الوعد الذي لم يفعل فعله!!

تكالبت الأمم على سورية التاريخ والحضارة وغطت طرقاتها بمختلف أصناف الحقد السافر والشراسة المبيتة فدفعت إلى حاراتها ومدنها وقراها بلواعج غضبهم وثاراتهم المرسومة على قارعة عقولهم فظلامية أنفس لم تعرف أصول الشهامة العربية ولا المبادئ الوطنية أوالقومية بل انحازت انحيازاً تاماً عبر تاريخها المبني على الغزو المدمّر إلى استجرار المآسي لقبلة العرب أجمعين إلى سورية المقاومة الواقفة على حدّ السيف المتصدّية بثبات للعدو الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي من أجل خنقها بسلاسل أميركية الصنع لكتم صوتها الجهوري الرافض لكل أشكال الإذعان والانهزام والتخاذل والخيانة المنظّمة.
لم يكن مُنتظَراً قرار الرئيس الأميركي بارك أوباما الأخير في نظر المراهنين على انهزام سورية والقاضي بالتراجع عن تحديد ساعة الصفر للعدوان المنظّم على سورية الذي طبّلت له أبواق الإعلام العربي العميل ومسؤوليهم الخبثاء الذين يطرحون شعورهم الإنساني على بساط المعارك القائمة في سورية متجاهلين ما فعلته قلوبهم الحاقدة وأيديهم الملوّثة بدماء الأبرياء من السوريين والكل يعلم أنهم هم من موّل ونفّذ المخطّطات الجهنميّة الأميركوصهيونية للقضاء على سورية وجيشها وصمود أبنائها وتفتيتها توصلاً إلى السيطرة عليها عبر حاكم جَرِب يتفوّه بما تمليه عليه دوائرهم الخائنة وهذا ما بدا واضحاً وصريحاً في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة حديثاً حين وقف أحمد الجربا العميل السعودي ليعلن أسفه الشديد لعدم اتخاذ أوباما القرار الفصل بالعدوان على سورية متناسياً أن الرئيس الأميركي لا يديره حفنة من العملاء المضللين وأن القرار الصائب الذي اتخذه هو من أجل المحافظة على البقية الباقية من العظمة الكونية لبلاده خصوصاً بعد الذي جرى في مجلس العموم البريطاني وقبله عمليات الإحصاء الشعبي في بلاده الرافضة للتدخل العسكري في سورية إضافة إلى الاختلاف الحاصل في مجلس النواب الأميركي ومجلس الشيوخ والردّ الحاسم المشترك من حلفاء سورية كروسيا والصين وإيران وحزب الله في لبنان الذين وضعوا كل إمكانيات المعركة بإمرة القيادة السوريّة والعالمون أن العدوان المهيّأ له في دوائر القرار الأميركي وعملائهم الصهاينة والعرب لم يتم تحديد نتائجه المدمرة التي يدركها تماماً حلفاء سورية. فأميركا تعلم علم اليقين أن الصواريخ الروسية والصينية والإيرانية موجهة إلى منابع النفط و»إسرائيل» والرئيس أوباما أعلن صراحة أن ما يهمّه في منطقة الشرق الأوسط أمران لا ثالث لهما هما: «النفط وأمن إسرئيل» وهذان الأمران في حال حدوث العدوان لن يكونا في مأمن من الخطر المحدق الكامن بإشعال المنطقة في حريق لن يقدر أحد على إخماده بالسهولة المتوقعة. فأعوان أميركا في المنطقة غوغائيين يتصرفون بحقد أسود بعيد كل البعد عن الأسس المنهجيّة لمسار الحروب ونتائجها المدمّرة وبالتالي لن يدفع أوباما أمن «إسرائيل» إلى أتون المعركة ولن يُشعل بيديه منابع النفط في الخليج العربي وهو يعلم تمام العلم أن نتائج العدوان «الإسرئيلي» على لبنان والمقاومة عام 2006 لم تصب في مصلحة «إسرائيل» التي باتت لا تجرؤ على خوض مغامرة عسكريّة جديدة تجرّ فيها حزب الله والمقاومة وسورية وإيران وحلفاءهم الدوليين إلى حرب كونية تقضي عليها نهائياً وبالتالي تقضي على المصالح الاقتصادية والعسكرية الأميركية في المنطقة.
لقد ظنّ الوزير السعودي سعود الفيصل أن هجومه على الدولة السورية ونعت قيادتها بأبشع النعوت وهو في مطار القاهرة للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب سيغيّر المسار المصري الجديد الذي نصحه خلاله وزير الخارجية المصري نبيل فهمي بالتواضع وأخذ الأمور بدبلوماسية حذرة تتقن فن التعامل مع المستجدّات العالمية بعيداً من الحقد الشخصي الذي يكنّه للرئيس بشار الأسد وإيران وحزب الله. هذا الجهل القائم على تصوّرات مضلّلة لعقولهم المتخذة بالدعم الأميركي المطلق القائم حكماً على المصالح الدولية حيث دونها التطلع إلى الأبعاد التي قد تنتج عن التخلي عن العملاء أو الحلفاء كما يسمون أنفسهم في اللحظات التي تصبح فيها مصلحة الشعب الاميركي فوق كل الاعتبارات والدلائل عبر التاريخ القديم والحديث والقريب خير شاهد ودليل. لهذا فإن ما تبديه وسائل بندر السعودي ووزير الخارجية سعود الفيصل من تشنّج باتجاه سورية ومن رفض لإيقاف العدوان الأميركي لا يفتح له حساب موقع في البيت الأبيض الأميركي مهما تشنجت المواقف المعادية عند الحليف السعودي وقبله النموذج القطري لأن قرارات الرئاسة الأميركية لها أبعاد مختلفة تضمن في الشكل والمضمون المصلحة الأميركية العليا.

السابق
بيونسيه تبدأ عطلتها العائلية
التالي
الجامعة اللبنانية تطلب أساتذة صيدلة