار بسحب الحزب من سوريا.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية عربية مطلعة لـ”اللواء” بأن طهران ابلغت الرياض رغبة الرئيس الايراني بالقيام بزيارة رسمية للمملكة، بناء على جدول اعمال يعد سلفاً لضمان نجاح المحادثات التي ستتم بينه وبين المسؤولين السعوديين، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولا بأس من اعطاء الوقت اللازم لبحث الملفات العالقة بين البلدين، على اعتبار ان زيارة الحج التي كان روحاني يعتزم القيام بها، منتصف الشهر الحالي، قد لا تحقق الغرض منها، بسبب انشغال العاهل السعودي باستقبال الرؤساء والملوك الذين سيغدون لاتمام الشعائر المقدسة، علماً ان المملكة لم توجه دعوة رسمية للرئيس الايراني لزيارتها في موسم الحج، لأن الاوساط الايرانية ابلغت الدوائر السعودية برغبة روحاني بزيارة حج الى الديار المقدسة، لمناسبة عيد الاضحى المبارك، فاكتفت بالترحيب بها، دون ان توجه اليه الدعوة.
يشار الى ان السفير الايراني غضنفر ركن آبادي الذي زار امس الرئيس بري ووزير الخارجية عدنان منصور، سبق ان اعلن قبل يومين، بأن الرئيس الايراني سيزور المملكة العربية السعودية قريباً، من دون ان يحدد موعدها، لكنه اشار الى اتصالات جديدة تتم من اجل ترتيب الموعد المذكور.
اما على صعيد ما تردد عن سحب “حزب الله” لقواته من سوريا، فقد كان لافتاً ما نشرته صحيفة “ذي تايمز” البريطانية امس، نقلاً عن مراسلها في بيروت نيكولاس بلانفورد، من تقارير تشير الى بدء “حزب الله” في سحب مقاتليه من سوريا، استناداً الى مصادر دبلوماسية واستخباراتية في بيروت قالت بأن تخفيضاً قد تم في عدد مقاتلي الحزب في سوريا في الاونة الاخيرة، تحت ضغط متزايد من الحكومة اللبنانية، وقلق الحزب من ان تورطه في القتال في سوريا، بدأ يثير نفور العالم العربي.
غير ان مصادر قريبة من “حزب الله” نفت للمراسل البريطاني ان تكون قد اتخذت الخطوة بسبب ضغط سياسي، وادعت انها عائدة الى اعتبارات تكتيكية على الارض.
وبحسب الصحيفة المذكورة، فإن مصدراً دبلوماسياً رفيع المستوى قال: “كان هناك حوالى عشرة آلاف مقاتل من الحزب في سوريا لكن العدد اقل من ذلك الآن بضعة آلاف.

وأضافت “إن قرارا بالانسحاب من سوريا لا بدّ أن يتطلب موافقة إيران المموّل الرئيس لحزب الله. وينذر سقوط نظام الأسد بفسخ إيران عن حزب الله، ما سيضعف امتداد إيران في العالم العربي، ويمكن أن يتسبب في عزلة “حزب الله” على شاطئ البحر المتوسط. ويفسر هذا مدى حرص ايران على استخدام وكيلها الذي يوجد مقره في لبنان لدعم نظام الأسد، غير أن انتصارات المقاتلين الشيعة في سوريا لطخت صورتهم كطليعة للمقاومة ضد إسرائيل وأغضبت السنّة في المنطقة إلى حد بعيد”.
وفي أوّل تعليق لها على تقرير “ذي تايمز”، أوضحت مصادر رئيس الجمهورية ميشال سليمان ل”اللواء” انه “اذا كان الكلام الإعلامي بشأن استعداد “حزب الله” للانسحاب من سوريا دقيقاً، فان الرئيس سليمان يرى فيه التزاماً بتطبيق اعلان بعبدا الذي توافق حوله اقطاب الحوار، ويتمنى أن ينسحب على كافة القوى السياسية، فيعد بالتالي امراً جيداً.
غير أن مصادر قيادية في “حزب الله” أبلغت موقع “لبنان 24” الالكتروني، بأن مسببات الدخول إلى سوريا لم تزل قائمة، مضيفة، بأنه في قراءة الحزب لمجريات الامور يمكن القول أن هناك انحساراً في آنية الخطر على سوريا، في ظل الإنجازات العسكرية الكبيرة التي يتم تحقيقها، لكن ذلك لا يتيح الركون الى فرضية زوال الخطر نهائياً.
واستطردت قائلة: “اذا خرجنا من سوريا والخطر لا يزال قائماً فلماذا ذهبنا أصلاً، وماذا كنا نفعل في القصير إذاً؟”.
وخلصت المصادر إلى الجزم بأن الحزب ليس في وارد الانسحاب في هذه الفترة من سوريا، وهو ما قد يتيقن منه الجميع حين يسمعون عن “معارك حاسمة ستشهدها مناطق سورية استراتيجية خلال الايام المقبلة”.

الحكومة
إلى ذلك، أفادت مصادر سياسية “اللواء” انه على الرغم من حركة الاتصالات والمشاورات الهادفة إلى تأليف الحكومة، والتي لم تتوقف وتيرتها، فان أي خرق للمشهد السياسي اللبناني، ولا سيما بالنسبة إلى هذا الملف، لم يتم تسجيله، مشيرة إلى أن أي معلومات حول موعد جديد لزيارة الرئيس سليمان إلى المملكة العربية السعودية لم ترشح بعد أيضاً.
ولفتت المصادر إلى أن فرص الإعلان عن حكومة قبل عيد الأضحى تضاءلت بشكل كبير بفعل معطيات إقليمية وداخلية ليست خافية على أحد، موضحة أن المساعي الجارية في اعادة الحياة إلى هيئة الحوار الوطني، وفي حال تكللت بالنجاح، لا يعني انها ستنسحب على الملف الحكومي، إلا ان المصادر نفسها لم تستبعد أن يثمر انعقاد هيئة الحوار، او أي مبادرة تصب في اتجاه الحوار عن جو ايجابي بالإمكان البناء عليه لحلحلة التعقيدات الداخلية المتصلة بهذا الملف.
وفي هذا السياق، عُلم أن موفدي حركة “امل” الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل سيزوران الرئيس المكلف تمام سلام خلال الساعات الـ48 المقبلة، أو مطلع الأسبوع المقبل لإبلاغ سلام بالموافقة على الصيغة المقترحة من النائب وليد جنبلاط لتشكيل الحكومة من 9+9+6، وإن كانت تحجّم حصتي رئيس الجمهورية من 3 وزراء في صيغة الثلاث ثمانات الى وزيرين، والرئيس سلام من دون توزير له، ليكسب جنبلاط وزيرين درزيين وثالث مسيحي، وهو أكبر من حجم كتلته النيابية المؤلفة من ثمانية نواب.
وفي المعلومات أن نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي أبلغ ممثلي الأحزاب الحليفة أثناء اجتماعه بهم قبل يومين، بأن صيغة 9+9+6 تحظى بموافقة الحزب و”أمل” ولا يعارضها “التيار الوطني الحر” الذي سيكون له حصة وازنة من ضمن حجمه النيابي، وهي في الأساس تضمن الثلث المعطل لفريق 8 آذار، ومعها ايضاً فريق 14 آذار، الذي ابلغت مصادره “اللواء” أن موضوع الحكومة مؤجل إلى اجل غير مسمى، لان الفريق الآخر لا يريد حكومة، ويريد أن يستمر وضع البلد هكذا معطلاً الى حين اجراء الانتخابات الرئاسية لتعطيلها أيضاً لفرض شروطه.

جلسة نفطية
ويفترض أن تحرك عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اليوم من الولايات المتحدة، حيث أجرى فحوصات طبية اطمأن بنتيجتها على صحته، الحديث عن عقد جلسة نفطية للحكومة المستقيلة، في ضوء المطالبات التي كثرت مؤخراً سواء من قبل الرئيس برّي، أو من كتلة “الوفاء للمقاومة” أو من العماد ميشال عون لإقرار تلزيمات “بلوكات” النفط في المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر.
وفي هذا المجال، علمت “اللواء” أن حلحلة في الشكل حصلت على هذا الصعيد، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة القرار، وذلك استناداً إلى معلومات نقلت عن جنبلاط بأنه تراجع عن موقفه المعارض لعقد هذه الجلسة، وانه لم يعد يمانع في عقدها استجابة منه لرغبة حليفه الرئيس برّي.
إلا أن مصادر مطلعة شككت بإمكانية عقد الجلسة باعتبار أن الأمور ليست ناضجة بعد بالنسبة إلى التوافق على ما يمكن ان ينتج عن الجلسة، في ظل استمرار الخلاف بين بري ووزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل بالنسبة الى تلزيم “البلوكات” بين ان يكون شاملاً “البلوكات العشرة” بحسب ما اشترط الرئيس بري، وبين ما يطالب باسيل بأن تقتصر عملية التلزيم على بلوكين فقط، يكونا بمثابة اختبار للاسعار التي يمكن ان يحصل عليها لبنان من قبل الشركات التي قدمت عروضاً مغرية لاستخراج النفط اللبناني.

آليات الدعم
في غضون ذلك، ابدت مصادر رسمية لـ”اللواء” تفاؤلها الحذر بشأن وضع آلية قرارات “مجموعة الدعم الدولية للبنان موضع التنفيذ”، ولفتت الى ان اي تأخير في مواكبة هذه القرارات من شأنها ان تنعكس على الاوضاع الاقتصادية المترتبة عن ملف النازحين السوريين في لبنان.
واوضحت ان الاجتماع الذي ترأسه الرئيس سليمان امس، والذي خصص لوضع خطة عمل لمتابعة تنفيذ هذه المقررات تركز على ضرورة توزيع المهام بين المعنيين من فريقي عمل رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء لمواكبة ما خلص اليه مؤتمر دعم لبنان في نيويورك.
واشارت الى ان التطمينات التي اطلقتها نائبة رئيس البنك الدولي أنغر أندرسون التي التقت امس الرئيس بري، حول اهتمام البنك الدولي بتقديم المساعدة تحتاج الى ترجمة عملية من دون فرض اية شروط، مذكرة بأن هناك دوراً اساسياً تلعبه دول الاتحاد الاوروبي والدول العربية القادرة في عملية دعم المجموعة.

“عبّارة الموت”
وعلى صعيد آخر، علم ان وزير الدولة في حكومة تصريف الاعمال احمد كرامي الذي رافق البعثة اللبنانية الى اندونيسيا لمتابعة ملف “عبارة الموت” بقي على تواصل دائم مع المسؤولين اللبنانيين لاطلاعهم بكل المستجدات والعراقيل التي تقف امام اعادة جثامين الضحايا اللبنانيين الذين غرقوا في “العبارة”، بسبب اجراءات روتينية من ابرزها مطابقة فحوصات الحمض النووي، والتي لن تظهر نتائجها قبل اسبوعين على الاقل.
واستناداً الى معلومات البعثة، فإنه من المتوقع عودة اللبنانيين الناجين الـ18 غداً الاحد، فيما حدد موعد عودة اللبنانيين الستة الذين سجنوا بسبب تجاوز مدة الاقامة في اندونيسيا، واللبنانيين الخمسة الذين خافوا من الصعود الى متن “العبارة” مع البعثة اليوم الثلاثاء.

السابق
عندما يصبح الشيطان ملاكا
التالي
الشرق: بان كي مون يجدد الالتزام بسيادة لبنان ووحدة اراضيه